لماذا نموت؟

لماذا نموت؟

سأموت... يومًا ما.

كّلنا سنموت... حتمًا.

ربّما اليوم، أو ربّما في الغد، في القريب العاجل أو الآجل. هذه الحقيقة تُشعرني بقلقٍ وجوديّ. فأنا مهما فعلت، ومهما علا شأني، يومًا ما سأنتهي. وجودي مهدّد بالزوال. فما معنى الحياة إذن؟ أليس كلّ ما أحياه باطل؟

سرٌّ كبيرٌ لم يقدر أحد أن يكشف عُمقه لي، ولم تسمح اختباراتي الأليمة معه أن أفهمه. ربّما إذا تأملّناه، عرفنا أنّه الحقيقة الأكيدة الوحيدة الذي لا يُغِشّ ولا يُغَشّ.

أمّا كيف نموت، فلندع أهل العلم يفسّروه لنا : تعدّدت الأسباب أمّا الموت فواحد...

سأموت... ما يُشغل بالي حقًّا هو ذاك السؤال : لماذا أموت؟ ولماذا الحياة إن كنت أصلًا أموت؟ 

يا صديقي، بكلّ بساطة، لكلّ شيءٍ نهاية. هو حقٌّ مطلق أن يكون لكلّ الأشياء نهاية، فوحدها النهاية تُعطي الأشياء معنى. ويوم يتحقّق المعنى، تموت الأشياء، لأنّ لا حاجة لها بعد اليوم. حتّى الكنيسة، في بعدها المنظور، إلى زوال. فغايتها أن يتحقّق ملكوت يسوع على الأرض. ومتى أتى، تزول، لأنّها تكون قد حقّقت ذاتها. 

الموت هو ما يعطي الحياة معنى. فيوم يتحقّق معنى الحياة، أنت لن تعود بحاجةٍ إليها. ذاك الجسد الذي لبسته في هذه الحياة قيّمٌ جدًّا. من ناحيةٍ تملؤهُ الكرامة والجمال، لأنّه صنع يديّ اللّه، ومن ناحيةٍ أخرى، يحملُ معنى وجودك. فيه تحيا أنت رسالتك الخاصّة. ويوم يتحقّق سبب وجوده، لن تعود بحاجةٍ إليه. فتتعرّى من ثوب جسدك المنظور هذا، ولا يبقَ إلّا ثوب المسيح الذي لبسته يوم المعموديّة.

الموت حقّك. لا تفرّط فيه! ويوم تأتي الساعة، ما أشهى أن تكون قد حقّقت ملء ذاتك، وأتممت السعي الحسن، وبلغت في جسدك المنظور ملء قامة المسيح. ما أحلا الموت مع المسيح، لأنّنا إن متنا معه، فقط معه، نحيا معه.