سلاحٌ ينتصر دومًا...

سلاحٌ ينتصر دومًا...

كم يغبطني عندما أعود في الذاكرة إلى أوائل تموز 2016 عندما وقفت أمام قبر القديس فرنسيس في إيطاليا متأملًا غنى ذاك الفقير الذي احتلّ الأرض بشجعاته وجرأته وبشارته. عذرًا إن خانتني الكلمات، فالأحرف تعجز عن وصف تلك اللّحظات.

 سأكتفي بفكرتين مميّزتين أشبّههما بمعركتين خاضهما الأسيزيّ المناضل لينقذ الرهينة الإنسان من براثن الظلم والحقد والإستعباد.

 التجرّد والفقر، سلاحٌ تسلّح به فرنسيس ليحارب الفساد وعبوديّة المال. هو الذي كان تاجرًا غنيًّا من عائلة نبيلة باع ما يملك ورفض ثروة أبيه وجال العالم كرجلٍ فقير مكرّسًا وقته لخدمة الفقراء والمرضى وترميم الكنائس المهدمة والمهجورة. وسرعان ما لفت العالم إليه بسبب عيشه لما ينادي به، فجذبهم صدق هذا الفقير وملؤه من الفرح الإلهي.

 السلاح الثاني هو الحبّ والسلام. أشهر فرنسيس هذا السلاح في الحروب الصليبية! نعم، شارك فرنسيس بالحروب الصليبية وبالأخص في الحملة الخامسة وتحديدًا في الصفوف الأمامية. ولكن، معركته كانت مختلفة جدًّا عن معركة الآخرين. دخل خلسةً إلى أحد معسكرات العرب في مصر وراح يخبرهم عن المسيح وينقل لهم صورة إله السلام والحب عوضًا عن صورة القتل والدمار والكراهية.

 

ختامًا، في عصر السباق إلى التسلّح، هوذا فرنسيس الذي احتلّ العالم بسلاح المحبّة والسلام وفرض ضريبة التجرّد والفقر على ذاته فأغنى الكثيرين.فلنهتف جميعًا نشيد الظفر مع مار فرنسيس : " يا ربّ إستعملني لسلامك، فأضع الحبّ حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءةـ والإتّفاق حيث الخلاف، والحقيقة حيث الضلال، والإيمان حيث الشكّ، والرجاء حيث اليأس، والنور حيث الظلمة، والفرح حيث الكآبة. أمين.