على مثال من؟

على مثال من؟

نَعيشُ في لبنانَ في ألآونةِ ألأخيرةِ "عجقةَ" إنتخاباتٍ و"عجقةَ" مرشّحين.
 بكلامي هذا أتوجّهُ الى كلِّ مرشَّحٍ مسيحيٍّ.

حضرةَ المرشَّحِ الكريمِ، قدّمْتَ نفسَك مرشَحًا لمنصبٍ تكثُرُ فيه الخدمةُ!
ولكي أُساعدَك على توضيحِ المفهومِ المسيحيِّ للخدمةِ، أضعُ بين يديك المشروعَ الإنتخابي للخادمِ الأولِ "يسوعَ المسيحِ".
هذا الرّجلُ عندما أرادَ خدمتَنا نحن البشر، تواضعَ وتنازلَ عن عرشِ أبيه وصارَ إنسانًا "هو الّذي لم يعُدَّ مساواتِه للهِ غنيمةً بل أخلى ذاتَه آخذاً صورةَ إنسانٍ" (فل2/7) فيا ليتَك تتواضعُ وتنزِلُ عن عرشِك أيّها المرشَّح ُوترى مِنْ حولِك ماذا يجري وما هي حاجاتُ أبناءِ وطنِك وكما تقولُ مريمُ العذراءُ في نشيدها (لو1/46-55) "أنزلَ الأقوياءَ عنِ الكراسي ورفعَ المتواضعين"؛ فاجعلْ من التّواضعِ شريعتَك.
هذا الرّجل قضى حياتَه كلَّها بالتجوُّلِ ما بين الجليلِ واليهوديَّةِ مبشّرًا وهاديًا النّاسَ الى طريقِ الخلاصِ وطريقِ الملكوتِ ، كانَ يجولُ القرى والمدنَ من دونِ توقُّفٍ ساهرًا على كلِّ حاجاتِ ألإنسانِ المادّيةِ منها والرُّوحيّةِ، وكانَ شعارُه ألأولُ والأخيرُ في الخدمةِ "جئتُ لِأخدُمَ لا لأُخْدَمَ" (متّى 20/28). فيا ليتَك لا تُحَرِّفُ هذا الشِّعارَ وتحوّلُه الى "كلُّكم خَدمٌ لديّ" و"أنا ألآمرُ النّاهي في كلّ شيءٍ" لا بل إسعَ دومًا لخدمةِ أبناءِ وطنِك على غرارِ يسوعَ.
هذا الرّجلُ عندما أوكلَ الرّعايةَ لبطرسَ (يو21/15-19) أوكلَه رعايةَ الحملانِ والنّعاجِ والخرافِ. يكونُ بذلك يوكِلُه القطيعَ كلَّه دونَ تفرقةٍ أو تميّيزٍ، فيا ليتَك أيّها المرشَّحُ لا تميّزُ بين الّذين توكّلْتَ ألإهتمامَ بشؤونِهم ولا تجعلُ للمحسوبياتِ مكانَا في خِدمتِك، بل عامِلْ الكلَّ كما وأنهم بأجمَعِهم محسوبون عليك. ولا تدعُ للقرابةِ والمصالحِ بأن تتقدمَ على ما هو لخيرِ كلِّ إنسانٍ وكلّ الإنسانِ.
هذا الرّجلُ، في رعايتِه للقطيعِ اهتمَّ ويهتمُّ به جيداً، وأشارَ بأنَّ الرّاعيَ الصَّالحَ هو الّذي يضحّي بنفسِه لأجلِ الخرافِ وليس العكسُ، ليتك أيُّها المرشَّحُ تعملُ جاهدًا لئلّا تضحّي بأبناءِ وطنِك لأجلِ مصالحِك وألّا تضحّي بالوطنِ لأجلِك ولأجلِ خدمتِك ضاربًا عرضَ الحائطِ مصالحَ الشّعبِ فيصبحوا هم الضّحيةَ.
ختامًا، كي لا أطيلَ الكلامَ، أيّها المرشّحُ، إنّ يسوعَ بتجسُّدِه أعطانا الحياةَ ألابديّةَ ووهبَنا الغلبَةَ على الموتِ، لا أطلبُ منك هذا إنَّما أطلبُ منك أنْ تتبنَّى مشروعَ يسوعَ الإنتخابيَّ جاعلاً من الخدمةِ المسيحيّةِ شريعةَ حياتِك، وإنْ لم تستطِعْ فالعودةُ عنِ الخطأِ فضيلةٌ.
وأقولُ ما يقولُه الخادمُ الأوّلُ، "ما مِن خادمٍ أعظمَ من سيّدِه" (يو13/16) ، وكما قالَ يسوعُ "من يخدمْني فليتبعْني وحيثُ أكونُ أنا يكونُ أيضًا خادمي..." (يو12/26).

والآن، حضرةَ المرشّحِ الكريمِ على مثالِ مَنْ تريدُ أنْ تكون؟