كَسر الكلمة - الرسائل -12- عيد الدنح المجيد

كَسر الكلمة - الرسائل -12- عيد الدنح المجيد

عيد الدنح المجيد: اعتلان سرّ المسيح
(طي 2: 11 – 3: 7)
11 لأَنَّ نِعْمَةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَتْ خَلاصًا لِجَمِيعِ النَّاس،
12 وهِيَ تُؤَدِّبُنَا لِنَحْيَا في الدَّهْرِ الـحَاضِرِ بِرَزَانَةٍ وبِرٍّ وتَقْوَى، نَابِذِينَ الكُفْرَ والشَّهَوَاتِ العَالَمِيَّة،
13 مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ السَّعِيد، وظُهُورَ مَجْدِ إِلـهِنَا ومُخَلِّصِنَا العَظِيمِ يَسُوعَ الـمَسِيح،
14 الَّذي بَذَلَ نَفْسَهُ عَنَّا، لِيَفْتَدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْم، ويُطَهِّرَنَا لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا، غَيُورًا على الأَعْمَالِ الصَّالِحَة.
15 تَكَلَّمْ بِهـذِهِ الأُمُورِ وَعِظْ بِهَا، ووَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَان. ولا يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَد.
1 ذَكِّرْهُم أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِين، ويُطِيعُوهُم، ويَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح،
2 ولا يُجَدِّفُوا على أَحَد، ويَكُونُوا غَيْرَ مُمَاحِكِين، حُلَمَاء، مُظْهِرِينَ كُلَّ ودَاعَةٍ لِجَميعِ النَّاس.
3 فَنَحْنُ أَيْضًا كُنَّا مِنْ قَبْلُ أَغبِيَاء، عَاقِّين، ضَالِّين، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَواتٍ ولَذَّاتٍ شَتَّى، سَالِكِينَ في الشَّرِّ والـحَسَد، مَمْقُوتِين، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا.
4 ولـكِنْ لـَمَّا تَجَلَّى لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنَا، ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَر،
5 خَلَّصَنَا، لا بِأَعْمَالِ بِرٍّ عَمِلْنَاهَا، بَلْ وَفْقَ رَحْمَتِهِ، بِغَسْلِ الـمِيلادِ الثَّاني، وتَجْدِيدِ الرُّوحِ القُدُس،
6 الَّذي أَفَاضَهُ اللهُ عَلينَا بِغَزَارَة، بِيَسُوعَ الـمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا.
7 فإِذا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَارِثِينَ وَفْقًا لِرَجَاءِ الـحَياةِ الأَبَدِيَّة.

مقدّمة
يَفتتحُ هذا العيدُ المبارَكُ زمنًا طقسيًّا جديدًا هو زمن الدنح. وفي هذا العيدِ تضعُ الكنيسةُ أمامنا قراءةً من رسالة القدّيس بولس إلى تلميذِه طيطس، يتطلَّع فيها إلى الوقت الَّذي لم يكنْ فيه يعرفُ لطفَ الله، ويُقيمُ مقارنةً بين واقعِه والفرحِ الَّذي يعيشُه. كما ويوصي تلميذَه طيطس بأن يعيش الشّجاعة والتّواضع، وبأن يكونَ همُّه الوحيدُ خدمةَ الرَّبّ الَّذي يلهمُه العملَ بالرُّوح القدس. هذا ما فعله يوحنَّا المعمدان الَّذي دعا إلى التوبة وبشَّر بشجاعةٍ وتأنيبٍ غيرَ مبالٍ بما سيكلّفه ذلك من ثمنٍ. وفي عمادِه، "ابنُ اللهِ شقَّ الجمعَ وافى النَّهرَ، اهتزَّ ماء المعموديَّة، اشتفَّ سرَّ" (قدَّاس عيد الدنح المجيد، لحن البخور) تضامنه مع الخطأة حيث "عمَّد العبد المولى" (قدَّاس عيد الدنح المجيد، نشيد الدخول).

شرح الآيات
11 لأَنَّ نِعْمَةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَتْ خَلاصًا لِجَمِيعِ النَّاس،
بعد وصفِ المجموعاتِ المختلفةِ من النَّاس وحاجاتِهم المختلفةِ، لخَّصّ الرسولُ بولسُ إرشاداتِه بأنَّ "جميعَ النَّاسِ" يمكنُهم أن يخلصوا. "ظهرت" هذه الإمكانيَّةُ، لأنَّ نورَ "نعمة الله"، الَّذي كان لقرونٍ عديدةٍ غامضًا على النَّاس، أصبح الآن معروفًا. إنَّه اللهُ الَّذي أعطى القوَّةَ الَّتي تُسندُ الانسانَ ليعيشَ، لا بإمكانيَّاتِهِ البشريَّةِ، بل بإمكانيَّاتِ اللهِ القادرِ على كلّ شيءٍ. هذه النِّعمةُ متاحةٌ "لجميع النَّاس"، ولكن من يخلص هو الَّذي يقبلها ولا يزدريها.

12 وهِيَ تُؤَدِّبُنَا لِنَحْيَا في الدَّهْرِ الـحَاضِرِ بِرَزَانَةٍ وبِرٍّ وتَقْوَى، نَابِذِينَ الكُفْرَ والشَّهَوَاتِ العَالَمِيَّة،
يشرح القدّيس بولس، في هذه الآية، الطَّريقةَ الَّتي يحتاجُ إليها النَّاس لكي يخلصوا: أن يتطهَّروا من خطاياهم. للتخلُّصِ من الخطيئةِ، على المؤمنِ أن "ينبذ" الرغبات الدنيويَّة ويعيش "برزانةٍ وبرٍّ وتقوى" أمامَ اللهِ. فالعديدُ من أهلِ كريت، الَّذين كان طيطس أسقفَهم، أُحرِجُوا بتلك الرَّغباتِ، بينما حبُّ اللهِ لا يمكنُه أن ينموَ في المؤمنِ الَّذي يحبُّ العالمَ وما في العالمِ، مع أنَّه لا يمكنُه أن يُستَثنَى من العالمِ.
يتألَّفُ النَّموذجُ الجيِّدُ لحياةِ المسيحيِّ من ثلاثةِ وجوهٍ: أوَّلًا، كلُّ مؤمنٍ يجب أن يكون "رزينًا" (وردت هذه الكلمة أربع مرَّات في الرسالة إلى طيطس، راجع 2: 2، 5، 6، 12)، أي أن يضبط نفسه. هذا ما يتلاءم مع فكرة أن يكون المؤمن صادقًا مع نفسه، وأن يهذّب نفسه تهذيبًا يؤهّله للعيش بضميرٍ صالح؛ ثانيًا، يدعو الرسولُ بولسُ المؤمنَ إلى أن يكون "بارًّا"، أي أنْ يعيشَ سلوكًا صالحًا أمام الآخرين؛ ثالثًا، أن "يكونَ قائدًا" يقود المؤمن حياةً "تقيَّة" أمام الله.

13 مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ السَّعِيد، وظُهُورَ مَجْدِ إِلـهِنَا ومُخَلِّصِنَا العَظِيمِ يَسُوعَ الـمَسِيح،
14 الَّذي بَذَلَ نَفْسَهُ عَنَّا، لِيَفْتَدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْم، ويُطَهِّرَنَا لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا، غَيُورًا على الأَعْمَالِ الصَّالِحَة.

عندما يتجاوب البشر مع نعمة الله الظَّاهرة، تكون النَّتيجة "الرجاء السَّعيد" لظهورٍ (باللغة اليونانيَّة epiphania) آخر، هو في المطاف الأخير "مجد إلهنا ومخلّصنا العظيم يسوع المسيح" الَّذي سيتمُّ في آخرِ الأزمنةِ. ظهورُ يسوعَ الأوَّلُ "ليفتدينا من كلّ إثمٍ، ويطهِّرُنا لنفسِه شعبًا خاصًّا، غيورًا على الأعمالِ الصَّالحةِ" يؤدّي بنا مباشرةً إلى توقُّعِنا الخلاصةِ النِّهائيَّةِ لكلِّ الأشياءِ في مجيءِ الرَّبِّ الثَّاني: الظُّهورُ الأخيرُ.
لذلك، هناك ظهوران: الأوَّل، من أجلِ خلاصِنا وفدائنا، وقد أكملَه اللهُ في المسيحِ "لا بأعمالِ برّ عملناها، بل وفقَ رحمتِه" (طي 3: 5). والثَّاني، عندما "نتبرَّرُ بنعمتِهِ" (طي 3: 7)، ندخلُ فعليًّا الحياةَ الأبديَّةَ. نشترِكُ في الثَّاني عندما نحبُّ ونبرَهِنُ حبَّنا بحياةٍ إلهيَّة غنيَّة "بالأعمال الصَّالحة".  

15 تَكَلَّمْ بِهـذِهِ الأُمُورِ وَعِظْ بِهَا، ووَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَان. ولا يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَد.
يوجِّه بولسُ تلميذَه طيطس إلى تعليمِ شعبِه التَّعاليمِ السَّابقةِ الَّتي تكلَّمَ عليها في هذا الفصلِ، وأن يعلِّمَ ويعظَ في كلِّ مناسبةٍ بهذا الكلامِ. ومن يخالِفُ هذه التَّعاليمَ، فليكُنْ حازمًا معه ويوبِّخُه ليتوبَ، لأنَّ عليه أنْ يتكلَّمَ بسلطانِ الأسقفِ المُعطى له من المسيح ليرعى شعبَه. ثمَّ يحذّرُه بألَّا يصنَعَ شيئًا غيرَ لائقٍ يجعلُهم "يستهينون به"، بل أن يتكلَّم بثقةٍ في المسيحِ الَّذي يتكلَّمُ على لسانِه مهما عارضَه المقاومون.

1 ذَكِّرْهُم أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِين، ويُطِيعُوهُم، ويَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح،
في القضايا المدنيَّة، على المسيحيّين أن يتصرَّفوا دائمًا باحترامٍ للسّلطة (راجع أيضًا أعمال 23: 1-5؛ 1 بط 2: 13-17). يشخّصُ السلوك هنا الدعوة إلى "أن يخضعوا" وأن "يطيعوا". الطَّاعة تعني أن يقوموا بذلك، في حين أنَّ الخضوع يحمل فكرة موقفهم في ما يعملون؛ أي أنَّ ما يصنعونه بضميرٍ صالح ومسلكٍ حسن سيؤول عليهم بالخير.
فالخضوعُ والطَّاعةُ يجبُ أن يأتيا طبيعيًا إن كانوا هم شعب الرَّبّ "مستعدّين لكلّ عملٍ صالح" (راجع أف 2: 10؛ غل 6: 9، 10). لكن يجب أن ينتبهوا إلى أنَّ الطاعة للحكَّام هي في ما يخصّ "الأعمال الصَّالحة"، وأمر بولس هذا يستثني الطَّاعة للحكَّام الَّذين يطلبون من المسيحيّين القيام بأعمالٍ شرّيرة (راجع روم 13: 1-7). لم يقترح بولس أن ينظّم المسيحيّون مسيراتٍ ويلوّحوا بيافطات، ولكن دعاهم إلى أن يسيروا على خطى المسيحِ وأن يضعوا مثالًا عامًّا في التقوى والسُّلوك الأخلاقيّ.

2 ولا يُجَدِّفُوا على أَحَد، ويَكُونُوا غَيْرَ مُمَاحِكِين، حُلَمَاء، مُظْهِرِينَ كُلَّ ودَاعَةٍ لِجَميعِ النَّاس.
في القضايا الاجتماعيَّة، على المسيحي الَّذي يسير سيرةً صالحةً أن يتجنَّب بعضَ الأعمالِ: * ألَّا "يجدّف على أحد" ويؤذيه، فهذا النَّوع من الكلام لا يلائم دعوته أبدًا، لأنَّه يجب أن لا يُخرج كلامًا فاسدًا من فمه (راجع أف 4: 29؛ قول 4: 6). فمثل هذا الكلام لا يخدم الأهداف الصَّالحة ولا يبني العلاقات الإنسانيَّة.
* المسيحي "لا يُماحِك"، بل يكون "حليمًا" خاصَّةً في المواقف الَّتي قد يحصل فيها جدلٌ. وعليه أيضًا أن "يُظهِر كلَّ وداعةٍ لجميع النَّاس". عبارة "يُظهر كلّ وداعة" باللغة اليونانيَّة (endeiknuménous praóteta)، تعطي انطباعًا بقوَّة الإقناع، ولكن تلك القوَّة تبقى تحت السَّيطرة (اللجام). 

3 فَنَحْنُ أَيْضًا كُنَّا مِنْ قَبْلُ أَغبِيَاء، عَاقِّين، ضَالِّين، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَواتٍ ولَذَّاتٍ شَتَّى، سَالِكِينَ في الشَّرِّ والـحَسَد، مَمْقُوتِين، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا.
ابتداءً من هذه الآية، يعطي بولس بعض المميّزات الَّتي تشرح ضرورة التَّوبة الَّتي تقود إلى التغيير في المنهج والسُّلوك. لذا يوجّه دعوةً لتغيير "الغباوة" الَّتي لا تعرف ما هي الأفضل؛ والتصرُّف "العاقّ" الَّذي يكره التَّعليمات ويقاوم الإصلاح، ولا يصغي للَّذين يرشدونه فيدمّر ذاته؛ و"الضلال" الَّذي يوقع في فخّ الإغراء والكذب؛ "والشهوات واللذَّات" الَّتي تصطاد الانسان وتستعبده.
بموجب وصف الرَّسول بولس، أولئك الَّذين لا يعرفون المسيح، يسلكون في "الشرّ" و"الحسد". فعندما يحسدون يستعدّون للمشاكل، لأنَّه "كما يأكل العثُّ الثَّوبَ، كذلك يعمل الحسد في استهلاك الانسان" (القدّيس يوحنَّا فم الذهب). إنَّه من الطَّبيعي لمثل هؤلاء أن يكونوا "ممقوتين" ومؤذين لأنفسهم ولكلّ من يدخل في دائرة تأثيرهم.

4 ولـكِنْ لـَمَّا تَجَلَّى لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنَا، ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَر،
5 خَلَّصَنَا، لا بِأَعْمَالِ بِرٍّ عَمِلْنَاهَا، بَلْ وَفْقَ رَحْمَتِهِ، بِغَسْلِ الـمِيلادِ الثَّاني، وتَجْدِيدِ الرُّوحِ القُدُس،
6 الَّذي أَفَاضَهُ اللهُ عَلينَا بِغَزَارَة، بِيَسُوعَ الـمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا.
7 فإِذا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَارِثِينَ وَفْقًا لِرَجَاءِ الـحَياةِ الأَبَدِيَّة.

فيما يعيش الانسان مبغضًا لأخيه، تأتي النعمة الإلهيَّة لتقدّم تغييرًا إيجابيًّا بفوائدَ أبديَّة. بعد كلّ المحن الكبيرة الَّتي تعود إلى غباوة البشر، ما أعظم "لطف الله"، الَّذي يعبّر عن "محبَّته للبشر" (طي 3: 4). المعنى الَّذي استعمله بولس هنا لكلمة "محبَّة" ليس معنى كلمةagape  اليونانيَّة الَّتي ترافق الله عادةً؛ لكنَّه استخدم كلمة filanthropía الَّتي تعبّر عن "الحبّ الخيريّ" ولطف الله اللَّامحدود. صفة أخرى من طيبة الله هي "الرحمة". مقارنةً مع حاجاتِنا الكبيرةِ "خلَّصنا" (طي 3: 5) نحن الَّذين أخطأنا ولا يمكن أن نفعل أيَّ شيءٍ لخلاص نفوسنا (راجع روم 3: 23؛ 5: 6-11؛ 2 قور 3: 5، 6). تتميّز مغفرةُ الله لنا بعفعْلَين: (1) ("غِسْلُ الميلاد الثَّاني" طي 3: 5) في المسيح يسوع؛ (2) و"تجديد الرُّوح القدس" (طي 3: 4) في تحقيق وعده الإلهيّ. لذلك، فالولادة الثانية والتجديد فتَحا للمؤمن إمكانيَّة "التبرير بالنّعمة" و"وراثة الحياة الأبديَّة" (طي 3: 7).

خلاصة روحيَّة
في الرسالة الَّتي وجَّهها القدّيس بولس إلى تلميذه طيطس، نجد مختصرًا لشرعة العمل المسيحيّ الَّتي تنطبق على كلّ إنسانٍ في أيّ مكانٍ وأيّ زمان. أراد القدّيس بولس أن يتحلَّى تلميذُه بالجرأةِ والشَّجاعةِ المقرونَتَين باللُّطفِ والوداعةِ الَّتي علَّمنا إيَّاها المسيح. وركّز في إرشاده على الطاعة والخضوع. ومعنى الطَّاعة الإراديَّة الَّتي تتطلَّب تواضعًا، يتردَّد في صلواتنا الليتورجيَّة، بخاصَّةٍ في عيدِ الدِّنحِ: "تباركتَ، أيُّها المسيح كلمة الله، يا من بإرادتكَ أخليتَ ذاتكَ واتَّخذت صورة إنسان، وأعطيتنا عربونَ الحياةِ في مياهِ العمادِ، وقدَّستنا وجعلتنا ورثةَ ملكوتِكَ" (سدرو صلاة الغفران في قدَّاس عيد الدنح المجيد)؛ ذلك الخضوع الطوعيّ من أجلِ خيرِ الآخرين. التواضع والوداعة هما كنز الفقراء إلى الله، الَّذين يضعون في الرَّبّ رجاءهم لأنَّه هو يهتمُّ بهم ويدافع عنهم. فما على المؤمنِ إلَّا أنْ يعيشَ الحقيقةَ "النَّاصعةَ البياضِ" لأنَّه مع الرَّب لا يوجد "مماحكةٌ"، ولا لونٌ "رماديٌّ" بل لونٌ أبيضُ كاملٌ وخلاصٌ مفتوحٌ بابُه للجميع،ِ وما علينا سوى التجاوب لنواله.
كلٌّ منَّا يمرُّ بفترات فتورٍ وابتعاد، ولكن يجب ألاّ تطول هذه المدّة. لذلك نحن مدعوّون، في مناسبة عيدِ الدنحِ،  إلى تجديدِ إيمانِنا وثقتنا بالرّبّ، بعد أن جعلنا بالمعموديَّة أبناءً له في "مدينة القدّيسين" (أف 2: 19).


تحميل المنشور