جمال الزّواج المسيحيّ

جمال الزّواج المسيحيّ

في إطار التعاليم والأحاديث حول العائلة، تطرّق البابا فرنسيس في إحدى عظاته سنة 2015 إلى جمال الزّواج المسيحيّ. يرى البابا أنّ الزّواج المسيحيّ ليس مجرّد احتفالٍ يُقام في الكنيسة مع الأزهار والثياب الجميلة والمفرقعات ويُتبع بالمأكولات اللشّهيّة... الزّواج المسيحيّ هو سرٌّ يتمُّ في الكنيسة ويَبني الكنيسة أيضًا مولّدًا جماعةً عائليّةً جديدةً مدعوّةً إلى أن تجعل حبَّ الله مرئيًّا للبشريّة جمعاء. 

 

الزّواج المسيحي: سرّ

بإلهامٍ من الرّوح القدس، عرّف القدّيس بولس في رسالته إلى أهل أفسس الزّواجَ المسيحيّ بأنّهُ سرٌّ قائلًا: "إِنَّ هذا السِّرَّ – سرُّ الزّواج – لَعَظيم، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ" (أف ٥/ ۳۲). فالحبّ بين الزّوجين هو صورةُ الحبّ بين المسيح والكنيسة. صورةٌ جميلةٌ جدًّا أعطانا إيّاها القديس بولس لكي يقول لنا أنّ الحبّ بين الزّوجين نعمةٌ مِن الله، تتخطّى ضعفهم البشريّ ومحدوديّتهم.

هذه المقارنة بين الرّجل والمرأة من جهةٍ، والمسيح والكنيسة من جهةٍ أخرى، هي مقارنةٌ غير كاملةٍ ولكنّهُ ينبغي علينا أن نفهم معناها الرّوحيّ المبدع والبسيط في آنٍ واحد، وفي متناول كلّ رجلٍ وامرأةٍ يتّكلان على نعمة الله. في هذا السّياق يقول بولس الرّسول أنّ على الزّوج أن يحبّ الزوجة "حبّه لجسده" (أف ٥/ ۲۸)، وأن يحبها كما "أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها" (أف ٥/ ۲٥). وعلى الزّوجة الخضوع لزوجها خضوع الكنيسة للمسيح. وعلى الزّوج التّضحية بذاته لزوجته كما بذل يسوع نفسه من أجل الكنيسة. فلم يعد الخاضع يخضع خضوعًا أعمى بل خضوعه هو علامة ثقةٍ بالحبيب الذي سيعطيه ذاته بالكامل. فيصبح الحبيب طعام المحبوب كما أنّ المسيح هو طعامٌ لنا نحن الكنيسة. هنا يكمن جمال هذا السّر. 

 

سرّ الزّواج يبني الكنيسة

الكنيسة تُبنى بنجاحِ كلّ زواجٍ مسيحيٍّ وتُعاني إذا ما فشلَ. لذلك فإنّها معنيّةٌ بقصّةِ كلِّ زواجٍ وتحثُّ أبناءها على أن يكونَ زواجُهُم صورة الحبّ بين المسيح والكنيسة. أي أنّه ينبغي على كلّ زواجٍ أن يسير في درب المحبَّة عينها التي تربط يسوع بالكنيسة.

إنّه لأمرٌ عظيمٌ أن يثِقَ الله بالأزواج بالرغم من ضعفهم ومحدوديتهم. نعم فإنّ الله يعتمد على العائلات لكي يبني ويجدّد كنيسته. فبقدر ما يُبنى الزّواج على الحبّ الحقيقيّ تُبنى كنيسة المسيح. 

 

المشاركة في رسالة الكنيسة في جعل الحبّ مرئي

إنّ سرّ الزّواج يحتوي أيضًا على بُعدٍ إرساليّ وهو أن يحمل المرء في قلبه الاستعداد ليكون أداة بركة الله ونعمة الربّ للجميع.

إنّ تحدّيات الزّواج كثيرةٌ في عالمنا اليوم، لذلك نحن بحاجةٍ إلى شبّانٍ وشاباتٍ شجعان لكي يتحمّلوا ثقل الحياة وأن يتحلّوا دائمًا بروح الوداعة والتواضع. فعلى الأزواج أن يكونوا أيقونة الحبّ الإلهيّ. كل مرّةٍ نرى فيها زوجين مسيحيّيَن حقيقيّيَن نرى من خلالهما صورةَ حبّ الله للكنيسة.

فعلى مثال أمّنا مريم علينا أن نبني عائلاتنا المسيحيّة بأن نضع ثقتنا بالرّب أوّلا ونقول له "نعم" بفرحٍ كبيرٍ وأن نظلّ واقفين أمام الصّليب مستعدّين أن نرى فيه أداة خلاص.