في صمتي... تكلّمتَ ربّي!

في صمتي... تكلّمتَ ربّي!

"وأنت يا إيلي، تكون صامتًا، لا تقدر أن تتكلّم، حتّى اليوم الذّي يحدث فيه ذلك، لأنّك لم تؤمن بكلامي الذي سيتمّ في أوانه" (لو1/ 20).

ومن قال لك يا ربّ أنني أريد ذلك، من قال أنّ هذه كانت صلاتي حتّى تُستجاب؟ من قال لك أنّني كنت أصليّ أساسًا أو كنت أكلّمك؟

نعم، تمامًا مثل زكريّا، أكون حاضرًا كلّ يوم أمام قدس أقداسك – لا أنتظر القرعة – ولكن من قال لك يا ربّ أنني أحتاج إلى ذلك الصمت؟ في الأصل كلامي أمامك دون معنًى، لا أعرف ماذا أقول لك، لا أعرف كيف أخاطبك.

لا أكترث إن كنت عاقرًا، أو إن حان دوري أن أرفع صلاة الشّعب – ولو عَلِمَ عُقمي الرّوحيّ لما طلب مني أن أصلي من أجله – إنّك حقًّا مزعج يا ربّ، لا تنفكّ تُقلق راحتي، أتركني بسلام، لا تدخل عليّ ولا تجعلني أضطرب! تريد من خلالي أن تُهيّء لقدوم المخلّص، أأنت متأكّد من خيارك؟ أنا لا أجرؤ حتّى أن أنظر إليك، كيف تريد من خلالي أنا العقيم روحيًّا أن أساهم في هذا التّحضير؟ لا تتأخّر يا ربّ في إجابتي، تعقد لساني لتفتح أذنيّ، إنتظرتني طويلًا كي أصمت من تلقاء نفسي ولكن ضعفي لا يجرؤ على ذلك.

أسكتني لأسمع دقّات قلبك عندما أميل على صدرك كالتّلميذ الحبيب (يو13/ 23).

أسكتني لأسمعك تقول لي "قد شئت فآطهر" (مر1/ 41).

أسكتني لأراك تنظر إليّ من أعلى جمّيزتي وتدعوني لأنزل فتدخل تحت سقف بيتي (لو19/ 5).

أسكتني لأسمعك تدعوني فأترك كلّ شيء (مر1/ 18).

أسكتني لأسمع صوت إصبعك يَخُطّ على الرّمل قائلًا لي: "إذهب ولا تعُد إلى الخطيئة" (يو8/ 11).

أسكتني لأسمعك تُسلِم الرّوح من على الصّليب فأُدرك مدى حبّك وبذل ذاتك من أجلي (يو19/ 30).

تدعوني باسمي: لا تخف يا إيلي، فقد استُجيبت طلباتك (لو1/ 13) – دون أن أتفوّه بها – تدعوني لأنهض من جديد، لأحوّل ضعفي إلى تمجيدٍ لك، تدعوني كما أنا، فمن خلال نقصي تُريد أن تصل إلى الآخرين.

فيا ربّ، إفتح شفتاي فينطق فمي بتسبيحك (مز51/ 15). إفتح شفتاي فأشهد لأعمالك في حياتي. إفتح شفتاي فلا تكون إلّا أنت "الكلمة" على لساني... وإلّا سأصمت إلى الأبد.