المشروع الكهنوتي للخوري نعيم صقر

المشروع الكهنوتي للخوري نعيم صقر

ها قد انتهت سنوات التّنشئة وبدأت مسيرة الكهنوت، أستهلّ مشروعي الكهنوتيّ الّذي أقدّمه لسيادتكم  بشكر الرّبّ على كلّ النّعم الّتي منحني إيّاها لنيل هذه الدّرجة المقدّسة.


"رجائي أنت يا سيّدي الرّب وعليك اتّكلت منذ صباي" (مز 5،71)

استوقفتني هذه الآية وجعلتني أغوص في يمّ إيمان نما في قلبي منذ حداثة سنّي إذ نشأت وترعرت في كنف عائلة مسيحية ملتزمة جعلت من فؤادي مقرّ ثقة بالخالق رغم قساوة الظّروف الّتي أحاطت بنا آنذاك من حرب وتهجير،ولم يتزعزع هذا الإيمان علمًا أنني فقدت أخي الأكبر عن عمر يناهز العشرين لأنّ المسيح حقًا قام وعمق ثقتي برحمته  شاهدة على ذلك.

توالت السّنوات وتابعت دراستي الجامعيّة في "المراجعة والخبرة في المحاسبة"  في معهد الفنّيّ  التّربوي في الدكوانة ولم ينفك صدى الدّعوة يتردّد في قلبي... 

 أنهيت دراستي وأتممت "خدمة العلم" الالزاميّة  ولم يتلاشَ ذاك الصّدى...

الموسيقى لغة تجمع الشّعوب ولأنّ مَن رتّل صلَّ مرتين، درست الموسيقى في المعهد الوطنيّ، التزمت في جوقة الرعّية في الدّوّار وكان الفرح يتملّكني دومًا.

محبة الله تجذّرت في نفسي من خلال التّنشئة المسيحية في المدرسة وقد طمحت لدخول المدرسة الكليريكية في غزير؛ شاءت العناية الالهية أن أمضي فيها سنواتي الثّلاث الأولى وأكمل تنشئتي في إكليريكية مار اغوسطينوس كفرا- عين سعاده فيما بعد. 

مرّت تلك الأعوام وتوالت بعدها سنوات العمل ولم يبرح قلبي يتوق شوقًا لخدمة مذبح الربّ المقدّس وتحقيق ذاتي التي هي فيه، فممّا له أقدّم له.   


"حسبي أن أكون خادمًا في بيتك"

أنا هذا الإنسان الخاطئ الضّعيف؛ من أين لي أن أصبح مؤتمنًا على حبّه للبشر، وأكون سفيرًا لمحبّته؟! لا أستطيع شيئًا باتكالي على شخصي ومعرفتي وعلمي فقط، أنمّا معه فأستطيع كلّ شيء لأنّ نعمته وحدها تكفيني. همس صوته وبركته رفعا حياتي نحو هدفها الأسمى. فبهذه الرّوحانيّة أرغب أن أخدم رعيّتي...

قوام خدمتي حبّ الله والغوص في سرّه والتّبشير بإنجيله وزرع كلمته في النّفوس الّتي أُوكلت إليّ. بإيماني بالله الّذي خلقني وبالإبن الّذي افتداني وبالرّوح القدس الّذي يقود خطاي، وبطاعتي للكنيسة أمّي أعيش خدمتي بأبعادها الثّلاث: التّعليم والتّقديس والتّدبير.

التّعليم: 

"امضوا وتلمذوا كلّ الأمم" ؛ في رسالتي كمعلّم ومربٍّ في المدرسة، مع التّلاميذ والزّملاء الأساتذة في حسن السّيرة أنقل وديعة الإيمان كما في رعايتي وأبوّتي لأبناء رعيّتي، صغارًا وكبارًا، بين الأخويّات والجماعات الرّعائيّة، من خلال شهادات الحياة، المواضيع، العظات، السّهرات الإنجيليّة، الوقفات الروحيّة والخدمات الإجتماعية هكذا تبقى العلاقة بين الأشخاص حيّة ومقدّسة من خلال كلمة الله الحيّ.

التّقديس: 

أسير مع أبنائي الروحيّين نحو الهدف المنشود –القداسة- ووصيّة الرّب لشعبه: " كونوا قدّيسين لأنّي أنا الرّب إلهكم قدّوس" (أحبار 2،19) من خلال المحبة وممارستنا الأسرار والسّهر على حياتنا الرّوحيّة وحمل بعضنا البعض بالصّلاة، فنكون قلبًا واحدًا نصبو نحو قلب الربّ.


التّدبير:

 أراني كأب يسهر على تدبير عائلته، يعرف ما ينقص كلّ فردٍ منها، ويسهر عليها فيؤمّن حاجاتها لتنمو بحياة كريمة في مسيرتها نحو القداسة انطلقًا من وصية الرّب يسوع الذي جاء "ليخدم ويبذل نفسه فدًى عن كثيرين": (لوقا22،2-27 ) وقد علّمتني ظروف الحياة أيضًا أن أكون قريبًا من هموم النّاس ووجعهم، أنا الذي عرف شتّى أشكال العمل وأنواعه منذ  كنت في الصّف الخامس إلى يومي هذا، اختبرتُ من خلالها معاناة وتحدّيات العائلة عمومًا وشباب اليوم خصوصًا. وما زلت أناضل، حتّى أنني ثابرت وانكببت على الدّراسة فنلت سنة 2015  إيجازة تعليميّة في علم الإجتماع.

تزوّجت من "ليناأنطوان الغصين" ورزقنا بـ"إدوار" ونحرص على تربيته تربية مسيحيّة تليق بالله، عسى أن نحذو حذو العائلة المقدّسة فنقدّس الرّعيّة  وبدورنا نتقدس بأبنائها. عائلتي وأنا نضع أنفسنا وحياتنا بين يديه لنكون رسل كلمته وصدى تعاليمه حيثما حللنا.

في النّهاية أجدد شكري للرّب وأشكركم على سهركم ومرافقتكم لدعوتي الكهنوتيّة وسلفكم سيادة المطران يوسف بشارة السّامي الِاحترام. أدامكم الله بروح الخدمة وتقديس النّفوس كما أتعهّد بأنّني لن أكتفي بما أنا عليه اليوم بل سأسعى دومًا بقوة الله وببركتكم وبصلاة مرشدي الرّوحيّ وبدعم كلّ مَن حولي أن أقود سفينة حياتي ورعيتي وعائلتي نحو ميناء الخلاص والقداسة رغم كلّ التّحدّيات الدّنيويةّ...

"لقد آمنت بك يا ربّ فزدني إيمانًا، وعليك اتكلت يا إلهي فزدني اتكالًا، وإنّي أحبّك يا ربّ فزد حبّي اضطرامًا" وها هي دعوتي بين يديك فزدها قداسةً.