الخوري سامر الياس
مقالات/ 2016-07-14
نعيش اليوم في عالم كثرت به جروحات الحبّ والعاطفة، وأصبحا ثقل كبير على عاتق كثير من الناس، بحيث تبقى هذه الجروحات مزروعةً في القلب لسنين طويلة.
معظم هذه الجروحات تطبع في مرحلة الطفولة (ولسنا بصدد التكلّم عنها الآن)، أما هناك البعض منها تطبع في مرحلة المراهقة والشبيبة، حيث يكون الهمّ الكبير هو "الإرتباط بشريك عاطفي" أي "صاحب". وللأسف بغياب ثقافة "الحب والإرتباط"، وعدم شرح الأهل هذا الموضوع لأولادهم أو نوع من تنشئة لهم، تكثر المشاكك ويضطر الأولاد إلى العمل في الخفاء حيث مرات كثيرة يكون "الشيطان" الثالث في هذه العلاقة، ولا تستطيع الفتاة أن تخبر والديها عما تختبره وغيرها من المواضيع.
بالنسبة للشاب، أهله لا يتفهموه، بل معظم أقوالهما "ركّز على درسك هلّق"، "مش وقت الجهل هلّق"، "على شو بدّى تطلع فيك"، "وقت كنا بعمرك..."... وكلمات أخرى ليس لها معنى أو إفادة سوى خلق حاجز كبير بين الشاب وأهله. "إنقبر شيل هالتلفون من إيدك وقوم عمول شي يفيدك"،...
بالنسبة للفتاة، أهلها لا يتفهموها، ومعظم أقوالهما "ممنوع تضهري من البيت"، "مش وقت جهل هلّق، هلّق وقت درس"، "فكري بعقلك، هيدا الشاب ما في يعيشك" (وكأن اللحظة التي يرتبط بها الشاب مع فتاة يجب أن تتمّ الزيجة بسرعة)، "إذا بشوفك معو بكسّرلك إجريكي"، "إنقبري شيلي هالتلفون من إيدك وقومي ساعديني حاش عم تاكلي ... إنتي وياه"،...
ويتسائل الأهل لماذا أولادهم يخفون بعض الأمور عنهم.
ما أحاول كتابته الآن هو شرح 7 مبادئ أساسية من أجل علاقة ناجحة بين الشاب والفتاة. من أجل علاقة ناضجة، واضحة، تكون إختبار قوي لهما. 7 مبادئ كان على الأهل أن يشرحوها لأولادهم في مرحلة معينة من حياتهم.
1- في هذه العلاقة أنتم إثنين وليس واحد: لا يحقّ لك أن "تبلع" شخصية الشّريك، بحيث عليه دائماً أن ينفّذ ماذا تريد وماذا تحبّ وماذا ترى، فتحوّله إلى خادم وليس إلى شريك، يجب أن يبقى لكل واحد شخصيته وآراءه. كما لا يحق لك من كثرة حبّك للشريك أن تذوب به، وأن تلغي كامل شخصيّته، وإلا ستفشل العلاقة. تذكّر دائماً إن الآخر لا يريد أن يكون خادم لك، بل حبيب، والآخر لا يريدك خادم أيضاً بل حبيب. الحبّ دائماً يحتاج إلى إثنين، مرسل ومرسل إليه، الحبّ لشخص واحد مع نفسه يموت. الشريكين مثل وردتين، إذا هناك وردة واحدة دائماً تضحّي ودائماً تعطي من أوراقها، فهذه الوردة ستصل إلى مرحلة تصبح بشعة جداً بظر الآخر. الشريكين يضحيّان مع بعض، ويكبران مع بعض، يخسران مع بعض ويربحان مع بعض.
2- في هذه العلاقة أنتم إثنين وليس 15: من المحبذ بأن يكون لك صديق ما تشاركه أسرار هذه العلاقة، ومن المحبذ أيضاً أن يكون لدى شريكك صديق يشاركه أيضاً. ولكن لا يجب أن تشارك الجميع في ذلك وتستشير الجميع، وأن تسمح للجميع بالتدخل وإعطاء الآراء. "بس يكتروا الطباخين، بتحترق الطبخة". العلاقة مع الشريك خطّ أحمر للجميع، الشريكين مثل جنديين في قلب المعركة، طالما أكتافهما على بعضهما البعض، لا يستطيع أحد أن يغلبهما، ولكن مرة واحدة يسمحون لأحد أن يجلس بينهما، فهم لخاسرون الحرب.
3- لا أحد معصوم عن الخطأ: لا تنتظر من الشريك أن يكون كاملاً، غير معصوم عن الخطأ. إذا جرحك سامحه بدل أن تشتمه وتهينه وإلخ. تذكر دائماً أنك أنت أيضاً تجرحه، غريب أن ترفض أن تسامحه، أما انت إذا جرحته، تلومه على قساوة قلبه لأنه لم يسامحك. الشريكان سيجرحان بعضهما البعض كثيراً، من جراء المشاكل والعصبية والضغوطات اليومية، ولكن يجب دائماً أن يبقى تاريخ الحب أكبر من لحظة الجرح، وبدل أن يمضيا وقتهما في التركيز على لحظة الجرح، فليتأملوا بتاريخ الحب الذي جمعهما، عندئذٍ يتخطون جميع المصاعب. تذكروا عازف البيانو يحتاج إلى "كبسات" أسود وأبيض من أجل لحن جيّد ورائع، وهكذا الشريكين سيعزفان بحياتهما على لحظات "أسود" ولحظات "أبيض" وهذا ما سيجعل لحن حبهم رائع.
4- الشريك ليس فارس الأحلام، والشريكة ليست فتاة الأحلام: كل شاب يحلم بصورة معينة عن الفتاة التي يحب أن يعيش معها وكيف يحب أن تكون وإلخ. الفتاة أيضاً لديها حلم عن فارس حياتها. الجريمة الكبرى، إجبار الشريك أن يحقق الأحلام، أن يحقق الصورة المثالية التي في فكرك. لأنه عند تجبر الآخر على التمثيل عليك. النضوج أن تحبّ الشريك في حالته وفكره وشكله هو، كيف هو بالواقع، وليس كما ترغب أنت أن يريد. يمكن للشريك أن يمثّل صورة الشريك المثالي لك، ولكن المشكلة، مهما طالت "التمثيلية" هناك حلقة ختامية، وسيعود كل واحد إلى بيته. الشريك يجب أن يحب شريكه كثيراً ليصبح هو بحدّ ذاته "صورة المثال". بحبّه للشريك يجمّله يجعله رائع بنظره. لا تحب شريكك لكونه جميلاً، بل بحبكّ إجعله جميلاً.
5- الإحترام: لا يجب أن تقلل من إحترام الشريك بكلمة ما أو بفعل ما، حتى لو كان ذلك عن مزح وخاصة أمام الناس. تذكّر دائماً، عندما تقلّل من إحترام الشريك، فأنت تقلّل من إحترامك، وعندما ترفع من قيمة الشريك، فأنت ترفع من قيمتك. لا تقبل، ولو لمرة واحدة، أن تقف مع رفاقك ضد الشريك لكي تحرجه أو تمزح معه (إذا كان هذا الشيء يقلّل من إحترامه). إنتبه عندما يصل أحد ما، ليس هناك أعظم من الشريك، فلا ترذله، أو تتركه لحاله. عندما تسلّم على أحد ما إحترم مشاعر الشريك (مثلاً تصل فتاة ما، صديقة الطفولة، فتسلّم عليها بطريقة حميمية جداً، حتى لو عن نية صافية أو براءة، لا يحق لك أن تشعل نار الغيرة. أنت هل تقبل أن تفعل هي ذلك مع صديق الطفولة؟) لا تقلل من إحترام أهله، أو رفاقه، وإلخ. عامل الحبيب كما تحب هو أن يعاملك، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، ليس المجال الآن لسردها.
6- الهدية والمال: لا يكفي أن تغنّي للشريك الأشعار والأغاني كعربون حبّ، يجب أيضاً أن تعبّر من خلال هدية ما، وردة،.... ولكن حذار من أن تقلّل من قيمة الشريك بالهدية. مثلاً، أنت تعمل ووضعك المادي جيّد أما الشريك لا، فتذهب وتقدم له هدية بقيمة 100$ مثلاً، صحيح أنك لا تريد بالمقابل، ولكن أنت حطّمته بهذا العمل (ما هو شعورك أن يهديك أحد ما هدية وأنت غير قادر على رد المقابل! نعم، هكذا سيكون شعور الشريك أيضاً). لا تسمح للمال بأن يكون عائق، إذا طلبت منك يوماً ما الفتاة أن تدفع هي وليس أنت أو أن تشارك معك فلا ترفض فإنك بذلك تقلّل من إحترامها وتقتلها فبالنسبة لها، بهذا العمل تشكرك، فلا تكون متكبر. المال لخدمة العلاقة، فلا تجعله سيّد العلاقة.
7- إحترام الجسد: الجسد أمر مقدس فلا يجب تدنيسه. الجسد قيمته غالية فلا تقلل من قيمته، الجسد أغلى هدية يملكها الشريك ليقدمها لشريكه يوم الزواج، فلا تجعل هذه الهدية مبتزلة، أي بأن الجميع قد حصل عليها. الجسد قيمته وقدسيته بما يحتويه أي بروح الشريك، تذكّر دائماً إذا كنت تحب روح الشريك حقاً فلا تسمح بأن تقتل الجسد (العلبة التي تحتويه). إذا كانت لديك علبة ما في داخلها كنز مهم، ألا تمضي الساعات والساعات بحماية العلبة والإهتمام بالعلبة والحرص عليها، إذ بذلك تعكس أهمية ما فيها لديك. أرجوك عامل الشريك هكذا أيضاً. وتذكّر كل مرة تدنّس جسد شريكك تحت شعار "الحب" فإن تقتل شريكك وتخلق صراع نفسي بينك وبينه، وخاصة هناك خطورة كبيرة بأن لا يصبح اللقاء بين الشريكين إلا من أجل الجنس والمتعة وكلّه تحت شعار "الحب". جسد الشريك هو "وردة"، إذا تحبّ الشريك، لا تقتطف الوردة وتشمها لأنها ستذبل يوماً ما بنظرك وترميها. إنتظر الوقت المناسب واللحظة المناسبة.
هذه المبادئ قد تؤدي بالشاب والفتاة أن يصلوا إلى الزواج، أو أن يكتشفوا بأن طريقهم ليست مع بعضهم البعض، ولأنهم كانوا يعيشون هذه المبادئ فإنهم يتركون بعضهم البعض بطريقة محترمة وبإتفاق تام. ومعظم العلاقات التي فشلت يعود السبب لإهمال واحد من هذه المبادئ، فتنتهي العلاقة بحرب شرسة بينهم.
فخذ لحظة واحدة وقيّم علاقتكك مع الشريك، لتعرف أين الخلل؟