الأخت راغدة عبيد ر.ل.م.
مقالات/ 2022-12-30
2 فحَمَلَت سارةُ ووَلَدَت لإِبْراهيمَ ٱبنًا في شَيخوخَتِه في الوَقتِ الَّذي وَعَدَ اللهُ بِه.
أَلـمَقْصُودُ في هَذِهِ الآيَةِ، أَنَّ الرَّبّ قَدِيرٌ وَضَابِطُ الأَزْمِنَةِ وَالأَوْقَاتِ، فَمَا مِنْ أَمْرٍ مُسْتَحِيلٍ عَلَيْهِ. فَلا العُقْمُ وَلا الشَّيْخُوخَةُ وَلا أَيَّ أَمْرٍ آخَرَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقِفَ حَاجِزًا أَمَامَ مَشِيئَتِهِ أو أَمَامَ تَحْقِيقِ مَشْرُوعِهِ الخَلاصِيِّ لِلبَشَر. لِهَذَا، عِنْدَمَا يَقُولُ الرَّبُّ كَلِمَةً، تَتَحَقَّقْ فِعْلاً وَلَكِنْ في وَقْتِهَا الـمُحَدَّدِ وَالخَاضِعْ لِوَقْتِ الله وَلَيْسَ لِأَوْقَاتِ البَشَرِ. إِذًا، نَحْنُ نُؤْمِنُ بِوُعُودِ الرَّبِّ لَنَا، لِأَنَّهَا سَتَتِمُّ حَقًّا.
3 فسمَّى إِبْراهيمُ ٱبنَه المَولودَ له، الَّذي وَلَدَته لَه سارة، إسحق.
هَذِهِ الآيَةُ تَحْتَوِي عَلَى أَمْرَانِ غَرِيبَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُمَا عَلى خِلافِ عَادَاتِ وَتَقَالِيدِ العَهْدِ القَدِيمِ. أَلأَمْرُ الأَوَّلُ هُوَ أَنَّ الوَالِدَ يُسَمِّي ابْنَهُ، بَيْدَ أَنَّ العَادَةَ اليَهُودِيَّةَ تَقْضِي بِأَنَّ الأُمَّ هِيَ الَّتِي تُعْطِي الِاسْمَ لِـمَوْلُودِهَا. وَالأَمْرُ الثَّانِي هُوَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَمَّى ابْنَهُ إِسْحَقَ عِنْدَ وِلادَتِهِ، قَبْلَ أَن يَخْتِنَهُ. نَجِدُ لِخِلافِ هَذِهِ العَادَاتِ صَدًى آخَرًا في إِنْجِيلِ أَحَدِ البَيَانِ لِيُوسُفَ خِطِّيبِ مَرْيَمَ البَتُولِ، بِحَسَبِ الإِنْجِيلِيّ مَتّى، إِذْ هُوَ الَّذِي أَوْحَى لَهُ الـمَلاكُ بِأَنْ يُسَمِّي مَوْلُودَ العَذْرَاءِ مَرْيَمَ خِطِّيبَتِهِ، بِاسْمِ يَسُوع (متّى 1 / 20 - 25). هَذانِ الأَمْرَانِ الـمُخَالِفَانِ لِلْعَادَاتِ اليَهُودِيَّةِ، يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي سَمَّى إِسْحَقَ قَبْلَ وِلادَتِهِ، وَهُوَ سَمَّى أَيْضًا طِفْلَ مَرْيَم، يَسُوعَ، قَبْلَ أَنْ تَلِدَهُ. فَإِبْرَاهِيمُ وَيُوسُفُ لَمْ يَفْعَلَا سِوَى أَنَّهُمَا اعْتَرَفَا بِالـمَوْلُودَيْنِ. عَلى أَنَّ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، لَم تَكُنْ قَدْ وُضِعَتِ الشَّرِيعَةُ الـمُتَعَلِّقَةَ بِالتَّسْمِيَةِ لِلْبَنِين وَبِالخِتَانَةِ.
أَمَّا اسْمُ إِسْحَق أَيْ يَضْحَك، فَسَيَبْقَى ذِكْرَى لِلأَجْيَالِ تُخْبِرُ عَنْ قُدْرَةِ الرَّبِّ العَظِيمَةِ، الَّتي أَحْيَتْ أَحْشَاءَ العَاقِرَ وَالشَّيْخَ فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ، عَلى خِلافِ مَا يُنْتَظَرُ، مِمَّا يَحْمِلُ السَّامِعِينَ عَلى الضَّحِك عَلَامَةً لِلْحَدَثِ العَجَبِ القَابِلِ لِلْشَّكِّ وَالحَيْرَةِ.
4 وخَتَنَ إِبْراهيمُ إِسحقَ ٱبنَه، وهو ٱبنُ ثَمانِيَةِ أيّام، بِحَسَبِ ما أَمَرَه اللهُ بِه.
5 وكانَ إِبْراهيمُ ٱبنَ مِئَةِ سَنَةٍ حينَ وُلِدَ لَه إِسحقُ ٱبنُه.
حَدَثُ خِتَانَةِ إِسْحَقَ، هُوَ أَيْضًا أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ. فَكَانَ مِنَ الـمُفْتَرَضِ، أَنْ يُعْطَى لِلطِّفْلِ اسْمَهُ في هَذِه الآيَةِ، وَلَكِنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تَكُنْ قَدْ وُضِعَتْ بَعْدُ. هَذَا، لِيُظْهِرَ الكَاتِبُ الـمُلْهَمُ في هَذَا النَّصّ، أَنَّ شَرِيعَةَ الخِتَانَةِ هِيَ أَمْرٌ مِنَ الله، قَبْلَ أَنْ تَكُونَ ضَرورَةً صِحِّيَّةً كَمَا يُفَسِّرُهَا البَعْض.
أَمَّا الآيَةُ الأَخِيرَةُ فَتُؤَكِّدُ بِأَنَّ الرَّبَّ أَتَمَّ وَعْدَهُ في الوَقْتِ الـمَحْدُودِ وَالصَّحِيح. فَالرَّبُّ أَمِينٌ وَصَادِقٌ، لا يَتَأَخَّرُ عَنْ تَتْمِيمِ مَوَاعِيدِهِ، كَمَا أَنَّهُ لا يُحَقِّقُهَا قَبْلَ أَوَانِهَا.