صونيا السمراني
مقالات/ 2016-10-14
شاهَدتُها وهي تتألمّ، تَتَنفّس بصعوبةٍ شديدةٍ وبالكاد تتناول الطعام. جَلَستُ إلى جانِبِها فإلتَفَتَت إليّ وهَمَسَت في أذني: "لا تخافي، أنا سعيدةٌ جدّاً لأنّني سأقابِل يسوع والعذراء مريم".
على وَقعِ الترانيم المريميّة، لَفَظَت جدّتي أنفاسَها الأخيرة. رَحَلَت والإبتسامة على وجهها، فرحة، على الرَغم من آلامها الشديدة الّتي عانت منها جَرّاء المرض. ودَّعتُها بحيرةٍ كبيرة وتَساءَلتُ في نفسي: " هل أبكي على فراقها أم أفرح أنّها في حضن الآب؟"
تَفرُضُ طبيعتُنا البشريّة أن نَحزن على فِراقِ من غادرنا مهما كانت مكانتَهُم في حياتِنا، لكن عندما نفهم الموت تتعزّى قلوبنا.
هل سألنا أنفُسنا لماذا يحرمنا الله من نُحب؟ أيفرح بآلامنا؟ هل يكون الله أنانيًّا صارمًا يريدُ كلَّ شيءٍ لنفسِهِ، يتغاضى عن مشاعِرِنا ويَحرِمنا من أشخاصٍ لا نستطيعُ العيشَ من دونهم؟
لا، هذا ليس الله. ليس هو الآب الّذي خَلَقَنا على صورتِهِ ومثالِهِ. ليس هو الرحيم الّذي يغفُرُ لنا خطايانا. ما أصعب أن يعمينا الحزن الشديد الّذي يتملَّكُنا فيحجُب عنّا الحقيقة! صرتُ أعرفُ أنّ الله لا يأخذ منّا أحدًا بل يسترجع أبناءَهُ الّذين خلقَهُم. وإن سُلبنا من نُحِب ومن نَحتاج يأتي هو ويسكُنَ في قلوبِنا، ويُزَيّن حياتَنا بالحبِّ والفرحِ الحقيقيَّين. فعندما نحبُ شخصًا لدرجةِ التَمَلُّكَ وتصبح حياتنا مُعتَمِدة على حياتِهِ، يتدخّل الله ليذكِّرنا أنّه بإنتظِارنا ليَملأَ قلوبَنا من حبّه. فلنُحب بعضنا البعض ونتذكّر أنّ حُبَّ "الآب" أقوى من كلّ شيء.
فلنقُل اليوم: "يا بابا إِنتَ سَمَحت إنُّو تاخُد سِتّي لعِندَك، ساعدني تإِفتَحلَك قلبي تيصير مَسكَنَك الدائم". ولنتذكّر دائمًا أنّ "المسيح قام...حقا قام".