المواهب الروحيّة في خدمة الكنيسة

المواهب الروحيّة في خدمة الكنيسة

الموهبة الروحيّة أو " الكاريزما "، هي عطيّة من الروح القدس، ننالها بفعل سرّ المعموديّة، وبهدف خدمة وبنيان الكنيسة. والله يمنح كلّ واحدًا منّا هذه المواهب دون استحقاق وليس كمكافأة لإخلاصنا في الإيمان بل بدافع من محبّته الكاملة لنا. واكتشاف الموهبة الروحيّة والاستفادة منها في خدمة الرعيّة صارَ مُلحًّا في عالمٍ باتَ يجهلُها ويُهملُ دورها. فلنُصغيِ معًا إلى دعوةِ بولس الرسول لنا الذي أيقَنَ دور المواهب في خدمة الجماعة وشجّع المؤمنين على عيشها قائلًا: "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5، 9).


إنّ جميع من التزموا الكنيسة أو أي جماعة رعويّة يحصلون على الموهبة لخدمة هذه الجماعة بالذات. يتشاركُ القليلون المواهب نفسها، وإن تشابهت بعض المواهب، تبقى طريقة عيشها مختلفة من مسيحيٍّ لآخر. لــذا، إنّ الانتفاعَ من الموهبة مُلزمٌ حتّى لا تبقى أعضاء جسد المسيح، أي الكنيسة، مبتورةً وضعيفةً. من المهمّ أن يكتشفَ كلُّ واحدٍ منّا موهبتهُ وأن يسعى لكي ينمّيها، وأن يجدَ الفرصة الأفضل لكي يضعها في خدمة الكنيسة. واكتشاف الموهبة يأتي بعد التزامٍ رعويِّ جديٍّ ومسيرةٍ روحيّةٍ مع الجماعة.


والمواهب الروحيّة متساوية، فلا يفتخُرُ أحدٌ على أخيه، وهي أيضاً متنوّعة، منها: الحكمة، والتعليم، والخدمة، والنبوّة، والشفاء وغيرها من المواهب. وهذا التنوّع ضروريٌّ لأجل تكميل الأعضاء بعضهم لبعض. " هكذا نحن الكثيرين: جسدٌ واحدُ في المسيح وأعضاءُ بعضاً لبعض، كلّ واحدٍ للآخر، ولكن لنا مواهبُ مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا" (روم 12، 5-6)


إنّ مواهب الروح القدس ظرفيّة، أي أنّه يمكن للمؤمنِ أن يكتشف موهبته في ظرفٍ معيّنٍ وفي مكانٍ معيّنٍ لخدمة الكنيسة. لذلك، لا تسُمّى بموهبةٍ روحيّةٍ إلّا إذا استُخدمت تحتَ سقفِ الكنيسة وموافقتها. لــذا، على الكنيسة أن تُميّزَ المواهب الروحيّة، وعلى المؤمن أن يقبل بتواضعٍ توجيهها. 


في الختام، نُذكّرُ أنّ الغاية النهائية من هذه المواهب هي عيش المحبّة، أسمى الفضائل الإلهيّة. وفي المحبّة، يقول يسوع: "يعرفُ الجميعُ أنّكم تلاميذي. إن كان لكم حبٌّ بعضاً لبعض" (يو 13، 35).