وفي اليوم الثالث، كان في قانا الجليل عرسٌ (يو 2: 1)

وفي اليوم الثالث، كان في قانا الجليل عرسٌ (يو 2: 1)

النقصُ! كم أنتَ مزعجٌ ومؤلمٌ عندما تدقُّ بابَ الانسانِ: نقصٌ في الحب، في المال... وها أنتَ تحطُّ رحالَكَ في خمرةِ فرحٍ، في عرسٍ، عرس قانا الجليل.ما الحلّ؟ من هو القادرُ أن يمنعَ إجتياحكَ الذي يؤدّي إلى الغمِّ وأسى الفراغ؟ إنّه الربّ . 

أنتَ عريس نفسي

غريبٌ! غريبٌ هذا العرس! لا يذكر شيئًا عن العريس والعروس اللّذان من المفترض أن يكونا محور العرس. لا تستغربي يا نفسي، فالمسيحُ هو عريسُكِ الحقيقيّ القادرُ أن يروي عطشَكِ ونقصَكِ للحبّ. إجتهدي في زمن الصوم بصلاتِكِ أن تتحضّري إلى عيد الحبِّ الحقيقيِّ: الجمعة العظيمة حيث ستّتحدين بعريسِكِ، تموتين معه لتقومي معه في المجد. 


أنتَ خمرة حياتي

"ليس عندهم خمر" (يو2: 3)، ليس عندهم فرح، وما الحلّ؟ لا يا نفسي! لا تملئي جرّتك الفارغة بالمال والسلطة والشهوة فخمرتها كالخمرة الأولى ستنفذ وتترك وراءها فيكِ ألمًا عظيمًا. وحدها خمرةُ المسيحِ الأفضل جودًا والتي لا تنفذ قادرة أن تُسكّرَكِ بحبِّه وتُروي ظمآكِ للسعادة. تأكدّي في زمن الصوم أنّ نهارك قادرٌ أن يبدأ بعيدًا عن قهوة الصباح وعاداتك اليوميّة، لأنّه معك وأصبح وحده خمرتك.


أنتَ فيضُ العطاء

ما أشدَّ رغبتي بالعطاء! كما أنّ وجودي يا ربّ هو ثمرةُ عطاءٍ متبادل بينكَ ووالديَّ، أريد أن أكونَ مثلكَ، أن أعطي ثمرًا ! رغبتي تفوقُ رغبةَ من شرب نبيذًا طيّبًا ويريد مشاركتَه مع أعزّ صديقٍ له. كيف لا وأنتَ أثمن خمرةٍ عُصرت على رأسِ الصليب لتروي كلّ عطشان. تذكّري يا نفسي في زمن الصوم أنّ إلهك لا يعطيكِ "بالتقسيط"، لا يعطيكِ "الفتات المتساقط عن مائدتِه"، بل يعطيك ذاتَه بكليّتها فتشاركي هذا الفيض مع غيركِ المحتاج. 


بالنهاية، إذا سمحتي يا نفسي أن يكونَ المسيحُ عريسَ حياتِك وخمرتَها وهديّتَها للآخرين، ثقي عندها، بإنَّ زمن الصوم لن يكون زمن نقمةٍ وتذمّرٍ بل زمن نعمةٍ وبركة، لن يعود زمن الأنانيّة والملّذات الشخصيّة (ريجيم) بل بالآخرِ وبالله، لن يعود مرحلةً تنتظرين بفارغ الصبرِ إنتهائها بل مسيرة حياةٍ تحضّركِ نحو اليوم العظيم، العرسِ الأكبر، عرس السماء حيث سترين عريسَكِ وجهًا لوجه له المجد الآن وإلى الأبد. آمين.