لماذا نصوم؟

لماذا نصوم؟

سألني ولدٌ ذات مرّة عن مفهوم الصوم وأهميّته. كان يشارك وجدَّتُهُ بالذبيحة الإلهيّة كل نهار أحد. شاءت الظروف أن نخدم سويًّا أَحد القداسات. ومنذ تلك اللّحظة، وحتّى دون إدراكي، أصبحت كالشقيقة الكبرى لهذا الصبّي الّتي، بنظره، تعرف كلّ شيء. لكن عندما سألني ذاك السؤال، لم أعد أعلم شيئًا. فكّرت بحيرةٍ مريبة، إستدعيت الروح القدس وأجبت:

أنت رياضيٌّ وتلعب في فريق كرم القدم وتحبّ الطابة منذ نعومة أظافرك. تنتظر البطولات سنةً تلو الأخرى كي تفوز وتحقّق النجاح الّذي لطالما حلِمتَ به. لكن، عندما تقترب البطولة، يتغيّر نمط حياتك، فتلتزم بنظامٍ عذائيّ محدّد، تتمرّن يوميًّا كي تقوّي عضلاتك. تتعب، تضعف، يتغلّب عليك التوتّر وتراجع ضميرك لترى إن كانت الجائزة تستحق المثابرة. وبعد مسيرةٍ طويلة من هذا الروتين القاسي، تفوز بالبطولة، فتنسى ما عانَيتَ من صعوباتٍ ومشقّاتٍ وتستمتع بالفوز الّذي إستحقَقت.

هكذا هو الصوم، مسيرةُ إماتةٍ وتوبة لا تخلو من التجارب والصعوبات. تُخرِجُك من ظلمة الحياة والخطيئة إلى حياة الغفران والنور. تُحوّلُكَ من عبدٍ إلى إنسانٍ حُرّ. هي طويلة، وتَتَطَلّبُ الكثير من المثابرة، لكنّها تستحق المعاناة لأنّك عندما تصل إلى وَجهَتِكَ، ستحٌقق نجاحًا يُنسيك كلّ ما سبقه من ألم، فتَنعَم بالراحة الأبديّة. ولكي نَسلُكَ طريقَ الصوم الشائِك علينا تلاوة صلاة صغيرة تَشفي قلوبَنا وتقوّيها:

"يا رب، أنا اخترتُ أن أصومَ بكاملِ إرادتي، أن أسيرَ معَكَ 40 يومًا كما سِرتَ مع موسى وأخرجتُهُ من العبوديّة في مِصر إلى الحريّة في أرض الميعاد. أسألُكَ اليوم، أنّ تُخرجَني من ظلمة حياتي، وتسيرَ معي، نحو النور، على درب الرجاء والتوبة كي أستحقّ سّرَ الخلاص وأقومُ من الموت مع إبنك يسوع المسيح. فأوُلَد من جديد ولا أنظُر إلى الوراء ثانيةً. آمين".