أين نحن من أُمومتك يا مريم؟

أين نحن من أُمومتك يا مريم؟

أُمّاً مع وقف التنفيذ

في شهر أيار من كلّ عامٍ تكرّم الكنيسة مريم إكراماً لا مثيل له، تكرّمها لأنها هي والدة الله التي قبلت هذا الحبل الإلهي من دون قيد أو شرط جاعلةً من نفسها "خادمةً للرب" (لو1). مع إكرامها أقفُ مذهولاً أمام أُمومتها التي لا مثيل لها طارحاً عدة أسئلة على بعض أُمهات عصرنا.

"مريم والدة الله" عندما بشّرها الملاك بالحبل الإلهي (لو1) وجوابها له بِأنها خادمة الرب, صعدت مسرعةً الى الجبل الى حيث اليصابات نسيبتها حُبلى، وهي طاعنة في السّن، لتخدمها جاعلةً من نفسها بحسب قول آباء الكنيسة, أول بيت قربان متنقل، ناقلةً الرّوح القدس لأليصابات. أمّا نحنُ فماذا نتناقل في أوقات "الصبحيّة" ؟ أيّة أخبار ننقل؟ أهي الأحاديث التي لا فائدة منها أم نقد الآخرين من دون أيّ شكل من أشكال الرّحمة التي انصفت بها مريم " الأُم ألأُولى"؟

مريم الأمينة لله, رغم كلّ صعوبات الحياة التي عاشتها مع يوسف، من تَنَقل وهرب لم تفارقه يومياً بل ظلّت أمينة له جاعلةً من عائلتها عائلة مقدسة ومثالاً يُحتذى، للعائلات كلّها. على عكس بعض أُمهانتا اليوم، ما إن تقع الواقعة فهنّ يَطْعنّ بالخنجر أعناق أزواجهنّ تحت غِطاء الحرية وأهميّة العيش وواجب الأزواج إعالتهنّ مع الأولاد حتى ولو بذل الرجال ما في إستطاعتهم فعله. 

"هيدي مشكِلتَك إهتم أحسن ما إرجع ع بيت أهلي" والنتيجة تكون بالخروج من المنزل والتجريح بزوجها وتبدأ الأخبار بالانتشار ويصبح الحديت عن زوجها لسان حالها في كلّ مجالسها. يا أُمهات عصرنا فلنكن على مثال أُمنا مريم التي كانت "تحفظ كلّ شيء في قلبها" محافظةً على أسرار بيتها, جاعلةً من نفسها كاتمة أسرار يسوع. فلنجعلْ منها مثالاً حياً لكلِّ الامهات في الحفاظ على أسرار البيوت.

مريم "رفيقة الدرب الدائم" ليسوع، هي التي لم تتركه يوماً, منذ الولادة العيش في الناصرة الى زيارته وهو صغير لهيكل أوراشليم, ومن ثم السيرمعه في خلال البشارة, الى أقدام الصليب(يو19) حيّث جعل منها أُمّاً لكل المؤمنين بجعلها أُمّاً ليوحنا الحبيب. ومن ثمَّ لم تترك الرُّسل بل ظلَّت معهم الى ما بعد العنصرة. مريم الأُم لم تترك أولادها رغم الإضطهادات ولم تترك يسوع في أحلك الاوقات"على الصليب" ظلَّت بقربه متحليةً بالشجاعة والإيمان. أين نحن اليوم من هذا الوجود؟ أولادٌ كثر يُتركون مع المربيّات, بِغَض النظر عن جنسياتهنّ, هنّ اللواتي يُلبسن ويُطعمن ويهتممن بالأولاد لأن أُمهات عصرنا ليس لديهنّ الوقت لعائلتهنّ" مش فاضية ومش ملحقة", لسان حالها, فتكون التربية على "الصنّاع". 

فيا أُمهاتنا فلنترك كل ما يشغلنا عن عائلتنا ولنهتمّ بأولادنا فإنهم فلذات أكبادنا ومن واجبنا السهر على تربيتهم بما يليق بفعل الأُمومة المكتسبة من مريم أُم الجميع.

إنّي لعلى أمل ألّا تُغضبَ هذه الكلمات أُمهاتنا اللواتي لا يوفرْن الغالي والرخيص لتربية أولادهنّ حتى ولو وصل بهنّ الأمر الى التضحية بصحتهنّ. أطال الله بعمر أُمهاتنا ورحم اللواتي هنّ في السّماء وقد كانت مريم لهنّ أيقونةً مُلهمةً في التربية وفي عيش الأمومة.

آمين