كَسر الكلمة - الرسائل -33- الأحد الرابع من زمن القيامة

كَسر الكلمة - الرسائل -33- الأحد الرابع من زمن القيامة

الأحد الرَّابع من زمن القيامة: ظهور يسوع للرسل على البحيرة
(عب 13: 18-25)
18 صَلُّوا مِن أَجْلِنَا، فَإِنَّنَا واثِقُونَ أَنَّ ضَمِيرَنَا صَالِح، ونَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكًا حَسَنًا في كُلِّ شَيء.
19 وأَطلُبُ إِلَيكُم بإِلْحَاحٍ أَنْ تَفْعَلُوا ذلِكَ، حَتَّى يَرُدَّنِي اللهُ إِلَيْكُم سَرِيعًا!  
20 وإِلـهُ السَّلام، الَّذي أَصْعَدَ مِنْ بَينِ الأَمْوَاتِ رَبَّنَا يَسُوع، رَاعِيَ الـخِرَافِ العَظِيمَ بِدَمِ عَهْدٍ أَبَدِيّ،
21 هُوَ يَجْعَلُكُم كَامِلِينَ في كُلِّ صَلاح، لِتَعْمَلُوا بِمَشيئَتِهِ، وهُوَ يَعْمَلُ فينَا مَا هُوَ مَرْضِيٌّ في عَيْنَيه، بِيَسُوعَ الـمَسِيح، لهُ الـمَجْدُ إِلى أَبَدِ الآبِدِين. آمين.
22 وأُنَاشِدُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنْ تحْتَمِلُوا كَلامَ التَّشْجِيع، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكُم بإِيْجاز!
23 إِعْلَمُوا أَنَّ أَخَانَا طِيمُوتَاوُسَ قد أُخْلِيَ سَبِيلُهُ. فَإِنْ أَسْرَعَ في مَجِيئِهِ، سَأَذْهَبُ مَعَهُ وأَرَاكُم.
24 سَلِّمُوا عَلى جَمِيعِ مُدَبِّرِيكُم وجَمِيعِ القِدِّيسِين. يُسَلِّمُ عَلَيكُم الإِخْوَةُ الَّذِينَ في إِيطالِيا.
25 النِّعْمَةُ مَعَكُم أَجْمَعِين!

مقدّمة
في الأحد الرابع من زمن القيامة، نتابع التأمُّل مع الكنيسة في ظهورات الرَّبّ يسوع المسيح لتلاميذه، وفي هذا الأحد نتوقَّف عند ظهوره لهم وفق إنجيل يوحنَّا (21: 1-14)، على البحيرة أثناء صيدهم السمك.
في المقطع المختار من الرسالة إلى العبرانيّين (13: 18-25)، نتأمَّل في مفهوم انتظار ظهور الرَّب يسوع الدَّائم في حياتنا ومواقفنا. فنحن، على مثال الرسل والنساء، في مرحلة ما بعد القيامة، نعيش الخوف والقلق، كلَّما واجهتنا عاصفةٌ من عواصف الحياة.

شرح الآيات
18 صَلُّوا مِن أَجْلِنَا، فَإِنَّنَا واثِقُونَ أَنَّ ضَمِيرَنَا صَالِح، ونَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكًا حَسَنًا في كُلِّ شَيء.
بعد الحديث – في القسم الأوَّل من الفصل الثَّالث عشر من الرسالة إلى العبرانيّين – عن الطبيعة غير المتغيّرة ليسوع المسيح، وعن الحاجة إلى التمسُّك بثباتٍ بالتَّعليم المسيحيّ، عاد كاتب الرسالة للكلام، في المقطع المختار لهذا الأحد (عب 13: 18-25)، على موضوع القادة، وركَّز على مسؤوليَّتنا تجاه قادة الكنيسة. لهم وديعة مقدّسة لتوجيه الآخرين نحو الهدف السماويّ. وفي الوقت نفسه، لنا مسؤوليَّة مساعدتهم في مهمَّتهم هذه.
استخدم كاتب الرسالة إلى العبرانيّين ضمير المتكلّم الجمع "نا" في الآيتَين 18 و21 ليدلَّ على صيغة جمعٍ حقيقيَّة، لا إنشائيَّة، لمن شاركوه في كتابة هذه الرسالة. ما يُثبت ذلك، ورود صيغة المتكلّم المفرد في الآيتَين 19 و22. من الواضح أنَّ القرَّاء الأوائل للرسالة إلى العبرانيّين كانوا يعرفون الكاتب. بعدما كتب الرسالة، أصبح الكاتب بضميرٍ مرتاح. وكان قد حذَّر قرَّاءه مرارًا وتكرارًا من الخطر الَّذي يواجههم، ولكنَّه كان يحتاج أيضًا إلى مساعدتهم له.
استُدعِيَ القرَّاء بشأن أمرَين: أوَّلًا، طلب الكاتب منهم أن "يصلُّوا لأجله"؛ ثانيًا، أحاطهم علمًا بـــ"ضميره الصَّالح"، الَّذي قدَّم دليلًا على تعاملاته الصَّادقة معهم بما أنَّه كان قد "سلك معهم مسلكًا حسنًا في كلّ شيء"، فإنَّه يستحقُّ صلواتهم من أجله. لم يكن الكاتب مخادعًا في هذا الطلب من المسيحيّين الَّذين يتوجَّه إليهم، لأنَّه كان قد حذَّرهم بوضوحٍ من الأخطار القادمة. لكن ربَّما كان هناك بعض الشكوك في أذهانهم بخصوص استقامة الكاتب، وإلَّا لَمَا كان لدفاعه هذا عن مسلكه لزومٌ.

19 وأَطلُبُ إِلَيكُم بإِلْحَاحٍ أَنْ تَفْعَلُوا ذلِكَ، حَتَّى يَرُدَّنِي اللهُ إِلَيْكُم سَرِيعًا!  
عبَّر الكاتب عن ثقته بهؤلاء الإخوة وبصلواتهم. وتمنَّى أن "يردَّه الله إليهم سريعًا". هل كان في السجن؟ هل كان مقيَّدًا وممنوعًا من زيارتهم؟ يبدو أنَّ زمنًا قضاه في السجن هو التفسير الـمُحتَمَل. فإن كان في السجن، فما هي الكلمات الأخيرة الَّتي أعطاها الكاتب لقرَّائه؟ لقد جذبهم قبلًا في الرسالة من خلال دراسةٍ عميقة ومُستفيضة عن الفرق بين الشريعة القديمة والمسيح. والآن قد حان الوقت ليودّعهم. لذا، اختتم كلامه بالتَّسبيح، والإرشاد، والابتهاج.

20 وإِلـهُ السَّلام، الَّذي أَصْعَدَ مِنْ بَينِ الأَمْوَاتِ رَبَّنَا يَسُوع، رَاعِيَ الـخِرَافِ العَظِيمَ بِدَمِ عَهْدٍ أَبَدِيّ،
بعدما طلب الكاتب من المسيحيّين أن يصلُّوا من أجله، صلَّى هو أيضًا من أجلهم. "إله السَّلام" وحده يمكنه أن يمنح السَّلام الحقيقيّ. وردت عبارة "إله السَّلام" ستّ مرَّات أخرى في كتاب العهد الجديد، وكلُّها في رسائل القدّيس بولس (راجع روم 155: 33؛ 16: 20؛ 1 قور 14: 33؛ 2 قور 13: 11؛ فل 4: 9؛ 1 تس 5:23؛ 2 تس 3: 16). لا يمكن أن يكون هناك سلام عند التخلّي عن الله. لنا سلامٌ بسبب موت المسيح على الصَّليب (راجع أف 2: 14-17). وحده الله يمكنه مَنحَ هذا السَّلام في الكنيسة من خلال الإيمان بيسوع المسيح. 
لا بدَّ أنَّه كانت هناك تحزُّباتٌ في الكنائس الَّتي كُتِبَت إليها الرسالة إلى العبرانيّين، لذا فهم يحتاجون إلى سلامٍ مع الله ومع بعضهم البعض. هذا ما يمنحه الله وحده لأنَّ جوهر طبيعته هو السَّلام.
يسوع هو "راعي الخراف العظيم"، والراعي الوحيد لنفوسنا. هذا هو المكان الوحيد في الرسالة إلى العبرانيّين حيث سُمّي يسوع "راعي". الاقتباس مأخوذ من نبوءة أشعيا (63: 11) بحسب الترجمة السبعينيَّة.
تحوي هذه الآية الإشارة الوحيدة إلى قيامة المسيح في الرسالة إلى العبرانيّين – "أصعد من بين الأموات ربّنا يسوع المسيح" – مع أنَّ الإشارات المتكرّرة إلى يسوع على أنَّه عن يمين الله تفترض ذلك. مع ذلك، فإنَّ كلمة "القيامة" (anástasis)، الـمُستخدَمة قبلًا (راجع عب 6: 2؛ 11: 35) لم ترد في هذه الآية. بل بدلًا من ذلك نجد الكلمة اليونانيَّة anágô الـمُترجَمة بـــ "أصعدَ". وقد تمَّ ذلك لأنَّ يسوع قد سفك دمه، وبالتَّالي بشَّر بالعهد الجديد. وبعدما حقَّق ذلك، استطاع أن يعمل كلَّ شيءٍ آخر كان ضروريًّا "ليجعلهم كاملين" (عب 13: 21).
تحتوي تسبحة الشُّكر هذه على فكرة "بدم عهدٍ أبديّ". يبدو أنَّه موجزٌ لكلّ ما قيل في الرسالة إلى العبرانيّين، على الأقلّ الفكرة الرئيسيَّة فيها. قوَّة الدم الأبديّ تؤهّلنا لأن نعمل إرادة الله. ولا يمكن تحقيق ذلك بالعهد القديم بطبيعته الموقَّتة. العهد الَّذي بدأ بدم يسوع هو في الحقيقة "أبديّ".

21 هُوَ يَجْعَلُكُم كَامِلِينَ في كُلِّ صَلاح، لِتَعْمَلُوا بِمَشيئَتِهِ، وهُوَ يَعْمَلُ فينَا مَا هُوَ مَرْضِيٌّ في عَيْنَيه، بِيَسُوعَ الـمَسِيح، لهُ الـمَجْدُ إِلى أَبَدِ الآبِدِين. آمين.
عندما نُطيع، يعمل الله فينا لكي نعمل ما تمَّ تأهيلنا لعمله. وقيل أيضًا إنَّ الأسفار المقدَّسة تؤهّلنا "لكلّ عملٍ صالح" (2 طيم 3: 16، 17). ينبغي أن نمجّد الله في كلّ ما نعمل بانسجامٍ مع إرادته. نمجّده بهذا المجد من خلال الكنيسة والرَّبّ يسوع المسيح (راجع أف 3: 21). عمل الله يجعل عمل الانسان ممكنًا. لكنَّ استجابة الانسان بالطَّاعة لنعمة الله أمرٌ مطلوبٌ أيضًا. يوفّر لنا الله كلَّ شيءٍ "صالح" نحتاج إليه. إنَّه يساعدنا على أن يسود "الصَّلاح" حتَّى في الحالات الَّتي يسبّبها الأشرار بسوء نيَّة (راجع روم 8: 28).
الصلاة الواردة هنا هي من أجل أن يحقّق الله فينا، ومن خلالنا، كلَّ ما هو ضروريٌّ لجعل المؤمنين يمجّدونه "بيسوع المسيح". وكلمة آمين الختاميَّة تؤكّد على الحقائق الَّتي قالها الكاتب قبلًا.

22 وأُنَاشِدُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنْ تحْتَمِلُوا كَلامَ التَّشْجِيع، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكُم بإِيْجاز!
تمَّ الإدلاء بتصريحاتٍ قويَّة في الرسالة إلى العبرانيّين تتعلَّق بالديانة اليهوديَّة. لذلك طُلِبَ من القرَّاء أن "يحتملوا كلام التشجيع". هذا يعني أنَّه ينبغي لهم أن يُصغوا إلى كلّ كلمةٍ، وليس أن يحتملوا طولها فقط. فعبارة "كلام التشجيع" تشمل كلًّا من التعزية، والإنذار، والتشجيع. تُستخدم هذه العبارة أيضًا للإشارة إلى الكرازة علنًا (راجع 1 تس 2: 3)، أو في كنيسةٍ محليَّة (راجع روم 12: 8؛ 1 طيم 4: 13). العظات الواردة على امتداد الرسالة إلى العبرانيّين تدعم هذه الفكرة (راجع عب 2: 1-3؛ 3: 12-14؛ 4: 11، 14؛ 5: 11 – 6: 8؛ 10: 19-25؛ 13: 1-7).

23 إِعْلَمُوا أَنَّ أَخَانَا طِيمُوتَاوُسَ قد أُخْلِيَ سَبِيلُهُ. فَإِنْ أَسْرَعَ في مَجِيئِهِ، سَأَذْهَبُ مَعَهُ وأَرَاكُم.
لم يَرِد أيُّ ذكرٍ لسجن "طيموتاوس" هنا ولا في رسائل القدّيس بولس. لكن لا شكَّ في أنَّ الشخص الَّذي كان أمينًا في خدمة الله قد خاطر بسلامته من أجل البشارة. الكلمة اليونانيَّة apolúô الـمُترجَمة هنا "أُخلِيَ سبيله"، قد تعني "أُذِن له"، كما في "إذن السَّفر للقيامة بمهمَّةٍ ما" أو حتَّى "الإعفاء" عن شخصٍ ما. أمَّا فكرة أنَّه قد "أُخلي سبيل" طيموتاوس من السجن فهي غير معروفة. معاونته للرسول بولس في البشارة قد تؤدّي تلقائيًّا إلى احتمال مواجهة مصيرٍ كرفيقه؛ ولكن كونه لم يكن مواطنًا رومانيًّا، كان يُفقده الحقوق الَّتي كانت لبولس. 

24 سَلِّمُوا عَلى جَمِيعِ مُدَبِّرِيكُم وجَمِيعِ القِدِّيسِين. يُسَلِّمُ عَلَيكُم الإِخْوَةُ الَّذِينَ في إِيطالِيا.
لم يتمّ توجيه هذه الرسالة إلى شيوخ الكنيسة أو الكنائس، بل إلى جزءٍ من أعضائها. كان أولئك الإخوة يسلّمون "على جميع مدبّريهم وجميع القدّيسين" بأطيب تحيَّات الكاتب. إذا كانت هذه المجموعة في داخل الكنيسة تتألَّف من الكهنة واليهود السابقين (راجع أعمال 6: 7)، فربّما كانوا يجدون صعوبةً في احترام "مدبّريهم" الَّذين كانوا من عامَّة الناس. وكان عليهم أن "يخضعوا" (hegéomai) لمدبّريهم، وأن "يثقوا بهم" (عب 13: 17). تدلُّ كلمة hegéomai اليونانيَّة على القدرة على القيادة وإصدار الأوامر.
كان عليهم أيضًا أن يسلّموا على "جميع القدّيسين"، أي جميع المسيحيّين. إنَّه من الواضح أنَّ "القدّيسين" كانوا أناسًا على قيد الحياة، وليس مجرَّد أفرادٍ صالحين ماتوا منذ زمنٍ بعيد.
عبارة "الَّذين من إيطاليا" قد تعني "الَّذين هم في إيطاليا" أو "الإيطاليُّون" الَّذين كانوا مع الكاتب في مكانٍ آخر. لا يمكن تحديد مكان الكاتب على وجه التحديد من هذه العبارة. وبالتَّالي، فإنَّ معظم الترجمات غير واضحة، وكذلك أيضًا النصُّ اليونانيّ. قد تكون هذه تسمية خاصَّة بالمسيحيّين الإيطاليّين الَّذين يُرسلون تحيَّاتٍ من الخارج. الأكثر احتمالًا هو أنَّ تحيَّة الإخوة الإيطاليّين هذه موجَّهة إلى مُستَلِمي هذه الرسالة الَّذين كانوا في مكانٍ بعيد. ربَّما لم تكن هاتَان المجموعتَان قد التقت إحداهما الأخرى.

25 النِّعْمَةُ مَعَكُم أَجْمَعِين!
كانت الكلمة اليونانيَّة charis الـمُترجَمة هنا إلى "نعمة" دعاءً ختاميًّا شائعًا في المراسلات المسيحيَّة. وتدلُّ ضمنًا على الرغبة في منح بركةٍ إلهيَّة إلى الشخص الَّذي يستَلِم الرسالة. وأكثر من مجرَّد تحيَّة متعارف عليها، غالبًا ما كانت هذه البركة تأتي بالسُّلطة الرسوليَّة. ما يحتاج إليه كلُّ شخصٍ أكثر من غيره هو نعمة الله. ومع العذاب الَّذي كان يواجه المسيحيّين في منطقةٍ يهوديَّة، كانت هناك حاجةٌ خاصَّة إلى هذه البركة.

خلاصة روحيَّة
يتكوَّن القسم الأخير من الرسالة إلى العبرانيّين من صلاةٍ من أجل مُستَلِمي هذه الرسالة، وملخَّصٍ لكامل ما ورد فيها. أطلعهم الكاتب على كلّ ما ينبغي على المسيحيّين أن يكونوا عليه، وكيف يكونون كذلك. ما ورد في الآيتين 20 و21 هو الأساس لهذا القسم الَّذي يشير إلى أنَّه ينبغي أن نسمح لإله السلام، وراعي الخراف العظيم بأن يوفّر احتياجاتنا. وفي الوقت الّذي قد لا نفهم فيه دائمًا الوسيلة، إلَّا أنَّنا نستطيع أن ننظر إلى الوراء ونرى يده في كلّ شيء.
في خضمّ هذه العمليَّة ينبغي أن نطلب صلوات الآخرين من أجلنا (راجع عب 13: 18، 19)، لأنَّ ذلك أكثر أهميَّة ممَّا ندرك. على الرغم من أنَّ الكاتب قد سبق وسمَّى بعضًا من الَّذين كتب إليهم أطفالًا من الناحية الروحيَّة (راجع عب 5: 11-14)، غيرَ أنّه لا يزال يُقيّم صلواتهم.
الكيفيَّة الَّتي يستجيب بها الله للصلاة تفوق المعرفة البشريَّة، ولكن علينا أن نؤمن واثقين بأنَّه يستجيب. العهود الَّتي يقطعها الانسان قد تُنسَى، ولكنَّ العهد، الَّذي صنعه "إله السلام... بدم عهدٍ أبديّ" (عب 13: 20)، يدوم إلى الأبد. هذا العهد مكفولٌ ليس بدم المسيح المسفوك فحسب، بل أيضًا بقيامته من بين الأموات.
سيؤهّلنا الله لنعمل مشيئته! الكلمة اليونانيَّة katartizô المستخدمة هنا (عب 13: 21) لا تعني "كمال" (باليونانيَّة téleios) العمل بمشيئته؛ بل هي تعني، كما وردَت، "وضع العظم المكسور معًا باعتدالٍ بحيث يشفى في محلّه تمامًا"، بحيث إنَّ هذا الاعتدال، أو التأهيل لعمل مشيئة الله يتمُّ بواسطة يسوع المسيح وليس بمبادرتنا الخاصَّة أو بقوَّتنا. فعندما يكون لنا الإيمان الَّذي نحتاج إليه، سيعمل الله فينا ومن خلالنا لتتميم مشيئته في العالم.
يناشد كاتب الرسالة إلى العبرانيّين أولئك الَّذين يكتب إليهم "بأن يحتملوا كلام التشجيع" (عب 13: 22). وهل يوجد من لا يحتَمِل كلام التشجيع؟ فهذا الكلام يطلبه الانسان لأنَّه يعزّيه! فكيف يطلب كاتب الرسالة احتمال كلام التشجيع؟ هنا نفهم أنَّ كلام التشجيع هو البشرى السَّارة الَّتي من أجلها دفع أبناء جميع الكنائس أرواحهم ودماءهم، ألا وهي: "المسيح قام"!


تحميل المنشور