كَسر الكلمة -37- الأحد الخامس من زمن العنصرة

كَسر الكلمة -37- الأحد الخامس من زمن العنصرة

الأحد الخامس من زمن العنصرة
دعوة الرسل
(متى 10: 1-7)
1. دَعَا يَسُوعُ تَلامِيْذَهُ الٱثْنَي عَشَر، فَأَعْطَاهُم سُلْطَانًا يَطْرُدُونَ بِهِ الأَرْوَاحَ النَّجِسَة، ويَشْفُونَ الشَّعْبَ مِنْ كُلِّ مَرَضٍ وكُلِّ عِلَّة.
2. وهذِهِ أَسْمَاءُ الرُّسُلِ ٱلٱثْنَيْ عَشَر: أَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذي يُدْعَى بُطْرُس، وأَنْدرَاوُسُ أَخُوه، ويَعْقُوبُ بنُ زَبَدَى، ويُوحَنَّا أَخُوه،
3. وفِيْلِبُّسُ وبَرْتُلْمَاوُس، وتُومَا ومَتَّى العَشَّار، ويَعْقُوبُ بنُ حَلْفَى وتَدَّاوُس،
4. وسِمْعَانُ الغَيُورُ ويَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذي أَسْلَمَ يَسُوع.
5. هؤُلاءِ الٱثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُم يَسُوع، وقَدْ أَوْصَاهُم قَائِلاً: «لا تَسْلُكُوا طَرِيقًا إِلى الوَثَنِيِّين، ولا تَدْخُلُوا مَدِيْنَةً لِلسَّامِرِيِّين،
6. بَلِ ٱذْهَبُوا بِالحَرِيِّ إِلى الخِرَافِ الضَّالَّةِ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيل.
7. وفِيمَا أَنْتُم ذَاهِبُون، نَادُوا قَائِلين: لَقَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَات.

مقدّمة
مع الأحدِ الخامسِ تنطلقُ مرحلةٌ جديدةٌ في زمنِ العنصرةِ، وهي مرحلةُ الرَسالةِ، بعدَ هذا الأحدِ نرى التّلاميذَ ينطلقون من أورشليمَ، مدينةِ السَلامِ، إلى الأقطارِ الاربعةِ يبشّرون ببشرى الخلاصِ ويردّون الشّعوبَ عن طريقِ الضّلال ويعمَدون النّاسَ بإسمِ الثّالوثِ، وفي هذا الأحدِ هناك تركيزٌ كبيرٌ على دعوةِ الرَسلِ.

شرح الآيات
ينتمي هذا النَصُّ لدى الإنجيليِّ متَّى إلى نصوصِ الإرساليَةِ حيثُ يشدِّدُ متَى على عملِ الرَسُلِ الإثني عشر بالتّعاونِ معَ يسوعَ المسيحِ العملُ القائمُ على الإرسالِ بمهمّةٍ مزدوجةٍ، أرضيَةٌ وسماويَةٌ.
أرضيَةٌ لأنَّ يسوعَ على أرضِنا يحضّرُ و يبشّرُ بالملكوتِ، وسماويّةٌ لأنّها رسالةٌ ودعوةٌ للّذهابِ إلى العمقِ وللعيشِ كأبناءٍ للآبِ على عكسِ آدمَ الأوّلِ الّذي عصى إرادةَ الآبِ.

1. دَعَا يَسُوعُ تَلامِيْذَهُ الٱثْنَي عَشَر، فَأَعْطَاهُم سُلْطَانًا يَطْرُدُونَ بِهِ الأَرْوَاحَ النَّجِسَة، ويَشْفُونَ الشَّعْبَ مِنْ كُلِّ مَرَضٍ وكُلِّ عِلَّة.
دعا يسوعُ تلاميذَه الاثني عشر، فهو لم يُلْقِ عليهم القرعةَ، ولم يجبرْهم، أو يطلبْ منهم التَّطوعَ فالدَّعوةُ معناها الاختيارُ لخدمةِ المسيحِ. كما نجدُ أيضًا في هذه الآيةِ موجزًا لما يجبُ أن يفعلَه الرَسُلُ على مثالِ يسوعَ؛ يطردون الأرواحَ ويشفون المرضى وهنا تَكْمُنُ أهميّةَ الرّسلِ إذ إنّهم بطردِهم للأرواحِ وشفاءِ المرضى يعلنون الغَلَبَةَ على إبليسِ وما يمثلُه من ضرباتٍ للبشرِ؛ فهذا هو بدءُ إعلانِ ملكوتِ السّمواتِ. فيسوعُ يسلّمُ رسلَه مهمّةَ إعلانِ بشرى الخلاصِ ويوصيهم بما يعملون ويقولون في رسالتِهم.

2. وهذِهِ أَسْمَاءُ الرُّسُلِ ٱلٱثْنَيْ عَشَر: أَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذي يُدْعَى بُطْرُس، وأَنْدرَاوُسُ أَخُوه، ويَعْقُوبُ بنُ زَبَدَى، ويُوحَنَّا أَخُوه،
3. وفِيْلِبُّسُ وبَرْتُلْمَاوُس، وتُومَا ومَتَّى العَشَّار، ويَعْقُوبُ بنُ حَلْفَى وتَدَّاوُس،
4. وسِمْعَانُ الغَيُورُ ويَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذي أَسْلَمَ يَسُوع.

لا تُقدِّمُ لنا قائمةُ تلاميذِ يسوعَ الإثني عشر الكثيرَ من التّفاصيلِ إذ أنّها تختلِفُ بين إنجيلٍ وآخرَ إنّما كلُّها تحتَفِظُ بحقائقَ ثلاثَ ألا وهي:
أولاً: إنهم دومًا 12 لما فيه من رمزِ هذا الرقم لأسباطِ إسرائيل الاثني عشر، ثانيًا: بطرسُ دوماً هو على رأسِ اللّائحةِ إذ أنّه الصّخرةُ التي تُبنى عليها الكنيسةُ إنّما هنا يميّزُه متّى بقولِه: سمعانُ الملقّبُ ببطرسَ. ثالثًا: هي ذكرُ يهوذا الاسخريوطي دومًا في آخرِ اللائحةِ وإضافةِ حاشيةٍ دومًا بأنّه هو الذي أسلَم يسوعَ للدّلالةِ على خيانَتِه للمهمّةِ الّتي أوكِلَتْ اليه. ولكن إذا أمعنّا النَّظر قليلًا بالأسماءِ فنجدُ بأنَّ يسوعَ دعا أُناسًا من عامّةِ الشَّعبِ ومن القادِة من أغنياءٍ وفقراءٍ ومتعلّمين وأمّييّن…  فاللّهُ يستخدمُ أيَّ إنسانٍ مهما كان ضعفُه فهو يستخدِمُ أناسًا عاديين للقيامِ بأعمالٍ خارقةٍ.

5. هؤُلاءِ الٱثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُم يَسُوع، وقَدْ أَوْصَاهُم قَائِلاً: «لا تَسْلُكُوا طَرِيقًا إِلى الوَثَنِيِّين، ولا تَدْخُلُوا مَدِيْنَةً لِلسَّامِرِيِّين،
6. بَلِ ٱذْهَبُوا بِالحَرِيِّ إِلى الخِرَافِ الضَّالَّةِ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيل.
7. وفِيمَا أَنْتُم ذَاهِبُون، نَادُوا قَائِلين: لَقَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَات.

سؤالٌ يَطْرَحُ ذاتَه لماذا لم يرسلْ يسوعُ تلاميذَه إلى السّامرييَن أو الوثنيين؟ الوثنيّون ليسوا بيهودٍ والسامريّون هم نتيجةُ التزّاوجِ المختلطِ بين اليهودِ والوثنيينِ ويسوعُ يشدِّدُ على من يرسلُهم بأن يذهبوا أوّلًا إلى الخرافِ الضّالةِ من آلِ إسرائيلَ لأنَّ البشارةَ في بداياتِها هي لليهودِ لمن هم من الخرافِ الضالةِ لكي من خلالِهم يبشّروا الأممَ "فهو أتى أوّلًا إلى خاصّتِه" (يو1/11) ليبشّرَهم كما سبقَ اللهُ ووعدَهم به. أي دنوُّ ملكوتِ السَّمواتِ واكتمالِ الوعدِ بالخلاصِ لمنْ يؤمنُ. لقد بدأَ يسوعُ المسيحُ ملكوتَه على الارضِ في قلوبِ أتباعِه، و سيكتَمِلُ هذا يومًا ما وعندئذٍ يقضي على الشَّرِّ، ويعيشُ النَّاسُ في سلامٍ بعضُهم مع بعضٍ.

خلاصة روحيّة
يدعونا المسيحُ اليومَ، وهو لا يجبرُنا، على فِعْلِ شيءٍ لا نريدُ أن نفعلَه، ونستطيعُ أن نختارَ أن نتبعَه أو أن نظلّ حيثُ نحن. المهمّ هو ألّا نضعَ ضعفَنا البشريَّ عثرةً لرسالتِنا بل أنْ نؤمنَ أنّ اللهَ سبَقَ له أنِ استخْدَمَ أناسًا عاديين للقيامِ بأعمالٍ خارقةٍ؛ فسِيَر القدّيسين لا تخلو أبدًا من هذه الحقيقِة. فهل نحن على استعدادٍ لنكوَن رسُلَ المسيحِ في عالمِنا وندعو النّاسَ إلى الملكوتِ المعدِّ لهم من قَبْلِ إنشاءِ العالمِ؟  


تحميل المنشور