رحيل الأحبّاء

رحيل الأحبّاء

يرحلونَ عنّا ويذهبون إلى حيثُ لا تراهُم عيونُ جسدِنا
يحزِمونَ أمتعتَهم في حقيبةٍ مِنْ روحٍ ويسيرون دونَ أنْ يلتفِتوا إلى الوراءِ!
يرحلونَ على أجنحةٍ من نورٍ
جوازُ سفرِهم إيمانُهم الممهورُ بختمِ سواعِدهِم؛
وبطاقةِ السَّفَرِ قلبُهم المثقوبُ بحربةِ اللّطفِ والحنانِ.

يجمعونَ في آنيةٍ مِن نورٍ دموعَ الأحبّاءِ
ويرحلون على متْنِ سفينةٍ من خَشَبٍ
قبطانُها الصَّليبُ
وشراعُها كفَنٌ أبيضُ
خاطَتْه أشعةُ شمسِ المحبّةِ منْ وهجِ ضياءٍ القيامةِ!

فيا أيُّها الرّاحلون،
توقَّفوا هنيهةً واصغوا إلى صوتِنا:
فنحنُ نحبُّكم لدرجةِ أنَّنا لا نستطيعُ حجزَكُم هنا
ونحْنُ نعلمُ يقينًا أنّكُم على الضِّفّةِ الأُخرى
ينتظِرُكُم كوكبةٌ منْ أهلٍ وأصدقاءٍ يحبُّونَكم مثلَنا، لا بلْ أكثرَ منَّا.

ولأنَّ وطنَكُم الحقيقيَّ هو السماءُ،
ولأنَّ رغبةَ قلبِكُم هي الّلقاءُ بالحبيبِ يسوعَ،
ولأنَّكم تُنْشِدون الرَّاحةَ والسَّلامَ،
سنَترُكُكُم ترحلون!

سنتَوقَّفُ عَنِ البُكاءِ والأَسى
فهُما لَنْ يردَّكُما إلينا!
سنتوقَّفُ عنِ النَّحيبِ وذرْفِ الدُّموعِ
لأنّ هناك آلامٌ لا تبكي إلاّ في الدَّاخلِ!
سنتوقَّفُ عنِ التَّذَمُّرِ والجنونِ
لأنّ بيتَكُم أصبحَ الأفقَ اللّامحدودِ!

ولَكِن،
في رحيلِكُم
وحيْثُ تحطّون رحالَكُم
أُنْصُبوا لكمْ نُصْبًا يذكّرُكُم بِودَاعِنا.
ومنْ هناكَ،
ارمُقونا بنظرةِ عطفٍ
وأرسلوا لنا على أجنحةِ الرُّوحِ
صلاةً من نارٍ ونورٍ،
لتُضيءَ ظلمتَنا
وتُطَهِّرُنا مِنْ وجَعِنا
وتحوّلُنا إلى رحّالةِ رجاءٍ
في زَمَنِ اللَارجاءِ.