كُن جذّابًا... مثلَ يسوع

كُن جذّابًا... مثلَ يسوع

منذُ وِلادةِ الانسان وهو يسعى أن يكونَ جذّابًا: بشكلِه، بثيابِهِ، بحضورِه إلخ. ولكنَّ الإنجيلَ الذي تُليَ على مسامِعِنا الأحد الفائِت، إعتلان سرّ المسيح للرسل (يو1: 35- 41)، يُظهر لنا جاذبيّةً من نوعٍ آخر، ثلاثةَ أشخاصٍ جذبوا كلُّ واحدٍ على طريقتِه ولكنّ الهدفَ واحد: تمجيدُ الله. لنتأمل سويةً بهؤلاء الأشخاصِ الجذّابينَ الثلاثةِ، وبثلاثةِ مراحِلٍ يمرُّ بها كلُّ إنسانٍ مسيحيٍّ في مسيرتِهِ الإيمانيّة. 

المرحلة الأولى: جذبونا إليكَ الوجه الجذّاب: يوحنّا المعمدان 

كان يوحنّا المعمدان نبيًّا جذّابًا بكلّ معنى الكلمة: جذّابًا ببساطتِه فكان "يلبَسُ ثوبًا من وبر الجمالِ ويشدُّ وسَطهُ بحزامٍ من جلد ويقتات من الجرادَ والعسلَ في البراري" (مر 1: 6)، جذّابًا بتواضُعهِ فهو اعترف أمام الجميع: "أنا لستُ المسيح" (يو 1: 20)، جذّابًا بجرأتِهِ في قولِ الحقِّ فهو لم يخف أن يُؤنّب الملك هيرودوس لزواجه من امرأةِ أخيه هيروديّا (مر 6: 17-18). بكلمةٍ واحدةٍ، كان يفعلُ ما يقولُه ويقولُ ما يفعلُه. ولكنَّ هذهِ الجاذبيّةِ الكبيرة التي جعلَتْ البعض يتبعونَهُ لم يستغلّها لأهدافٍ شخصيّةٍ بل من أجل المسيح. كان يوحنّا كنجمة الميلاد التي دلّت المجوسَ على الطفل يسوع ولكن عندما وصلوا اختفَتْ لأنّه انتهى دورُها. كم هم كثرٌ "اليوحنّاويّون"في حياتِنا الذين جذبونا إلى المسيح: أهلنا، كهنة رعيّتنا،أساتذة التعليم المسيحي إلخ.لنذكرَهُم في صلاتِنا ليبقوا دائمًا جذّابينَ للمسيح كيوحنّا المعمدان. 


المرحلة الثانية: جذبتَنا إليكَ الوجه الجذّاب: يسوع المسيح 

عند دخولِنا إلى المستشفى للخضوعِ إلى عمليّةٍ جراحيّةٍ، كلُّ أحبائِنا قادرون أن يرافقونا حتّى باب غرفة العمليّات ولكن في الدّاخل لن يبقى سوى نحنُ والطبيب. وهكذا أيضًا في حياتِنا الروحيّة، الناس سيدلّوننا على المسيح ولكن لكلٍّ إختبارُه الشخصيّ في "ا"الغرفة الحميمةِ" أي في القلب مع "الطبيب الحقيقيّ" يسوع المسيح الذي هو قادرٌ أن يقوم ب"عمليّةِ" شفاءٍ وتغييرٍ شاملَين. كلمةٌ واحدةٌ، نظرةٌ واحدةٌ، نهارٌ واحدٌ مع يسوع كافٍ لتغييرِ كلِّ حياتِنا على مثالِ التلميذين. جاذبيّةُ المسيحِ لا تقاوم فهي تجتاحُ وتغزو القلوب. ماذا يجذبُنا بالمسيح؟ وماذا لا يجذبنا فيه: كلامُه، آياتُه، أعمالُه، لكن خاصّةً محبّته المجانيّة، محبتّه الحقيقيّة، محبّته التي تجلّتْ على الصّليب "وأنا متى رُفعتُ جذبتُ إليّ الكثيرين" (يو 12: 32). لندع الربّ يسوع يجذبنا في كلِّ يومٍ من حياتِنا ولا نقفل أمامَه أبواب أنظارِنا وقلوبِنا. 


المرحلة الثالثة: سنجذبُ الناسَ إليكَ الوجه الجذّاب: أندراوس الرسول 

"وجدنا المشيح أي المسيح" (يو 1: 41)، وجدنا الكنزَ الذي كنّا نبحثُ عنه منذُ زمانٍ طويل، هذه كانتْ صرخة أندراوس لأخيه سمعان بطرس. إقامَته مع الجذّاب الأكبر، يسوع المسيح، جعلتُه جذّابًا مثلَه يجذب الناس إليه. أليسَ هذا اختبار القدّيسين الذين بإشعاع وجوهِهم وسيرتِهم جذبوا المؤمنين إلى المسيح في حياتِهم على الأرض وما زالوا يجذبون اليوم وهم في السّماء. إذا كانت وسائلُ الاعلامِ اليوم تسعى لإيجاد أكثرَ قصّةٍ مؤثرةٍ لتجذبَ أكبرَ عددٍ من المشاهدين، أجملُ وأكثرُ قصةٍ مؤثّرةٍ قادرين أن نقولَها عن اللهِ لنجذبَ الناس إلى الكنيسةِ هي حياتِنا. في عصرٍ كَثُرَ فيه المتطوّعونَ لنقل الأخبار السّيّئة، لِنَكُن من القلائل الذين ينقلون الخبر السّارّ،يسوع، من خلالِ أقوالِنا وأعمالِنا. 


في النهاية، إذا أردتَ أن تكونَ جذّابًا، كُن مثل يسوع. كُن مثلَ يسوع،"كلمتُكَ كلمة"، تعلنُ كلمة الحقّ لكلِّ إنسان. كُن مثلَ يسوع، تُشّعُ حياتُكَ وأعمالُكَ على كلِّ من يراكَ.كن مثلَ يسوع، تحبّ حتّى النهاية ،حتّى الصّليب على مثالِه، له المجد إلى الأبد. أمين.