وَحدَة عيد الحب

وَحدَة عيد الحب

دائمًا ما يبحث الإنسان عن شخص يُشاركه مسيرته الحياتيّة، شخصًا يزوّده بالحب والفرح، شخصًا يُكمّله. ولأنّ قلب الإنسان كالبئر العميق، لا تكفيه قطرة من الحب، يقع أحيانًا وخصوصًا في عيد الحب، ضحيّة الفراغ العاطفي.

عندما نتأمّل بالحب نلاحظ أنّه كالطفل الرضيع. هو بحاجة إلى والدٍ حنون ومُحبّ، يزوّده بحبٍّ مجانيّ فيكبُر وبدوره يُعطي بمجانيّة. هو بحاجة إلى منزل دافئٍ كي يحميه، هو بحاجة إلى رعاية واهتمام على مدار الساعة.

الحبُّ كأوراق الخريف، خفيفٌ ولا يصمُد أمام رياح الكره والحقد والألم. نسمة واحدة تكفي لإسقاطه أرضًا وسَفَرِهِبعيدًا بانتظار الربيع الشاّفي. لكنّ عندما تكون الشجرة صلبة، وجذورها قويّة تحضن أوراقها بعطف...وحتّى إن سقطت تُمسِك بها، ويكون الغصن حاضنها: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الّذي يثبت فيَّ وأنا فيه يأتي بثمرٍ كثير..." (يو 50:15).

الحبّ كالحبر، إن بقيَ وحيدًا، فلا فائدة منه، يبحث دومّا عن الورقة البيضاء الطاهرة الّتي تبرز جمال ألوانه، لتكمّله وتُزيده قيمة، يشعر من خلالها أنّه محبوب ولا يمكن الاستغناء عنه. هو كالكلمة الحيّة، الّتي تُعطي ولا تتعب، تتكلّم ولا تمِل. الحب كلمة تنبض حياة، تصرخ باستمرار: "أحبّك".

نعم، لروايات الحبّ نهاية سعيدة، وبئر الإنسان العميق يمتلئ عندما يكتشف الحبّ الحقيقيّ. مسلّمًا قلبه الطفل، إلى أبيه السماويّ الحنون، متشبّثًا برحمته كالورقة الّتي تناضل للبقاء في أحضان غصنها. حبّ الآب السماويّ الّذي يكتب حبر التواضع على قلبي "أحبّك على الرغم من ضعفك". وحده حبّ الآب السماويّ، يملأ قلبي ليفيض حبًّا على الآخرين. هذا هو عيد الحب، عيد التهليل لسيّد الحب الّذي تألّم لأنّه أحب حتّى الموت. فلنحتفل مع الحبّ الأوّل والأخير، يسوع المسيح، كما يقول نشيد الأناشيد:" ليقبّلني بقبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر" (2:1)