الأحد السّابع من زمن العنصرة
سفر العدد: 11 / 16 – 17 + 24 - 29
16 فقالَ الرَّبُّ لِموسى: "اِجمَعْ لي سَبْعينَ رَجُلًا مِن شيوخِ إِسْرائيلَ الَّذينَ تَعلَمُ أَنَّهم شُيوخُ الشَّعْبِ وكتَبَتُهم، وخُذْهم إِلى خَيمةِ المَوعِد، فيَقِفوا هُناكَ مَعَكَ.
17 فأَنزِلُ أَنا وأَتَكلَمُ معَكَ هُناكَ وآخُذُ مِنَ الرّوحِ الَّذي علَيكَ وأُحِلُّه علَيهم، فيَحمِلونَ معَكَ عِبْءَ الشَّعبِ ولا تَحمِلُه أَنتَ وَحدَكَ".
24 فخَرَجَ موسى وأَخبَرَ الشَّعبَ بِكَلامِ الرَّبّ، وجَمَعَ سَبْعينَ رَجُلًا مِن شُيوخِ الشَّعبِ وأَقامَهم حَوالَيِ الخَيمة.
25 فنَزَلَ الرَّبُّ في الغَمام وخاطَبَ موسى، وأَخَذَ مِنَ الرّوحِ الَّذي علَيه وأَحَلَّه على الرِّجالِ السَّبعين، أَيِ الشُّيوخ. فَلمَّا ٱستَقَرَّ الرُّوحُ علَيهم، تَنبَّأُوا، إِلَّا أَنَّهم لم يَستَمِرّوا.
26 وبَقيَ رَجُلانِ في المُخيَّم، اِسمُ أَحَدِهما أَلْداد وٱسمُ الثَّاني مَيداد. فٱستَقرَّ الرُّوحُ علَيهما لأَنَّهما كانا مِنَ المُسَجَّلينَ في اللاّئِحَة، ولكِنَّهما لم يَخرُجا إِلى الخَيمة، فتنبّآ في المُخيَّم.
27 فأَسرَعَ فتًى وأَخبَرَ موسى وقال: "إِنَّ أَلْدادَ ومَيدادَ يَتنبّآنِ في المُخيَم".
28 فأَجابَ يَشوعُ بنُ نون، وهو مُساعِدُ موسى مُنذُ حَداثَتِه، وقال: "يا سَيِّدي، يا موسى، اِمْنَعْهما".
29 قالَ لَه موسى: "أَلعَلَّكَ تَغارُ أَنتَ لي؟ لَيتَ كُلَّ شَعبِ الرَّبِّ أَنبِياءُ بِإِحْلالِ الرَّبِّ روحَه علَيهم".مقدّمة
في هذا الأَحدِ، تَدعونا كَنيسَتُنا إِلى التَّأمُّلِ في رِسَالةِ التّلاميذ الإثنينِ وَالسَّبعينَ الَّذينَ اخْتارَهُم الرَّب لِلبِشَارَة في المناطِقِ الجَديدَة. وَمعَ نَصِّ رِسَالةِ بولسَ الرَّسولِ إِلى أَهلِ قورنتُسَ، يُشَدِّدُ بولُس على نِعمةِ الرَّبِ وَعمَلِ الرُّوحِ القُدُس اللَّذَينِ يُرافِقَانِ الرَّسول في بِشَارَتهِ: "لا نَقْدِرُ أَنْ نَدَّعيَ شَيْئًا كأَنَّهُ مِنَّا، بَلْ إِنَّ قُدْرَتَنا هِيَ مِنَ الله، فهوَ الَّذي قَدَّرَنَا أَنْ نَكُونَ خُدَّامًا لِلعَهْدِ الجَدِيد، لا لِلحَرْفِ بَلْ لِلْرُوح، لأَنَّ الحَرْفَ يَقْتُلُ أَمَّا الرُوحُ فَيُحْيِي". فَالإِنسانُ بِقُدرَتِهِ الشَّخصِيَّةِ لا يُمكِنُهُ أَن يَحمِلَ البِشَارةَ وَعِبْأَها، خَاصَّةً أَنَّ رِسالَةَ العَهدِ الجَديدِ لا تُفهَم إِلاَّ بِنعمَةِ الرُّوحِ القُدس الحَيّ. أَمَّا قِراءةُ العهدِ القَديمِ من سِفرِ العَدَد، فَتَأتي لِتُكَمِّلَ مَفهومَ الرِّسالَةِ لِلبِشَارَة، وَتُنَبِّهَ من فِكرَةِ رَبْطِ نِعمةِ الرُّوح وَعمَلِهِ بِشَخصٍ مُحَدَّد.
إِنَّ نَصَّ العَهدِ القَديمِ من سِفرِ العَدَد، الّذي يَتكَلَّمُ عَن اختِيَارِ الشُّيوخِ السَّبعين، لَيَتَرَدَّدُ أَيضًا في سِفرِ الخُروج (18 / 13 - 27) وَفي سِفرِ التَّثنِيَة (1 / 9 - 18). لأَنَّ سفرَ العَدَدِ يُعيدُ بَعضَ أَحداثِ خروجِ الشَّعبِ الإِسرائيلِيّ من مِصرَ وَسَفَرِهِ في الصَّحْراء، وَلَو بِحُلَّةٍ جَديدَةٍ أَحْيَانًا، كَما يَطرَحُ المواضيعَ الأَساسيَّةَ لِلمُعالَجةِ وَالتَّوضيح، وَيَبدَأُ بِطَرحِ الخُطوطِ الأَوّليَّة لِبَعضِ المفاهيم، مثلاً حولَ النُّبوءَةِ وَوِحدَةِ الشَّعب وَرِسالَتهُ الرّوحيَّة. أَمَّا تَكْرارُ موضُوعِ تَعيِينِ مُعَاوِنينَ لِلنّبيّ موسَى في رِسَالَتهِ، يُظهِرُ أَهمِّيّتَهُ، إِذ الـمَسؤُولِيَّةُ لَم تَعُدْ مُرتَبِطَةً بِشَخصٍ واحِدٍ فقَط. وَهذا عَلامَةٌ عَلى أَنَّ نِعَمَ الرَّبِ هيَ لِلجَميعِ بِتفَاوُتٍ حَكيمٍ وَهيَ لِخِدمَةِ الشَّعبِ وَلِلحِفَاظِ عَلى عَلاقَتِهِ معَ الرَّب.
تفسير الآيات
16 فقالَ الرَّبُّ لِموسى: "اِجمَعْ لي سَبْعينَ رَجُلًا مِن شيوخِ إِسْرائيلَ الَّذينَ تَعلَمُ أَنَّهم شُيوخُ الشَّعْبِ وكتَبَتُهم، وخُذْهم إِلى خَيمةِ المَوعِد، فيَقِفوا هُناكَ مَعَكَ.
17 فأَنزِلُ أَنا وأَتَكلَمُ معَكَ هُناكَ وآخُذُ مِنَ الرّوحِ الَّذي علَيكَ وأُحِلُّه علَيهم، فيَحمِلونَ معَكَ عِبْءَ الشَّعبِ ولا تَحمِلُه أَنتَ وَحدَكَ".يَأتي قَولُ الرَّبِ هَذا لِـموَسى، إِثْرَ إِعلانِ هذا الأَخِيرِ عَن ثِقْلِ مَسؤُولِيَّةِ الشَّعْبِ عَلَيهِ: "لا أُطيقُ أَن أَحْمِلَ هَذا الشَّعبَ كُلَّهُ وَحْدِي، لِأَنّهُ ثَقيلٌ عَليَّ" (عد 11 / 14)، إِذْ تَذمَّرَ الشَّعْبُ، خِلالَ مَسيرَتِهِ في الصَّحْرَاء، مِن فُقْدانِ اللَّحْمِ: "فَإنَّهُ يَبكي لَديَّ وَيَقولُ: "أَعْطِنا لَحمًا فَنأْكُلَهُ"" (عد 11 / 13). فَاسْتَجَابَ الرَّبُ لِصُراخِ موسَى وَحَاجَتهُ، وَطَلَبَ اخْتِيَارَ سَبْعينَ شَيخًا لِيَجتَمِعوا معَ موسَى في خَيمَةِ الـمَوعِد.
إِنَّ الرَّقَم سَبْعين أَي سَبعَة وَعَشَرة في الكِتابِ الـمُقَدَّس يَعني عَدَدًا كامِلاً وَغَيرَ ناقِصٍ. في نَصِّنا، هذا الرَّقمُ يَدُلُّ عَلى عَطِيَّةِ الرَّبِ الـمَجَّانِيَّةِ وَالكَامِلَةِ، في قَصْدِ تَخفيفِ عِبْءِ مَسؤُولِيَّةِ الشَّعبِ عَن كَاهِلِ موسَى. أَمَّا خَيمَةُ الـمَوعِدِ فَهيَ مَكَانُ اللِّقاءِ بِالرَّب، كَانَ موسَى يَدخُلُ إِلَيها لِيَحتَجِبَ عَن الجَميعِ وَقتَ حَديثِ الرَّبِ معَهُ.
في نَصِّ إِنجيلِ اليَوم، نُلاحِظُ بَعضَ نِقَاطِ الشَّبَهِ مَعَ هَذا النَّصِ، إِذْ كَما كَانَ موسَى يُعانِي مِنْ عِبْءِ كَثْرَةِ الشَّعبِ، كَانَ شَعبُ الرَّبِ يَتكَاثَر كمَا عَبَّرَ الرَّبُ يَسوع قائِلاً: "إِنَّ الحِصَادَ كَثِير، أَمَّا الفَعَلةُ فَقَلِيلُون. أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ الحِصَادِ أَنْ يُخْرِجَ فَعَلةً إِلى حِصَادِهِ" (لو 10 / 2). وَكَما أَنَّ موسَى اختارَ سَبْعينَ شَيخًا لِـمُسَاعَدَتِهِ في مَسؤُولِيَّتِهِ تُجاهَ الشَّعْب، اْختارَ الرَّبُ يَسوعَ إِثنانِ وَسَبْعونَ تِلميذًا وَأَرْسَلَهُم لِـمُسَاعَدَتهِ في نَشْرِ البِشَارَةِ في الـمَناطِقِ وَالـمَواضِعِ الَّتي كَانَ سَيَزورَهَا هوَ بِنَفسِهِ.
وَلا يُمكِنُ تَجاهُلَ دَورَ الرُّوحِ في الرِّسَالَة وَالبِشَارة. فَنَصُّ سِفرِ العَدَدِ يُشَدِّدُ على أَنَّ روحَ الرَّبِ الَّذي حلَّ على موسَى، سَيَكونُ معَ السَّبعينَ شَيخًا أَيضًا لِحَملِ عِبْءِ الشَّعب.
24 فخَرَجَ موسى وأَخبَرَ الشَّعبَ بِكَلامِ الرَّبّ، وجَمَعَ سَبْعينَ رَجُلًا مِن شُيوخِ الشَّعبِ وأَقامَهم حَوالَيِ الخَيمة.
25 فنَزَلَ الرَّبُّ في الغَمام وخاطَبَ موسى، وأَخَذَ مِنَ الرّوحِ الَّذي علَيه وأَحَلَّه على الرِّجالِ السَّبعين، أَيِ الشُّيوخ. فَلمَّا ٱستَقَرَّ الرُّوحُ علَيهم، تَنبَّأُوا، إِلَّا أَنَّهم لم يَستَمِرّوا.
فَفَعَلَ موسَى كَما أَمَرَهُ الرَّب، وَعِنْدَما حَلَّ عَلى الشُّيوخِ قِسْمًا من روحِ نُبوءَةِ موسَى، تَنَبَّأَ هَؤُلاء، لِأَنَّ روحَ نَبيٍّ حَلَّ عَلَيهِم. ثُمَّ تَوَقَّفوا عَنِ التَّنَبُّؤِ، لِأَنَّ دَورَهُم الأَسَاسِيِّ هوَ مُسَاعَدَةُ موسَى في حَمْلِ عِبْءِ الشَّعبِ الكَثير وَلَيسَ التَّنبُؤ. في نصِّ سِفرِ الخُروجِ، وَبِهِ يُطرَحُ الموضُوعُ نَفسُهُ كمَا هُنا، يقولُ يِترو لِـموسَى: "اخْتَرْ من كُلِّ الشَّعبِ أُناسًا مَهرةً أَتقياءَ للهِ، يُقضونَ لِلشَّعبِ في كُلِّ وَقتٍ وَيَرفَعونَ إِليكَ كُلَّ قضِيَّةٍ هامَّة. خَفِّفْ عن نَفسِكَ وهُم يَحمِلونَ معكَ" (خر 18 / 21 - 22).
كَما أَنَّهُ منَ الجَديرِ الانتِبَاهِ إِلى أَنَّ روحَ نبوءَةِ موسَى لَم تَستَمِرَّ معَ الشُّيوخِ، وَهيَ بِدايَةُ علاماتِ تَدَخُّلِ يَدِ الكاتِبِ الكَهنوتيّ، الَّذي سَيَطرَحُ موضوعَ ميزَةِ موسَى النَّبوِيَّةِ، لِلـمُعالَجَة وَالتَّوضِيح.
26 وبَقيَ رَجُلانِ في المُخيَّم، اِسمُ أَحَدِهما أَلْداد وٱسمُ الثَّاني مَيداد. فٱستَقرَّ الرُّوحُ علَيهما لأَنَّهما كانا مِنَ المُسَجَّلينَ في اللاّئِحَة، ولكِنَّهما لم يَخرُجا إِلى الخَيمة، فتنبّآ في المُخيَّم.
هُنا، يَنتَقِلُ الـمَشْهَدُ إِلى مَكانٍ جَديدٍ، الـمُخَيَّم. لا نَسْتَطيعُ البَتَّ في أَلْدادِ وَمَيْدَادَ إِذا كَانُوا من ضِمْنِ السَّبعينَ شَيخًا أَم لا أَي إِذا كانَ عَدَدُ الشُّيوخِ إِثنانِ وَسَبعونَ كَعدَدِ تَلاميذِ الرَّبِ يَسوعَ. فَالنَّصُ يَقول: "كَانا منَ الـمُسَجَّلينَ في اللاَّئِحَة" إِلاَّ أَنَّ الآيَةَ السَّابِقَةَ تُحَدِّدُ عَدَدَ الشُّيوخِ الـمَوجودِينَ حولَ الخَيمَةِ أَنَّهُم "سَبعين".
وَلَكِنْ، الموضُوعَ الأَهمّ هوَ أَنَّ روحَ الرَّبِ حَلَّ عَلَيهِما حينَ كَانا بَعيدَانِ عَن خَيمَةِ الـمَوعِدِ، حَيثُ كَانَ الرَّبُ حَاضِرًا معَ موسَى. هَذا الأَمْرُ يَدُلُّ عَلى أَنَّ روحَ الرَّبِ النَّبَوِيَّةِ الّتي حَلَّتْ عَلى موسَى، لَيْسَت مَحْصُورَةً بِهِ وَحْدَهُ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ يُمكنُهُ أَن يَحصَلَ عَلَيها بِنِعمَةٍ مَجَّانيَّةٍ منَ الرَّب. مَا يَدُلُّ على أَنَّ هذا النَّص هوَ صيغَةٌ حَديثَةٌ لِـمَوضوعِ "روحِ النُّبوءَة"، فَهذِهِ الآيَةُ معَ الآيَاتِ اللاَّحِقة تَدُلُّ على أَنَّ الكاتِبَ تَحرَّرَ من الفِكْرَةِ القَديمَة أَنَّ"موسَى هوَ أَلنَّبيّ الأَوحَد" وَلا أَنبِيَاءَ لِلرَّبِ سِواهُ. هَذا، لِأَنَّهُ اكْتَشَفَ أَنَّ شَعبَ الرَّبِ يَحوِي أَنبياءَ صالِحينَ غَيرَ موسَى، وَأَنَّ دَعوةَ الرَّبِ مُنْفَتِحةٌ وَشَامِلةٌ وَلَيسَت مُخَصَّصَةٌ لِشَخصٍ أَو لِشَعب. هَذهِ الفِكرَةُ هيَ منَ التَّقليدِ الكَهنوتيّ، الَّذي يُرَكِّزُ على أَنَّ شَعبَ الرَّبِ هوَ شَعبٌ كَهنوتيٌّ، وَشَعبُ أَنبياء (راجع يوء 3 / 1 - 2).
27 فأَسرَعَ فتًى وأَخبَرَ موسى وقال: "إِنَّ أَلْدادَ ومَيدادَ يَتنبّآنِ في المُخيَم".
28 فأَجابَ يَشوعُ بنُ نون، وهو مُساعِدُ موسى مُنذُ حَداثَتِه، وقال: "يا سَيِّدي، يا موسى، اِمْنَعْهما".
29 قالَ لَه موسى: "أَلعَلَّكَ تَغارُ أَنتَ لي؟ لَيتَ كُلَّ شَعبِ الرَّبِّ أَنبِياءُ بِإِحْلالِ الرَّبِّ روحَه علَيهم".
نَجِدُ في هَذِهِ الآيَات الخُطوطَ الأُولى لِلتَّقليدِ النَّبَويّ الَّتي حَضَّرَت لَهُ قِصَّةُ أَلدادَ وَمَيدَاد اللَّذانِ تنَبَّآ في الـمُخيَّم. نَرى هُنا يَشوعَ بنِ نون، مُسَاعِدُ موسَى، وَالَّذي يَسْتَنْكِرُ النَّبيَّانِ الجَديدَانِ وَيُحَافِظُ عَلى الـمَفهومِ القَديم الـمُنغَلِق وَالخَالي من الرُّوح، فَيُجَاوِبُهُ موسَى بِنَفْسِهِ: "أَلعَلَّكَ تَغَارُ لي؟ لَيتَ كُلَّ شَعبِ الرَّبِ أَنبِياءُ". في هَذهِ الكَلِمَاتِ، يُعْلِنُ موسَى صِدْقَ "التَّقليدِ النَّبويّ" وَيُسْقِطُ الـمَفهومَ القَديمَ لِروحِ النُّبوءَةِ. وَيَخْتُمُ موسَى تَعليمَهُ بِالتَّركيزِ على أَنَّ النُّبوءَةَ هيَ مِن روحِ الرَّبِ الحَالِّ على النَّبيّ، بِحُضورِ شُهودٍ، فَيُنَبِّهَ هَكذا من الأَنبِياءِ الكَذَبَةِ الَّذينَ يَتنبَّأُونَ بِالكَذِبِ وَيُضِلُّونَ الشَّعب.
خُلاصَةٌ روحِيَّةٌ
تُذَكِّرُنا هذه القِراءَةُ بِنصِّ يوئيلَ النَّبيّ القَائِلِ عن عَملِ الرُّوحِ القُدُسِ وَحُريَّةِ الرَّب في اختِيارِ أَنبياءٍ وَرُسُلٍ: "أُفيضُ روحي في تِلكَ الأيَّامِ، على كُلِّ بشَرٍ فَيتَنَبَّأُ بَنوكُم وَبَناتِكُم..." (يوء 3 / 1 - 2). كمَا تُنَبِّهُ من روحِ التَّعلُّقِ بِنِعَمِ الرَّبِ وَحَصْرِهِم في شَخصٍ واحِدٍ فقَط، لِأَنَّ هذا عَملٌ ضِدَّ الرّوحِ القُدُس وَضِدَّ حُريَّةِ الرَّب. إِلاَّ أَنَّ هذا، لا يَنفي أَهميَّةَ وُجودِ قائِدٍ روحِيٍّ يَكونُ مَرجَعِيَّةً لِلشَّعب، كَموسَى هُنا.
معَ هذهِ القِراءَةِ نفْهَم أَيضًا، أَنَّ روحَ الرَّبِ هوَ روحُ الحريَّةِ وَروحُ الحَقيقَةِ، فموسَى بِنَفسِهِ يُعْلِنْ أَنَّ نِعمةَ نبوءَتهِ لَيسَت حَصرِيَّةً بَل هيَ لِلجَميع.