الأخت راغدة عبيد ر.ل.م.
مقالات/ 2023-02-24
أحد الأبرص
سفر الملوك الثاني: 5 / 1 – 3 + 9 – 14
1 كانَ نَعْمان، رَئيسُ جَيشِ مَلِكِ أَرام، رَجُلًا عَظيمًا عِندَ سَيِّدِه مُكَرَّمًا لَدَيه، لأنه عن يَدِه أَعْطى الرَّبُّ نَصْرًا لأَرام. وكانَ الرَّجُلُ مُحارِبًــا باسِلًا، وكـانَ أَبرَص.
2 وإِنَّ أرامِيِّينَ خَرَجوا غازين، فسَبَوا مِن أَرضِ إِسْرائيلَ فَتاةً صَغيرة، وأَصبَحَت في خِدْمَةِ زَوجَةِ نَعْمَان.
3 فقالَت لِسَيِّدَتِها: يا لَيتَ سَيِّدِي حَضَرَ أَمامَ النَّبِيِّ الَّذي في السَّامِرة، فإنَّه كانَ يَشْفيه مِن بَرَصِه.
9 فأَقبَلَ نَعْمانُ بِخَيلِه ومَركَباتِه، ووَقَفَ على بابِ بَيتِ أليشاع.
10 فأَرسَلَ إِلَيه أليشاع رَسولًا يقولُ لَه: اِمضِ وٱغتَسلْ في الأردُنِّ سَبعَ مَرَّات، فيَعودَ إِلَيكَ لحمُكَ وتَطهُ.
11 فغَضبَ نَعْمانُ ومَضى وهو يَقولُ في نَفسِه: كُنتُ أَحسَبُ أنّه يَخرُجُ ويَقِفُ ويَدْعو بِٱسمِ الرَّبِّ إِلهِه ويحَرِّكُ يَدَه فَوقَ المَكانِ ويَشفِي البَرَص.
12 أَليسَ أَبانَةُ وفَرفَر، نَهْرا دمَشق، خَيرًا مِن جَميعِ مِياهِ إِسْرائيل؟ أَفلا أَغَتَسِلُ فيهما وأَطهُر؟ وٱنصَرَفَ راجِعًا وهو مُغضَب.
13 فتَقَدَّمَ إِلَيه خُدَّامُه وخاطَبوه وقالوا: "يا أبي، لَو أَمَرَكَ النَّبِيُّ بِأَمرٍ عَظِيم، أَما كُنتَ تَفعَلُه؟ فكَيفَ بِالأَحْرى وقد قالَ لَك: اِغتسِلْ وٱطهُرْ". فنزَلَ وغَطَسَ في الأردُنِّ سَبعَ مَرَّاتٍ، كما قالَ رَجُلُ الله، فعادَ لَحمُه كَلَحمِ صَبِيِّ صَغيرٍ وطَهُر.
مقدّمة
تَضَعُ كنيسَتُنا الـمَارونِيَّةُ في الأُسبوعِ الثّاني من زمنِ الصَّوم،ِ آيَةَ شِفَاءِ الأَبرَصِ كَمَوضوعٍ لِنتَأَمَّلَ فيهِ. إِنَّ الرَّبّ يَسوعَ الـمَسيح شَفى الأَبرَصَ بِنظرَةِ حَنانٍ، بِلَمسِ جَسَدهِ وَبِكَلمَةٍ من فيهِ: "قدْ شِئتُ، فَاطهُر!" (مر 1 / 41). ثَلاثُ مَراحِلٍ تُظهِرُ شَخصِيَّةَ يَسوعَ الـمُتواضِعةَ، القَديرَةَ وَالرَّحيمَة، فَهوَ صورَةُ الآبِ وَالشَّاهِدُ الحَقُّ على حَنانِهِ وَمحبَّتِهِ اللاَّمُتناهِيَةِ لِلإِنسَان.
تَختارُ كَنيسَتُنا في مُناسَبَةِ هَذهِ الآيَة التي اقْتَرحَها الرَّبّ، قراءَةَ العهدِ القَديمِ من سفرِ الملوكِ الثّاني، تُحَدِّثُنا عن آيَةِ شِفاءِ نُعمَانَ الأَبرَص الوَثنِيِّ، على يَدِ النَّبيّ أَليشَاعَ، تِلميذِ النَّبيّ إيليَّا الغَيور. هَذهِ اللَّوحةُ الشِّفائِيَّةُ منَ العَهدِ القَديمِ تَلْتَقي معَ آيةِ شِفاءِ الأَبرَصِ مَجهولِ الهُوِيَّة في نصِّ الإِنجيل.
تفسير الآيات
1 كانَ نَعْمان، رَئيسُ جَيشِ مَلِكِ أَرام، رَجُلًا عَظيمًا عِندَ سَيِّدِه مُكَرَّمًا لَدَيه، لأنه عن يَدِه أَعْطى الرَّبُّ نَصْرًا لأَرام. وكانَ الرَّجُلُ مُحارِبًــا باسِلًا، وكـانَ أَبرَص.
حَدَثَت مُعجِزَةُ شِفَاءِ نُعمانَ الأَبْرَصِ، في زَمنِ بَنَهْدَد مَلِكِ أَرامَ الَّذي انتَصَرَ على مَلِكِ إِسرائيلَ آنَذاكَ، أَيْ آحَابَ الَّذي تزوَّجَ من إِيزابَلَ الوثَنيَّةَ، بِنتَ أَتبَعْلَ مَلِكِ صيدَا، وَكَانَ أَكثرَ مُلوكِ إِسرائيلَ شَرًّا: "صَنعَ الشَّرّ في عَينَي الرَّبّ أَكثرَ من كُلِّ مَنْ تقَدَّمَهُ. وَسَارَ في خَطَايا يارُبعامَ ابْنِ نَبَاط، ... وراحَ يَعْبُدُ البَعلَ وَيَسجُدُ لهُ" (راجع 1مل 16 / 30 - 33). فَالنَّصْرُ في مَعرَكةِ رَاموتَ جِلعَادَ هَذهِ، حَصَلَ على يَدِ نُعمَانَ الأَبْرَصَ، لِهذا كَانَ مُكرَّمًا عِندَ سَيِّدِهِ وَكانَ رَئيسَ جَيْشِهِ (راجِع 1مل 22 / 29 - 38). فَبَرَصُهُ إِذًا، لَم يَكُنْ عَائِقًا يَمنَعُهُ منَ القِيامِ بِعَمَلِهِ، وَالواضِح أَنَّ دَاءَ البَرَصِ لَم يَكُنْ مُنتَشِرًا في كَامِلِ جِسْمِهِ (راجِع لاو 13 – 14؛ عدد 12 / 1 – 15؛ 2صم 3 / 28 - 29).
نُلاحِظُ في هَذهِ الرِّوَايَةِ، أَنَّ الرَّبّ الَّذي يَعْبُدُهُ شَعبُ إِسْرائيلَ، هُوَ نَفسُهُ كَانَ مَعَ نُعمَانَ الآرامِيَّ عَابِدِ الوَثَنِ، وَنَصَرهُ عَلى مَلكِ إِسرائِيلَ، الَّذي كَانَ منَ الـمُفْتَرَض أَنْ يَنتَصِرَ إِذْ كَانَ هوَ الَّذي يَعْرِفُ اسْمَ الرَّبِّ وَيَشْهَدُ عَلى عِنَايَتِهِ بِشَعْبِهِ. إِلاَّ أَنَّ آحَابَ، كَغَيرِهِ مِن مُلوكِ إِسرائِيلَ، خَانَ عَهدَ الرَّبِّ وَعَبَدَ الأَوثَانَ. وَلَكِنَّ الرَّبَّ يَحْفَظُ دَائِمًا بَقِيَّةً لَهُ لِيُخَلِّصَ مِن خِلالِهَا شَعْبَهُ، وَيُمَجِّدَ فيهِم اسْمَهُ القُدُّوس.
2 وإِنَّ أرامِيِّينَ خَرَجوا غازين، فسَبَوا مِن أَرضِ إِسْرائيلَ فَتاةً صَغيرة، وأَصبَحَت في خِدْمَةِ زَوجَةِ نَعْمَان.
3 فقالَت لِسَيِّدَتِها: يا لَيتَ سَيِّدِي حَضَرَ أَمامَ النَّبِيِّ الَّذي في السَّامِرة، فإنَّه كانَ يَشْفيه مِن بَرَصِه.
في مَعرَكَةِ رَاموتَ جِلعَادَ، كَما في جَميعِ الـمَعَارِكِ بينَ الشُّعوبِ، سَبَى مَلِكُ أَرامَ قِسْمًا منَ الشَّعْبِ الإِسرائِيلِيّ وَمن بَيْنِهِم فَتاةً صَغيرَةً كَانَتْ تَخْدُمُ الآرامِيِّين. وَبِواسِطَةِ هَذِهِ الفَتاةُ العِبرانِيَّةُ سَيَتَمَجَّدُ اسْمُ الرَّبِّ في بِلادِ الوَثَنِيِّينَ، وَمرَّةً جَديدَةً سَتَظْهَرُ رَحْمةُ الرَّبّ الَّتي تَشْمُلُ ليسَ فقَط الإِسرائيلِيِّينَ، بَل أَيضًا الغُرَبَاءَ عَنِ الإِيـمَان (راجِع 1مل 17 / 17 - 21 ). لا بَلْ نَفْهَم أَنَّ الرَّبَّ مَعْبودٌ عِندَ الغُرَباءِ، كَالإِلهِ الحَقِّ (راجع 1مل 18 / 20 - 40).
في نَصِّ الإِنجيلِ، يَشْفي الرَّبُّ يَسوعَ الأَبْرَصَ في الجَليلِ، أَيْ في البِلادِ الَّتي كَانَ اليَهودُ يُنْكِرونَ انْتِمَاءَها بِسَبَبِ شَعْبِها الَّذي عَاشَ في ظِلِّ الوَثنِيِّينَ وَتَبَنَّى تَقَاليدَهُم، فَكَانُوا يُعْتَبَرونَ غُرَباءَ عنِ الإِيمَانِ الحَقّ. إِلاَّ أَنَّ الرَّبَّ وَجَدَ في شَعْبِها إِعْتِرافًا بِأُلوهِيَّتِهِ، إِيمَانًا صَادِقًا وَثِقَةً بِقُدْرَتِهِ: "إِنْ شِئْتَ، فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي!" (راجِع مر 1 / 35 - 45).
9 فأَقبَلَ نَعْمانُ بِخَيلِه ومَركَباتِه، ووَقَفَ على بابِ بَيتِ أليشاع.
10 فأَرسَلَ إِلَيه أليشاع رَسولًا يقولُ لَه: اِمضِ وٱغتَسلْ في الأردُنِّ سَبعَ مَرَّات، فيَعودَ إِلَيكَ لحمُكَ وتَطهرُ.
جَاءَ نُعْمانُ إِلى السَّامِرَةِ، حَيثُ نَبِيُّ الرَّبِّ أَليشَاعَ. لَقَد جَاءَ بِخَيلِهِ وَمَركَبَاتِهِ، كَقائِدِ جَيشٍ وَوَقَفَ على البَابِ ظَنًّا مِنهُ أَنَّهُ سَيَأتي إِلَيهِ النَّبِيُّ. بَيْدَ أَنَّ أَليشَاعَ لَم يَتْرُك عُزْلَتهُ وَلَم يَخْرُج لِلقَاءِ الأَبْرَصِ، بَل بَعَثَ إِليهِ رَسُولَهُ. أَرادَ أَليشَاعُ أَن يُوَجِّهَ قَلبَ نُعْمَانَ إِلى الرَّبِّ وَلَيسَ إِليهِ شَخصِيًّا، لِأَنَّ الشَّافي هوَ الرَّبّ.
طَلَبَ أَليشَاعُ من نُعْمَانَ الاغْتِسَالَ سَبعَ مَرَّاتٍ في نَهرِ الأُرْدُنِّ لِيُشْفَى. أَلعَدَدُ سَبْعَة هوَ عَددٌ مُقَدَّسٌ. أَمَّا الاغْتِسَالُ في نَهرِ الأُردُنِّ وَليسَ في نَهرٍ آخَرَ، يَعودُ إِلى حَدَثِ انْفِلاقِ مِياهِ الأُردُنِّ في حينِ مُرورِ تابوتِ الرَّبِّ على أَكْتافِ الكَهَنةِ. وَهُناكَ وَضَعَ يَومَئِذٍ يَشوعَ بنِ نونٍ تِلميذِ موسَى، إِثنا عَشَرَ حجَرًا تَذكَارًا لِهذَا الحَدثِ العَظِيمِ الَّذي أَظْهَرَ فيهِ الرَّبُّ حُضُورَهُ في وَسَطِ شَعْبِهِ (راجِع يش 3 - 4). هَكَذا اشْتَركَ الغُرَباءُ في تَاريخِ إِيمَانِ شَعْبِ الرَّبّ.
11 فغَضبَ نَعْمانُ ومَضى وهو يَقولُ في نَفسِه: كُنتُ أَحسَبُ أنّه يَخرُجُ ويَقِفُ ويَدْعو بِٱسمِ الرَّبِّ إِلهِه ويحَرِّكُ يَدَه فَوقَ المَكانِ ويَشفِي البَرَص.
12 أَليسَ أَبانَةُ وفَرفَر، نَهْرا دمَشق، خَيرًا مِن جَميعِ مِياهِ إِسْرائيل؟ أَفلا أَغَتَسِلُ فيهما وأَطهُر؟ وٱنصَرَفَ راجِعًا وهو مُغضَب.
غَضَبُ نُعْمَانَ يَعودُ إِلى عَدَمِ فَهْمِهِ لِـمَا قَالَهُ لهُ النَّبيّ، سَمِعَ فقَط أَنَّهُ عَليهِ أَن يَغْتَسِلَ في ماءِ الأُردُنِّ لِيَطْهُر، حَسِبَ أَنَّ النَّبيَّ يَطْلُبُ منهُ أَن يَقومَ بِشَعَائِرِ التَّطهيرِ فقَط. إِلاَّ أَنَّ أَليشَاعَ قَالَ لهُ: "يَعودَ إِليكَ لحمُكَ وَتَطهُر" أَي آيَةُ الشِّفَاءِ سَتَتِمُّ حَقًّا. وَلِغَضَبِهِ رَجِعَ إِلى مُرافِقيهِ مَخْذولاً وَهوَ يُثَرثِرُ. نَهْرا أَبانَةُ وَفَرفَر يَمُدَّانِ الأَراضي الواقِعَةَ حَولَ دِمَشقَ بِماءٍ غَزيرٍ، فَيَجْعَلانِ تِلكَ الأراضي حَسَنةَ الـمَنظَرِ، خَصْبةً بِخِلافِ أَنهُرِ يَهوذا وَإِسرائِيلَ الَّتي تجرِي في أَودِيَةٍ عَميقَةٍ صَخرِيَّة.
كَانَ نُعمَانُ يَظُنُّ أَنَّ الشِّفَاءَ يَتِمُّ بِلَمسَةٍ عَجَائِبيَّةٍ، هذا كَانَ مَفهومُ الوَثنِيِّينَ لِلشِّفاء. إِلاَّ أَنَّ الرَّبَّ يَشْفي بِكَلِمَتهِ الخَارِجةِ من أَفواهِ أَنبِياءِهِ. الرَّبُّ يسوعُ شَفى الأَبرَصَ بِلَمسِهِ وَبِكلِمةٍ من فيهِ، فَجَمعَ في طَريقَةِ شِفَائِهِ الرَّحْمةَ وَالقُدْرةَ الإِلهيَّةَ التي تَشفي بِالكَلِمة.
13 فتَقَدَّمَ إِلَيه خُدَّامُه وخاطَبوه وقالوا: "يا أبي، لَو أَمَرَكَ النَّبِيُّ بِأَمرٍ عَظِيم، أَما كُنتَ تَفعَلُه؟ فكَيفَ بِالأَحْرى وقد قالَ لَك: اِغتسِلْ وٱطهُرْ". فنزَلَ وغَطَسَ في الأردُنِّ سَبعَ مَرَّاتٍ، كما قالَ رَجُلُ الله، فعادَ لَحمُه كَلَحمِ صَبِيِّ صَغيرٍ وطَهُر.
يَظْهَرُ تَواضُعُ نُعمَانَ في رُجوعِهِ السَّريعِ عن غَيظِهِ، وَإِصغائِهِ لِعَبيدِهِ. فَبِتواضُعِهِ، فَهِمَ ما طَلَبَ مِنهُ نَبيُّ الله، فَنَزلَ إلى الأُردُنِّ. حَرَكَتانِ تَدُلاَّنِ على طِيبَةِ نَفْسِهِ، بِتواضُعِهِ كَسَرَ كِبرِياءَهُ وَأَطَاعَ أَمرَ النَّبيِّ، وَبِنزولِهِ إلى نهرِ الأُردُنِّ قَبِلَ الانْحِدارَ إلى مَكانٍ عَميقٍ، إلى تَحت مُستَوى مدينَةِ السَّامِرة. بِخُضوعِهِ نَالَ الشِّفاءَ وَعَادَ لَحمُهُ طَريًّا جَديدًا وَنَالَ الطُّهرَ الرّوحِيَّ وَالجَسَديّ.
خُلاصَةٌ روحِيَّةٌ
في نَصَّي الملوكِ الثاني وإِنجيلِ مرقُس، نَجِدُ نِعْمةَ الشِّفَاءِ الَّتي تَطَالُ النَّفسَ وَالجَسَدَ مَعًا، وَيَسْبِقُهُما التَّواضُعُ وَالطَّلَب. أَبْرَصَانِ وَثَنِيَّانِ، وَاحِدٌ جَليلِيٌّ مَرذولٌ من إِخوَتِهِ أَبناءِ شَعْبِهِ، وَآخَرُ آرامِيٌّ سوريٌّ عَابِدُ وَثَنٍ مَعْروفٌ وَقَائِدُ جَيشٍ، حَدَثُ شِفَائِهِمَا هُوَ عَلامَةٌ على رَحْمَةِ الرَّبّ لِجَميعِ البَشَر، كُلُّ إِنسَانٍ هوَ مِحْوَرُ اهْتِمَامِهِ لا فَرقَ عِنْدَهُ بينَ يَهودِيٍّ أَو يُونانِيّ.
أَلفَتاةُ العِبْرِيَّةُ الَّتي سُبِيَتْ إِلى آرامَ، تَبقَى حَيَّةً في ذِهْنِ القَارِئِ، لِأَنَّها تُفْهِمُنا أَنَّهُ بِالرَّغْمِ منَ الآلامِ وَالاضطِّهَادَاتِ وَقِلَّةِ عَدَدِ الـمُؤمِنينَ بِالرَّبّ، يَبْقَى الإِيمَانُ مَنْفَذًا لَنا وَطَريقًا نَسِيرُ فيهِ بِثِقَةٍ. فَلا شيءَ يُمكِنُهُ أَن يَقِفَ حَاجِزًا في دَربِ الـمُؤمِنِ. كَمَا أَنَّ خُدَّامَ نُعمَانَ الأَبْرَصَ، هَؤُلاءِ الشُّبانِ أَيضًا، بِالرَّغمِ من دَوْرِهِمِ الصَّغير، آمَنُوا بِالرَّبِّ وَنَبِيِّهِ وَشَجَّعُوا سَيِّدَهُم عَلى الإِيـمَانِ وَالاسْتِسْلامِ لِعَمَلِ الرَّبّ. هَذهِ اللَّوحَةُ الـمُؤَلَّفةُ منَ الفَتاةِ العِبْرِيَّةِ وَالشُّبّانِ الآرامِيِّينَ، تُضْفي على حَدَثِ شِفاءِ نُعْمَانَ جَوًّا منَ الإِيمَانِ بِالرَّبّ القَادِرِ أَن يَشْفي شَعْبَهُ من خَطايَاهُ وَمن عِلَلِهِ. حَدَثُ شِفَاءِ نُعمَانَ السّورِيّ هوَ حَدَثُ إِعلانِ الشُّعوبِ الوَثَنِيَّةِ إِيـمَانَها بِالرَّبِّ الواحِد.
هَلْ فَكَّرْنا يَومًا بِدَورِنا الصَّغيرِ الـمُتَخَفِّي الَّذي عَلينا أَن نَقومَ بِهِ لِنَشْرِ الإِيمان؟ في الصَّلاةِ أَمْ في الـمَثَل، في الكَلِمَةِ وَفي النَّصيحَة؟