الشدياق جول يوسف
مقالات/ 2018-01-25
"أَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَكَ" (متى 6/6)
قد يصعب علينا في ضجيج وسرعة عالم اليوم أن نجد لأنفسنا وقتًا نختلي فيه مع الله ولكن إن أردنا فعلاً ان نصلّي بالرّغم من ذلك، تتبادر علينا أسئلة بديهيّة: أين أصلّي، لماذا أصلّي وكيف أصلّي؟
"أَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ..."
من الضروري العثور على مكانٍ خاصّ، يكون مكانًا للقاءٍ حميمٍ بيننا وبين الله. قد يكون غرفة نومي أو كنيسة رعيّتي، أو دير أقصده لأخرج من العالم. هو مكان فيه أستطيع الاختلاء بذاتي لكي اتواصل مع الله. هذا المكان سيحمل مع الوقت اختباري الذاتي في حياة الصلاة. فإليه سأعود عند كلّ حاجة من حاجاتي لأستذكر حضور الله فيه وحضوري في قلب الله.
"...وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ..."
في الصلاة أريد أن أقول شيئاً لله، وهو أيضاً يريد أن يقول لي ما يشاء. الصلاة ليست فقط حديثًا من طرفٍ واحد، بل هي لقاءٌ بين حبيبين يتخلّله الإفصاح عمّا في داخل الاثنين. الله يريد أن يُسمعنا أنّه إلى جانبنا وأنّه يحبّنا، فلنتكلّم معه كما يكلّم الطفلُ أبيه وعلينا أيضاً أن نقدّم له صمتَنا تاركين له المجال ليتكلّم معنا.
"... فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ"
هو حاضرٌ في أيّ زمانٍ أو أي مكانٍ نختار. لا يبرح ينتظرنا لنلتقي به. الله دوماً حاضرٌ ليسمع صلاتنا ويلتقي بنا في أيّ حالة نكون فيها. فمتى أردناه وُجِد، ومتى طلبناه أتى. فهو في الخفية، لكنه في الخفية يجازينا حسناً من أجل حبّه لنا ومن أجل لقائنا به.
قد نقول أن الصلاة بحاجةٍ إلى وقت، أو إلى معرفةٍ روحيّةٍ أو قد نجد أسبابًا عديدة تجعلنا نبعدها عن الحياة اليوميّة. لكن الكنيسة تقدّم لنا عناصر عديدة تساعدنا على الصلاة وهي: الكتاب المقدّس لنتأمَّل بهِ، والمسبحة الورديّة مثلًا، بالإضافة إلى صلوات تركها لنا القدّيسون، الذين عاشوا بالأمس ما وصلنا من صلوات اليوم.
تتعدّد الطُّرُق التي قد تساعدنا على الصلاة اليوميّة بالرّغم من كلّ الانشغالات كقراءة نصٍّ من الإنجيل صباحًا واختيار آيةٍ خاطبَتنا ومحاولة تردادها طيلة النهار، ثمّ العودة في المساء إلى مخاطبة الله انطلاقًا من هذه الآية. تُسمّى هذه الصلاة: صلاة القلب.
أيُّ مكانٍ نلتقي فيه مع الله يُصبح مكان صلاة، فيه أعبّر عن كلّ ما أريد أمام الله وأتركه يخاطب قلبي، وأغتني من المراجع والصلوات التي أعطتني إيّاها الكنيسة.
ختامًا، فلنتذكّر البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني الذي قال: "إنّ الإيمان يقوّي الصّلاة والصلاة تُقوّي الإيمان" ولنجعل من الصلاة، حاجةً أساسيّة نقوم بها يوميًّا فتصبح جزءًا لا يتجزّأ من نهارنا ومن حياتنا.