الأحد السابع من زمن العنصرة
إرسال التلاميذ الاثنين والسبعين
(لو 10/1-7)
1. بَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ ٱلرَّبُّ ٱثْنَينِ وَسَبْعِينَ آخَرِين، وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَذْهَبَ إِلَيه.
2. وَقالَ لَهُم: «إِنَّ ٱلحِصَادَ كَثِير، أَمَّا ٱلفَعَلةُ فَقَلِيلُون. أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ ٱلحِصَادِ أَنْ يُخْرِجَ فَعَلةً إِلى حِصَادِهِ.
3. إِذْهَبُوا. هَا إِنِّي أُرْسِلُكُم كَالحُمْلانِ بَيْنَ الذِّئَاب.
4. لا تَحْمِلُوا كِيسًا، وَلا زَادًا، وَلا حِذَاءً، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ في الطَّرِيق.
5. وأَيَّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوه، قُولُوا أَوَّلاً: أَلسَّلامُ لِهذَا البَيْت.
6. فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلامٍ فَسَلامُكُم يَسْتَقِرُّ عَلَيه، وَإِلاَّ فَيَرْجِعُ إِلَيْكُم.
7. وَأَقيمُوا في ذلِكَ البَيْتِ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مِمَّا عِنْدَهُم، لأَنَّ الفَاعِلَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ. وَلا تَنْتَقِلوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْت.
مقدّمة
يُحتفَلُ هذا الأحدَ بدعوةِ التّلاميذِ الاثنين والسَّبعين وإرسالِهم علاوةً على إرسالِ الإثني عشرِ، فالعددُ سبعون إشارةٌ الى عددِ الشّعوبِ الوثنيَّةِ كما هو التّقليدُ في التّوراةِ، وهذا يعني أنَّ الِّرسالةَ الانجيليَّةَ ليسَتْ وقْفًا على الاثني عشر فقط، وأنّ التّبشيرَ في فلسطين مقدمةٌ للتّبشيِر في العالمِ الوثنيِّ.
شرح الآيات
1. بَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ ٱلرَّبُّ ٱثْنَينِ وَسَبْعِينَ آخَرِين، وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَذْهَبَ إِلَيه.
كان يَتْبعُ يسوعَ أناسٌ أكثرَ من الاثني عشرَ بكثيرٍ، وهو في هذه الآياتِ يُرْسِلُ مجموعةً قوامُها سبعون شخصًا لإعدادِ بعضِ المدنِ حتّى يزورَها هو فيما بعدُ. ولم يكنْ أولَئك التَّلاميذُ متميِّزين في صفاتِهم ومؤهلاتِهم، فلم يكونوا أفضلَ تعليمًا أو أسما مركزًا أو أعلى في قدراتِ التّعليمِ وما أهّلهم لهذه الإرساليّةِ، هو إدراكُهم ووعيُهم بسلطانِ يسوعَ، ورؤيتِهم للوصولِ إلى النّاسِ.
أرسل يسوعُ تلاميذَه إثنين إثنين، كما جرَتِ العادةُ أنْ يقومَ بذلك يسوعَ في مدنِ الجليلِ وهذا ما هو واضحٌ في لوقا(9/1-6) أرسلَهُم يتقدَّمونه يسبِقونه، يهيِّئون النَّاسَ، لمجيئه، ويعدُّون التُّربةَ لإستقبالِ الزَّرْعِ الجَيِّدِ لتَكوْنَ الارضُ مثمرةً.
2. وَقالَ لَهُم: «إِنَّ ٱلحِصَادَ كَثِير، أَمَّا ٱلفَعَلةُ فَقَلِيلُون. أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ ٱلحِصَادِ أَنْ يُخْرِجَ فَعَلةً إِلى حِصَادِهِ.
3. إِذْهَبُوا. هَا إِنِّي أُرْسِلُكُم كَالحُمْلانِ بَيْنَ الذِّئَاب.
4. لا تَحْمِلُوا كِيسًا، وَلا زَادًا، وَلا حِذَاءً، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ في الطَّرِيق.
ليسَ هناك بطالةً في خدمةِ المسيحِ، أي إّنّه لا يوجدُ مَنْ ليْسَ له عملٌ في مجالِ خدمةِ المسيحِ. الحَصَادُ يدُلُّ على دينونةِ اللهِ، فإنّ اللهَ لديه عملٌ كافٍ لكلِّ إنسانٍ فلا نجلِسُ لنُراقِبَ الآخرين وهم يعملون لكن يجبُ السّعيُ للعملِ في الحصادِ.
أرسلَ التّلاميذَ "كحملانٍ وَسَطَ الذّئابِ" فعليهم إذًا، أن يحترِسوا فإنّهم لا بدَّ أن يواجهوا مقاومةً، لذا يجبُ الإحتراس كما يجِبُ مواجهةَ الأعداءِ والعدوانِ ليس بالعداءِ والعنفِ إنّما بالمحبّةِ والتّضحيةِ والعطاءِ، ورُغْمَ خطورةِ رسالتِنا يجِبُ أنْ يكونَ التزامُنا من كلِّ القَلْبِ.
(لا تحملوا) يتخلّى التَّلاميذُ عنْ كلِّ ما يعيقُ مسيرتَهم (محفظة، كيسًا) كما نهاهُم عن المحادثاتِ الطَّويلةِ، لأنّ ساعةَ العملِ دقّتْ، فلا حاجةَ إلى الكلامِ الطّويلِ والباطلِ.
5. وأَيَّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوه، قُولُوا أَوَّلاً: أَلسَّلامُ لِهذَا البَيْت.
6. فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلامٍ فَسَلامُكُم يَسْتَقِرُّ عَلَيه، وَإِلاَّ فَيَرْجِعُ إِلَيْكُم.
(لا تسلّموا) السَّلامُ هو تمنٍّ بالصّحّةِ والسّعادةِ والبركةِ وهذا تمنّ بسلامِ المسيحِ الّذي يحملُه الإنجيلُ.
(مَنْ يحِبُّ السَّلامَ) والتَّرجمةُ الحرفيَّةُ: إبنُ سلامٍ، هو يتقبّلُ السَّلام الَّذي يُحْمَلُ إليه ويتجاوَبُ معه.
7. وَأَقيمُوا في ذلِكَ البَيْتِ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مِمَّا عِنْدَهُم، لأَنَّ الفَاعِلَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ. وَلا تَنْتَقِلوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْت.
(لا تنتقلوا من بيتٍ إلى بيتٍ)، إنّ أمرَ يسوعَ إلى تلاميذِه بالبقاءِ في بيتٍ وأحدٍ وعدمِ التَّنقّلِ إلى بيوتٍ أخرى في المدينةِ نفسِها يجنّبُهم مشاكلَ معيّنةً. فالإنتقالُ من بيتٍ إلى بيتٍ يسيءُ إلى البيتِ الأوّلِ الذي نزلوا فيه. وقد يظنُّ أحدُ النَّاسِ إنّه غيُر صالحٍ لسماعِ الرّسالةِ لأنّهم لم ينزلوا عندَه.
وبالإضافةِ إلى ذلك فإنَّ بقاءَ التَّلاميذِ في موضعٍ وأحدٍ يجعلُهم لا ينشغلون بالبَحْثِ عن مكانٍ آخرَ أفضلَ، بل يستقرّون ويتفرَّغون لأداءِ المهمةِ الَّتي جاؤوا من أجلِها والَّتي أُوْكِلَتْ إليهم ألَا وهي البشارةُ بالملكوتِ.
خلاصة روحيّة
رغمَ الضُّعفِ البشريِّ، فإنَّ كلَّ مسيحيٍّ مُرْسَلٌ للبشارةِ ومِنَ المُهِمِّ جدًّا أنْ يكرِّسَ كلَّ إمكانيّاتِه ومهاراتِه لملكوتِ اللهِ؛ والأهمُّ أنْ يكونَ له خبرةٌ وعلاقةٌ شخصيةٌ مع يسوعَ تمكِّنُه من رؤيةٍ واضحةٍ عمّا يريدُ عملَه في العالمِ. والمُهِمُّ أيضًا في هذه الرِّسالةِ مساندةُ جهودِ كلِّ مَنْ يخدِمُ الرَّبَّ في الكنيسةِ إنْ من خلالِ التَّعبيرِ عن التّقَديرِ لعمَلِهِم أو من خلالِ رفعِ المعنويّاتِ ممَّا يشجِّعُهم في مهامِهِم في الرِّسالةِ.