الخوري خليل الحايك
مقالات/ 2020-11-22
مع إطلالة زمن الميلاد، تتوالى المحطّات المريميّة، بطريقة أنّ كلّ أسبوع يحمل معه تذكارًا أو أكثر لمربم العذراء.
ولا عجب بذلك، فإذا كانت فترة الإثنين والأربعين يومًا التي تختصر الأجيال (14+14+14) الواردة في إنجيل النسبة بحسب القدّيس متّى (1/1-17)، والتي تشكّل مبدئيًّا الزمن التحضيريّ الذي يفصلنا عن عيد الميلاد، هي صورة عن انتظار الأجيال للخلاص الموعود، فإنّ مريم بِنَعَمِها المُعلَنة أمام الملاك جبرائيل ساهمت في إدخال هذا الخلاص إلى العالم.
• تبدأ الإنطلاقة المريميّة في الأحد الثاني من هذا الزمن، أحد بشارة العذراء مريم، وهو مدخل لأسبوع مريميّ بإمتياز في الطقوس يصل بشارة العذراء بزيارتها لأليصابات في الأحد الثالث. على مسافةٍ قريبة من أحد بشارة العذراء مريم، يقع عيدُ تقدمتها إلى الهيكل في 21 تشرين الثاني.
• يتوافق الأسبوع الثالث في الكنائس الشرقيّة السريانيّة مع عيد مريمي في الكنيسة اللاتينيّة وهو عيد الأيقونة العجائبيّة (في ظهورات السيّدة العذراء للقدّيسة كاترين لابوريه) في 27 تشرين الثاني، والذي يُكوِّن فترة تحضيريّة للاحتفال بعيد الحُبِلَ بها بلا دنس.
• الأحد الرابع هو أحد مولد يوحنا المعمدان، وإذ يغيب ذكر مريم صراحةً في الإنجيل الذي يُعلِن حدث الولادة، إلاّ أنّ حضورها ملموسٌ طوال هذا الأسبوع:
- أولاًّ في ولادة يوحنا، حيث تُخبر الآية السابقة أنّ مريم مكثت نحو ثلاثة أشهر عند أليصابات (لو 1/ 56)، وما بقاؤها إلاّ بهدف خدمة نسيبتها إنْ في حَبلها أو في ولادتها.
- ثانيًا، في عيد تكوينها، أي الحبل بها، وهي البريئة من الخطيئة في 8 كانون الأوّل. هذا العيدُ الشرقيّ بجذوره، الغربيّ بعقيدته، يتردّد صداه في الأيّام الّتي تليه في الكنيسة السريانيّة الغربيّة.
• الأحد الخامس هو البيان ليوسف، وكلّ الحوار الجاري بين الملاك ويوسف مِحوره مريم الّتي تمّت فيها نبوءة أشعيا: "ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويُدعى اسمه عمّانوئيل" (أش 7/ 14)، (متّى 1/ 23).
• الأحد السادس ما قبل الميلاد المعروف بأحد النّسبة ينتهي بالآية التالية: "يوسف رجل مريم، الّتي منها وُلِد يسوع، وهو الّذي يُدعى المسيح" (متى 1/ 16).
• عيد الميلاد، هو عيد سيّديّ بامتياز، وهو قمّة وغاية هذه المرحلة التحضيريّة التي سلكناها بالصّوم والقطاعة، والصلوات والإحتفالات، والصّدقة وأعمال المحبّة. إلاّ أنّ ذكر مريم لا يغيب عن هذا الحدث الخلاصيّ، لا في رواية لوقا الإنجيليّ الذي يُخبرنا بأنّ مريم ولدت ابنها البكر وقمطّته، وأضجعته في المذود (لو 2/ 7) ولا في رواية متّى الّتي تتحدّث عن المجوس الّذين دخلوا البيت فرأوا الصبيّ وأمّه … (متّى 2/ 11)، ولا في التقليد الكنسيّ الذي شاء أن يُكرمّها منذ مجمع أفسس سنة 431 الّذي أعلنها أمّ الله، فأفرَد لها عيدًا هو من أقدم الأعياد المريميّة في الكنيسة الجامعة، يُحتفل به شرقًا في اليوم الثاني للميلاد، وغربًا في اليوم الأوّل من كانون الثاني. الكنيسة تُهنِّئ مريم على مولودها، وهي تقدّمه لنا كما قدّمته للرعاة والمجوس ولسمعان الشيخ وحنّة النبيّة.
وُلِدَ المسيح نؤمن ونعترف
المجدُ لاسمِهِ والطُّوبى لأُمِّهِ.