أحد بشارة زكريا هو الأحد الأول من زمن المجيء، به نفتتح آحاد البشارات. فيه يأتي الله الأمين في وعوده إلى الإنسان العقيم والشيخ الطاعن في السن الذي شكّ بقدرة الله وخلاصه. في بشارة زكريا ينتهي عهد قديم وكهنوت قديم ويبدأ التحضير لعهد جديد وكهنوت جديد. في بشارة زكريا يطول انتظار الشعب للكاهن ليخرج ويباركه ويعلن له كلمة خلاص، لكنّ الصمت سيكون سيّد الموقف، بانتظار ظهور الكلمة، المسيح المخلّص الذي سيبارك شعبه. في بشارة زكريا سننتظر ولادة يوحنا المعمدان الذي سيعدّ الطريق للمخلّص، إنّها البشارة الصغيرة بميلاد يوحنّا تبشر بحنان الله ورحمته، وتهيّء للبشارة الكبيرة التي ستعلن خلاص الله بولادة يسوع الابن الوحيد.
شرح الآيات
1 "بِمَا أَنَّ كثيرينَ أَخَذُوا يُرَتِّبونَ رِوَايةً لِلأَحْدَاثِ الَّتي تَمَّتْ عِنْدَنا،"
2 " كَمَا سَلَّمَها إِلَيْنَا مَنْ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ شُهُودَ عِيَانٍ لِلْكَلِمَة، ثُمَّ صَارُوا خُدَّامًا لَهَا،"
3 "رَأَيْتُ أَنا أَيْضًا، أَيُّهَا الشَّرِيفُ تِيُوفِيل، أَنْ أَكْتُبَها لَكَ بِحَسَبِ تَرْتِيِبهَا، بَعْدَما تَتَبَّعْتُهَا كُلَّها، مُنْذُ بِدَايَتِهَا، تَتَبُّعًا دَقيقًا،"
4 "لِكَي تَتَيَقَّنَ صِحَّةَ الكَلامِ الَّذي وُعِظْتَ بِهِ"
لوقا الطبيب اليونانيّ الأصل استعمل أسلوب الكُتّاب والمؤرخين اليونان أبناء عصره ليفتتح انجيله. يركّز في مقدّمته على ثلاثة مراحل أساسيّة أدّت إلى كتابة انجيله:
آية 1 : " الأَحْدَاثِ الَّتي تَمَّتْ عِنْدَنا" : الإنجيل أولًا هو حدثٌ في التاريخ. الله يعمل في تاريخ البشريّة، بل هو محور هذا التاريخ، وما الإنجيل إلّا اعلانٌ صريح لهذا الحدث الذي تمّ عندنا، أي في أرضنا وعالمنا. لم يعد الله البعيد بل هو عندنا، الله معنا.
آية 2: في المرحلة الثانيّة يركّز لوقا على الشهود الذين عاينوا الربّ وأخبروا عنه وهذا ما يُعْرَفُ بالتقليد الشَّفهي. أول هؤلاء الشُّهود هم الرّسل ويسميّهم لوقا خدّام الكلمة، ليوضّح للقارئ أنّ البشرى المنقولة ليست مجرّد نقل خبر بكلمات بشريّة، إنّما هي الكلمة التي أرسلها الله وما الرسل سوى خدّامٍ لها.
آية 3: أمّا المرحلة الثالثة فهي كتابة الإنجيل التي هي تتويج للمرحلتين الأولتين. هذه الكتابة تمّت على ضوء اختبار لوقا وإيمانه بالقيامة، وإلّا اعتُبر الإنجيليّ مجرّد مؤرخٍ من مؤرخيّ عصره. لا يمكن أن ننظر إلى لوقا فقط كرجلِ علمٍ يبحث في التفاصيل ويدقّق فيها، إنّما هو أيضًا "معلّم للإيمان" هدفه تثبيت إيمان الجماعة التي يكتب إليها. إذًا لوقا يدّون أحداثًا تاريخيّة حقيقيّة، لكنْ على ضوء الحدث الإيمانيّ التأسيسيّ الذي هو القيامة.
عندما بدأ لوقا بتدوين الإنجيل " كُثُر" (آية 1) كانوا يدوّنون، ويعني بهم المصادر الكثيرة التي سيستقي منها، وهي الجماعات المسيحيّة الأولى التي دوّنتْ ما وصل اليها من التقليد الشفهي. فالخبر السارّ لم يعد اعلانه محصورًا بشهود العيان. كلّ مؤمنٍ اختبر حقيقة الربّ القائم من الموت وآمن به مدعو لينقل الخبر السارّ، شرط أن يكون أمينًا للتقليد الشفهيّ.
يكتب لوقا إلى الشريف تيوفيل: حسب الشرّاح هو وثنيّ تعمّد، معنى اسمه "محبّ الله"، قد يكون شخصًا معروفًا في جماعته. لوقا يقدّم "دفاعًا" عن الإيمان المسيحي، مساعدًا تيوفيل ليتأكّد من صحة التعليم الذي تلقاه. من الآيات الأولى نستشف أنّ همّ لوقا الأول من كتابة انجيله كان تعليم الإيمان، أي ادخال المؤمن في معرفة حقيقيّة للربّ، ليثبّته في إيمانه، فيعمل هذا الأخير بموجب هذا الإيمان.
5 "كَانَ في أَيَّامِ هِيرُودُس، مَلِكِ اليَهُودِيَّة، كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، لهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ اسْمُها إِليصَابَات"
6 "وكَانَا كِلاهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ الله، سَالِكَيْنِ في جَمِيعِ وصَايَا الرَّبِّ وأَحْكَامِه بِلا لَوْم"
7 "ومَا كَانَ لَهُمَا وَلَد، لأَنَّ إِليصَابَاتَ كَانَتْ عَاقِرًا، وكَانَا كِلاهُمَا قَدْ طَعَنَا في أَيَّامِهِمَا"
بعد المقدّمة، يفتتح لوقا إنجيله بحدث البشارة بيوحنّا، تحديدًا في الهيكل. يبدأ الإنجيل ببشارة زكريا كاهن العهد القديم الذي يصلّي في الهيكل وسيختتم بوجود الرسل في الهيكل يباركون الربّ (لو 24/ 53).
نحن في زمن هيرودس الكبير، الذي نصّبه مجلس الشيوخ الروماني ملكًا على اليهود، يذكر لوقا هذه المعلومة التاريخيّة ليدخلنا في الاطار الزمني للبشارة وموقعها في تاريخ الخلاص.
زكريا كاهن يهوديّ من سلالة هارون، أي خادم يعمل في الهيكل، يعلّم الشعب ويشارك في خدمات العبادة.
اليصابات زوجة زكريا أيضًا من سلالة كهنوتيّة. معنى اسم زكريا "الله تذكر" ومعنى اسم اليصابات "الله أقسم"، هذان الاسمان يرمزان إلى أمرين أساسيين في العهد القديم: الله أقسم لابراهيم وداود وسيتذكّر وعده لهما، وهذا ما بدأ يتحقّق في بشارة زكريا.
في الآية 6 يركّز لوقا على صفات زكريا واليصابات: فالبرارة تعني العيش بحسب وصايا الله وقبول أرادته بطواعيّة والاستعداد للدخول في قصده الخلاصيّ. نرى عند لوقا اهتمامه بالمرأة، ففي محيطٍ لا يفرض على المرأة التقوى وممارسة الوصايا، يبيّن لوقا المساواة على مستوى الإيمان بين زكريا واليصابات.
في الآية 7 يشدّد لوقا على عُقر اليصابات، وشيخوختها، ليجعل من الحَبَلِ بيوحنّا تدخُّلًا إلهيًّا عجيبًا. العقم والشيخوخة يجعلان من يوحنا ابن المعجزة مثله مثل اسحق ( تك 25 /21) وصموئيل (1 صمو 1/ 5).
هذه الآيات تدخلنا في اطار ذي ثلاثة أبعاد: زمنيّ وانسانيّ وإيمانيّ. نحن على مشارف نهاية العهد القديم وبداية العهد الجديد، الانسانيّة العقيمة غير القادرة على إعطاء الحياة والمتمثّلة بزكريا وإليصابات، هي رمزٌ للشَّعب في العهد القديم الذي كان يعيش موتًا روحيًّا وحالة انتظار واستعدادًا لتدخل الله الخلاصيّ.
8 "وفِيمَا كَانَ زَكَرِيَّا يَقُومُ بِالـخِدْمَةِ الكَهَنُوتِيَّةِ أَمَامَ الله، في أَثْنَاءِ نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ،"
9 أ"َصَابَتْهُ القُرْعَة، بِحَسَبِ عَادَةِ الكَهَنُوت، لِيَدْخُلَ مَقْدِسَ هَيْكَلِ الرَّبِّ ويُحْرِقَ البَخُور"
10 "وكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلِّي في الـخَارِج، في أَثْنَاءِ إِحْرَاقِ البَخُور"
في زمن زكريا كان عدد الكهنة يفوق العشرين ألفًا، ولكي تُنَظّم خدمة هذا العدد الكبير، تمّ تقسيم الكهنة إلى 24 فرقة، تتألّف كلّ واحدة من حوالي ألف كاهن. انتمى زكريا إلى فرقة أبيّا الفرقة الثامنة، وكانت الخدمة على فرقته في ذلك الأسبوع، وكانت تجري القُرعة لتحديد من يصيبه الدور ليدخل في الصباح إلى القسم الداخلي من هيكل الربّ، حيث يقدَّم البخور، وهذا الأمر يحدث عادةً مرة واحدة في عمر الكاهن. كان البخور يُحرق مرتين في اليوم ( قبل ذبيحة الصباح وبعد ذبيحة المساء)، وعندما يرى الناس الدخان المتصاعد من المحرقة، كانوا يرفعون صلواتهم لله. في هذا الاطار الليتورجي من العهد القديم سيظهر الله لزكريا في قلب الهيكل، وفي الوقت الّذي ترتفع فيه صلوات الشّعب. يُظهِر لوقا البشارة بيوحنا كعلامة على استجابةِ الله لصلواتِ زكريا والشّعب الذي يصلّي معه.
11 "وَتَراءَى مَلاكُ الرَّبِّ لِزَكَرِيَّا وَاقِفًا مِنْ عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ البَخُور،"
12 "فَاضْطَرَبَ زَكَرِيَّا حِينَ رَآه، واسْتَولَى عَلَيْهِ الـخَوف"
ملاك الربّ يدل على حضور الربّ، ويقف عن يمين المذبح دلالةً على كرامته (حز 10 / 3 ، مز 110/ 1). الاضطراب والخوف يعبّران عن حالة الانسان الواقف في حضرة الله وأمام سرّه العظيم ( قض6/ 22 – 23).
13 "فقَالَ لهُ الـمَلاك: "لا تَخَفْ، يَا زَكَرِيَّا، فَقَدِ اسْتُجيبَتْ طِلْبَتُكَ، وَامْرَأَتُكَ إِلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا، فَسَمِّهِ يُوحَنَّا"
"لا تخف" كلمة كتابيّة مشجّعة ومطمئنة، ترافق ظهورات الله. سمعها زكريا وستسمعها مريم (لو 1/ 30) والرعاة (لو 2 / 10). استجيبت طلبة زكريا يعني أنّ الله سمع صراخ شعبه من جديد ونزل اليه (راجع خر 3/ 7 – 8). صلاة زكريا الكاهن هي صلاة الشعب، واستجابة الله له من خلال ولادة يوحنا هي استجابة لصلاة الشعب الذي كان ينتظر ظهور حنان الله. فاسم يوحنا ومعناه "الربّ الحنّان" يعبّر عن أمانة الله لوعوده وتحقيقها. هذا الأسم هو أول إشارة إلى حبّ الله الذي سيظهر بالملء في تجسّد الأبن.
14 "ويَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاج، ويَفْرَحُ بِمَوْلِدِهِ كَثِيرُون،"
يُعرف انجيل لوقا بانجيل الفرح، وتحديدًا الفصلان الأولان تكثر فيهما العبارات التي تعبّر عن الابتهاج والفرح بالمسيح الآتي. فالفرح الذي يتكلّم عنه مرتبط بتحقيق الملكوت الذي هو حضور الله في حياة الشعب وتحقيق وعوده. إنّه فرح لا يمكن أن يُنتزع لأنّه غير مرتبط بتعزيات بشريّة آنيّة بل مرتبط باختبار حبّ الله وخلاصه الذي تحقّق وسيتحقّق حتى انتهاء الدهور. البهجة هي التعبير الصادق عن اختبار هذا الفرح الداخليّ الذي لا يمكن تفسيره أو التعبير عنه بالكلام.
15 "لأَنَّهُ سَيَكُونُ عَظِيمًا في نَظَرِ الرَّبّ، لا يَشْرَبُ خَمْرًا ولا مُسْكِرًا، وَيَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ وَهُوَ بَعْدُ في حَشَا أُمِّهِ"
16 "ويَرُدُّ كَثِيرينَ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ إِلى الرَّبِّ إِلـهِهِم"
17 "ويَسيرُ أَمَامَ الرَّبِّ بِرُوحِ إِيلِيَّا وقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلى الأَبْنَاء، والعُصَاةَ إِلى حِكْمَةِ الأَبْرَار، فيُهيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُعَدًّا خَيْرَ إِعْدَاد"
عظمة يوحنا تأتي من الرسالة التي سيوكلها الربّ إليه، عندما سيمتلئ من الروح القدس وهو بعْدُ في حشا أمّه، وهذه إشارة إلى نصّ الزيارة عند لوقا (لو 1 / 39 – 56). عدم شُرب الخمرِ والمُسكِر هو من قوانين "النذير" في العهد القديم، أي المكرّس للربّ (عدد 6/ 3 – 4)، فُرِض على شمشون ( قض 13 /4) وسيتقيّد به يوحنا المعمدان طوعًا.
في (الآية 16) يلمّح لوقا إلى موضوع أساسيّ في انجيله وهو التوبة والعودة إلى الله. يوحنا سيكون نبيّ التوبة الذي سيحثّ الناس على ترك الخطايا والعودة إلى الله. هو نبيّ بروح أيليّا وقوّته. الشّعب كان ينتظر عودة إيليّا ليُعِدّ لمجيء المسيح وإذا بالمعمدان يقوم بهذا الدور. رسالة يوحنا هي إعداد الشعب ليستقبلوا الخلاص الآتي، لذلك سيردّ قلوبَ الآبَاءِ إِلى الأَبْنَاء (ملاخي 3/ 23 – 24) والعصاةَ إلى حكمةِ الأبرارِ.
18 "فقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاك: "بِمَاذَا أَعْرِفُ هـذَا؟ فإِنِّي أَنَا شَيْخٌ ، وامْرَأَتي قَدْ طَعَنَتْ في أَيَّامِهَا!"
حَرفيًّا، "كيف أعلم ذلك"، وهذا دليلٌ على شكّ زكريا وحاجته لآية. نسي زكريا وهو الكاهن والمعلّم، قصّة سارة وابراهيم أو أنّه استبعد أن يكون معنيًا بتاريخ الخلاص أو أن يكون له دور، أو أنّه انطلق من واقعه الانساني العقيم (هو شيخ وامرأته عاقر وطاعنة في السنّ) بدل أن ينطلق من قدرة الله الخلاصيّة.
19 "فأَجَابَ الـمَلاكُ وقالَ لهُ: "أَنَا هُوَ جِبْرَائِيلُ الوَاقِفُ في حَضْرَةِ الله، وقَدْ أُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وأُبَشِّرَكَ بِهـذَا"
يجيبه الملاكُ أولًا بالتَّعريف عن هويّته، هو جبرائيل المبشّر بزمن الخلاص. هو من فسّر لدانيال الرؤيا معلنًا وقت مجيء المسيح المخلّص. وحضوره أمام زكريا في الهيكل هو تحقيق لوعود الله بمجيء المسيح. أرسل جبرائيل ليبشّر زكريا، موضوع البشارة أو اعلان الخبر السارّ من المواضيع الأساسيّة عند لوقا، يذكر هذا الفعل (بشّر) عشر مرّات في الإنجيل وخمسة عشرة مرة في أعمال الرسل.
20 "وهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا، لا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّم، حَتَّى اليَوْمِ الَّذي يَحْدُثُ فِيهِ ذـلِكَ، لأَنَّكَ لَمْ تُؤْمِنْ بِكَلامِي الَّذي سَيَتِمُّ في أَوَانِهِ"
21 "وكَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظرُ زَكَرِيَّا، ويَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَائِهِ في مَقْدِسِ الـهَيْكَل"
22 "ولَمَّا خَرَجَ زَكَريَّا، لَمْ يَكُنْ قَادِرًا أَنْ يُكَلِّمَهُم، فأَدْرَكُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا في الـمَقْدِس، وكَانَ يُشيرُ إِلَيْهِم بِالإِشَارَة، وبَقِيَ أَبْكَم"
23 "ولَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ، مَضَى إِلى بَيْتِهِ"
صَمْتُ زكريا هو عقابٌ على تردّده في إيمانه. هذا كاهن العهد القديم الذي عليه أنْ يعلن الكلمة للشعب، سيصمت. سيخرج إلى الشعب المنتظِر البركةَ ولكنّه سيكون عاجزًا عن اعطائها. يسوع هو من سيبارك الشَّعبَ بالبركةِ الحقيقيّة في آخر الإنجيل (لو 24 / 50 – 51). صَمَتَ كهنوت العهد القديم وأصبح عقيمًا، أمام الكاهن الأعظم الذي سيبارك شعبه. صلاة الهيكل لم تكتمل بالبركة، لأنّ تسبيحًا جديدًا سيبدأ بصوتِ الملائكة في بيت لحم.
24 "وبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّام، حَمَلَتِ امْرَأَتُهُ إِلِيصَابَات، وكَتمَتْ أَمْرَهَا خَمْسَةَ أَشْهُر، وهِيَ تَقُول:"
25 "هـكَذا صَنعَ الرَّبُّ إِليَّ، في الأَيَّامِ الَّتي نَظَرَ إِليَّ فِيهَا، لِيُزيلَ العَارَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ النَّاس!"
أمامَ سرّ الله العظيم الذي بدأ يتحقّق في حياتها وفي حياة زكريا، التزمت اليصابات أيضًا بالصّمت، لذلك أخفتْ أمرَها خمسةَ أشهرٍ. صمتُها يعبّرُ عن فرحٍ عظيم ويذكّرنا بالمزمور (112/ 9 ): " يُجلِسُ عاقِرُ البَيتِ أُمَّ بَنينَ مَسْرورة". أخذت اليصابات كلمات راحيل، لدى ولادتها يوسف الصدّيق (تك 30 / 22)، لتعبّر عن فرحها بعدما أزال اللهُ العارَ عنها، إذ اعتبر العقم في العهد القديم عارًا (1 مل 1 / 5 – 8) وعقابًا ( 2 مل6/ 32، هو 9/ 11).