صونيا السمراني
مقالات/ 2016-11-23
العبوديّة حالةٌ موجودة منذ القدم، وتحديدًا ما يقارب الـ 11000 سنة، عندما كان الإنسان البدائي يستخدم من هم أقلّ منه قوّةً ليقوموا بالأعمال بالنيابة عنه. مثلًا كان الإنسان يحتاج لقتل الحيوانات والتقاط الأعشاب للحصول على الطعام. أو كان يُسخّر من هم أدنى منه ليقوموا بهذه الأعمال بدلًا عنه. هذه الحالة وَلَّدَت مفهوم "العبوديّة".
ثمّ، أتت الحروب لتجتاح عددًا كبيرًا من البلدان حول العالم، ومعها كَبُرَت حلقة العبوديّة الّتي لم تنحصر بدينٍ ولا بشعبٍ واحدٍ بل طالت الجميع وأوّلهم كان: اليونانيين، البربرييّن، الجرمانيّين، العرب... وكانت الولايات المتحّدة الأميركيّة قد عُرِفت بالتمييز العُرقي وعانت لفترة زمنيّة طويلة من إستعباد السود.
وللعبوديّة مفاهيم عديدة منها: العبوديّة التجاريّة وهي شراء شخص مقابل مبلغ ماديّ و"عبوديّة" أي "إستعبد" وهي العمل دون مقابل (الّسُخرة) كبعض المناطق الأفريقيّة، حيث يتم شراء الأطفال ليجمعوا حبّات الكاكاو مجانًا لصناعة الشوكولا.
وفي لبنان، عبوديّة من نوعٍ آخر، فلا حاجة الطعام، ولا قسوة الحروب لكي يستعبد واحداً الآخر. البعض ليس بمقدوره أن يقوم بالواجبات المنزليّة بسبب مشكلة صحيّة تمنعه من الحركة، بينما البعض الآخر يعمل صباحاً وليلًا كي يؤمّن لقمة العيش لأبنائه أم أهله. قد تكون جميعها أسبابًا منطقيّة لاستخدام روح بشريّة، غالبًا ما تكون أجنبيّة، كي تقوم بالواجب. لكنّ البعض الآخر يدفع ثمن "الخادمة" فقط لأنّه كسول وينشغل بأشياء مُجتمعيّة سطحيّة، فيستورد مثلًا من يقوم بتدبير المنزل أو حتّى بتربية الأولاد. ولما لا، ربّما الإهتمام بالزوج أو الزوجة.
وأكثر من ذلك، أحيانًا تكون الحاجة فقط لأن "إمتلاك" الخادمة موضة وهذا "الدارج". والغيرة تلعب دورًا أساسًا في هذا المجال، خصوصًا أنّ "Prestige" اللّبناني لا يسمح له أن يكون "Démodé" وفي لُبنان السير وراء الموضى العمياء واجب!
جميع ما تقدّمنا به يستدعي أن أطرح الأسئلة التالية: إن كانت هذه العاملة المنزليّة بيضاء، هل سيتصرّف ربّ البيت معها بالطريقة عينها الّتي يعامل بها السوداء؟ لماذا نطلق إسم "سرنلكيّة" على كلّ العاملات الأجنبيّات. فمن باب التوضيح فقط: سريلنكا بلدٌ أجنبيّ تمامًا كأثيوبيا، وبنغلاديش وأفريقيا ولبنان، وربّما كان لُبنان أقلّ تنظيمًا من بعضها... ولا داعي لإستخدام إسم البلد، فلكلّ شخصٍ إسمه، فلما لا نستخدمه؟
ظروف العيش الّتي تعاني منها تلك العاملات لا تُطابق الشروط الإنسانيّة للعيش. فإن كان المنزل صغير يسكُنُهُ شخصٌ واحد، وليس فيه مكانٌ لها، تُصبح "التتخيتة" غرفة نومها. لن أتطرّق إلى الظروف الّتي تعشنها العاملات الأجنبيّات لأنها أليمة ونُعالجها في تقريرٍ آخر.
إن كان الاستغناء عن الخادمة صعبًا، فلا يعني أن نعاملها بفوقيّة. وظيفتُها كسائر الوظائف الأخرى واحترامها واجب. هي إنسانٌ من جسدٍ وروح ومعاملتها بالمساواة مقدّسة.