شارك راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة سيادة المطران أنطوان بو نجم، مع أبناء رعيّة بكفيا، في يومٍ ثقافيّ في منطقة جاج، تحت شعار «إذكروا أيّام القدم»، كعودةٍ إلى الجذور وإحياءٍ لذاكرةٍ تربط الماضي بالحاضر وتُلهم المستقبل، بمبادرة أطلقها مونسنيور إيلي الخوري إنطلاقًا من العمل الرعوي الذي يقوم على أبعاد أربع: التقوى، والفكر، والعمل، والتراث. وتجسيداً لهذا البعد الرابع، حيث يُصار إلى العودة إلى الجذور، والغوص في التاريخ، واكتشاف الهويّة المارونية. يوم السبت 11 تشرين الأول 2025.
تعود جذور رعية مار عبدا، ومن ثمّ رعية مار ميخائيل، في بكفيا إلى عام 1545، حين وصل بعض أهالي جاج إلى بكفيا حاملين معهم صورة شفيعهم مار عبدا، وإيمانهم الراسخ، فأسّسوا نواة جماعةٍ مسيحيّةٍ مؤمنةٍ ما زالت ثمارها حيّة إلى اليوم.
استُهلّ النهار، بلقاء مع أهالي البلدة، وسيادة المطران ميشال عون راعي أبرشيّة جبيل المارونيّة، وخادم الرعيّة الخوري جورج داغر، ورئيس البلدية، ومختار البلدة، ولجنة الوقف، حول ترويقة أعدوها للزوار، تلاها محاضرةٍ روحيّة وتاريخيّة، في صالون الكنيسة، ألقاها الدكتور رشيد عبود، حول أهميّة الإرتباط بالجذور والإعتزاز بالإرث الإيمانيّ والثقافيّ. بعدها، إنطلقت مسيرة في محميّة غابة جاج. حيث استقبلهم مدير المحميّة الأستاذ عماد فرحات، أتاحت للمشاركين التأمّل في جمال الطبيعة وعظمة الخلق، بمرافقة الأستاذ مارك بيروتي والأستاذ إيلي زيدان اللذين قدّما شرحاً غنيّاً عن تنوّع النباتات وفرادتها في منطقة الأرز، ما أضفى على اليوم طابعاً روحياً عميقاً.
ثمّ اجتمع الجميع حول مائدة غداء قرويّة جمعت أبناء الرعيّتين في جوّ من الألفة والمحبّة، تعزّزت خلاله الروابط الإجتماعيّة وتبادل الخبرات بين الأجيال المختلفة. كما جرت زيارة متحف النحات بطرس فرحات، حيث شرح بعض أعماله الفنيّة.
واختُتم النهار بـالقدّاس الإلهي الذي احتفل به سيادة المطران أنطوان بو نجم بمشاركة خادم رعية مار عبدا في جاج، الخوري جورج داغر، وخادم رعايا بكفيا المونسنيور إيلي الخوري، والخوري جوني النفيلي، والخوري توفيق الريّس، وخدمته جوقة تشكلت من أبناء البلدتين. وفي عظته، أثنى المطران بو نجم على هذه المبادرة الفريدة، التي شدّت أواصر الرباط بين المؤمنين من كلا البلدتين، وأشار إلى أهميّة تجديد الفكر المسيحي والعيش بوحدة الحياة والشهادة للمسيح في كل زمانٍ ومكان. واستشهد بكلمات البابا لاوون الرابع عشر الذي دعا المؤمنين، على مثال الرسل، إلى نشر المحبّة والتبشير بالرجاء بعد القيامة.
لقد شكّلت هذه الزيارة جسراً بين الماضي والحاضر، إذ أعاد المشاركون إكتشاف جذورهم التي تغذّي هويّتهم المسيحيّة، وأكّدوا أهميّة التعاون المستمر بين بكفيا وجاج في بناء مستقبلٍ مشتركٍ قائمٍ على المحبّة والتفاهم. وفي ختام القداس قدّم الخوري جورج داغر درع مصنوع من خشب الأرز لرعايا بكفيا تقديراً لهذه الزيارة. كما قدّمت رعايا بكفيا دروعاً تقديرية تحمل شعار رعايا بكفيا، لكلّ من سيادة المطران أنطوان بو نجم، وسيادة المطران ميشال عون، والخوري جورج داغر، ورئيس بلدية جاج الأستاذ جهاد شاهين، والمحاضر الدكتور رشيد عبّود، ومدير محميّة أرز جاج الأستاذ عماد فرحات، والسيدة تمينة زيادة، منسّقة النشاط، والأستاذ مارك بيروتي، والأستاذ إيلي زيادة، لشكرهم على جهودهم التي بذلوها لإنجاح هذا النشاط.