بعد مضيِّ تسع سنوات على مجزرة كاتدرائيّة سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد بتاريخ 31 تشرين الأوّل 2010، وصل ملفّ دعوى تقديس وإعلان استشهاد الـ 48 مؤمنًا الى تكامله، وقد أرسِل إلى الفاتيكان للبدء بالخطوات التدريجيّة بهدف إعلان القداسة. وكان ملفّ دعوى التّقديس قد فُتِح في بغداد في كانون الثاني من العام الجاري، ومن بين الشهداء المذكورين الكاهنَين الشابّين "ثائر عبدال" و"وسيم القس بطرس"، بالإضافة إلى مجموعة من العلمانيّين صغارًا وكبارًا، من ضمنهم جنينًا لم يرَ الحياة وطفلاً آخر بعمر 3 أشهر وآخر بعمر 3 سنوات...
في هذه الذكرى، وفي ظلّ الأوضاع الراهنة في العراق، وجّه غبطة بطريرك الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالةً أبويّة نقتبس منها ما يلي:
"إنّنا نتوجّه إليكم ونشارككم بالقلب والروح، مع الأحبّاء من أبناء أبرشيّتكم وبناتها، وذوي الشهداء والجرحى من المؤمنين، وجميع المشاركين معكم في الذبيحة الإلهيّة التي ترفعونها في الكاتدرائية عينها، راحةً لنفوس هؤلاء الشهداء الأبطال الذين قدّموا ذواتهم ذبائح محرقة على مذبح محبّة الرب يسوع والإخلاص له والشهادة للإيمان به حتّى الموت، مقتدين به وهو القائل: "ما من حبٍّ أعظم من هذا، أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبّائه" (يوحنّا 15: 13)"
وبذلك تطول قافلة الشهداء العراقيّين على درب القداسة، والتي تضمّ أيضًا 5 شهداء من كنيسة العراق الكاثوليكيّة سقطوا ضحيّة الإرهاب بين عامَي 2002 و2007، وهم: الأخت سيسيليا حنا من رهبنة قلب يسوع الأقدس التي استشهدت طعنًا حتّى الموت في 15 آب 2002 عن عمرٍ يناهز 75 عامًا، والأب رغيد غاني ومعه 3 شمامسة حنا إشوع، وبسمان يوسف وغسان عصام بيدويد من كنيسة الكلدان الكاثوليك الذين اغتيلوا في 3 حزيران 2007 في قراقوش. وكان قد رُفع مَلَف دعوى إعلان استشهاد الضحايا الخمس وتقديسهم في شهر أيلول الماضي.
رغم ألم الموت والظلم، يظهر الإيمانُ سيّد الموقف إذ يُحوّل الموت إلى إستشهاد والظلم إلى تضحية في سبيل القداسة. إذًا، فلنهتفنَّ مع مار بولس: "أين غلبتُكَ يا موت؟" فالغلبة أعطانا إيّاها الله بابنه يسوع المسيح.