ترأّس الكاردينال كورت كوخ، رئيس مجمع نشر وحدة المسيحيّين، قدّاس إعلان تطويب الأب ريتشارد هنكيس Richard Henkes الذي استشهد في مخيّم الإعتقال النازي في داشاو خلال الحرب العالميّة الثانية، وذلك يوم الأحد 15 أيلول 2019 في كاتدرائيّة ليمبورغ – ألمانيا.
وفي عظته قال الكاردينال كوخ: "إنّ الطوباويّين والقدّيسين هم جواب الله على تساؤلتنا، نحن البشر... هم أفضل شرّاح للإنجيل لأنّهم شهِدوا له في حياتهم الخاصّة". كما أضاف قائلاً: "لا تخلو المحبّة من التضحيات. لا يكون الإنسان المسيحي شهيدًا حقيقيًّا إلاّ إذا تمّم عمل المحبّة الأسمى لله ولإخوته وأخواته".
ولد ريتشارد هنكيس في روباخ – ألمانيا في 26 أيّار 1900. دخل الإكليريكيّة الصغرى التابعة لجمعيّة المرسلين الكاثوليك المعروفين بالـ Pallottines في عمر الـ 12 سنة. التحق ريتشارد بالخدمة العسكريّة سنة 1918، ليعود ويدخل الإبتداء في جمعيّة الـ Pallottines في السنة التالية وينذر نذوره الأولى في 25 أيلول 1921. خلال تنشئته الفلسفيّة واللاهوتيّة مرّ هنكيس بأزمة إنسانيّة وروحيّة امتدّت لفترة عامَين بين 1923 و1925. وبعد فترةٍ من التمييز العميق، قرّر المضيّ قُدمًا في الحياة المكرّسة، لينذر نذوره المؤبّدة في 25 أيلول 1924 ويرتسم كاهنًا في 6 حزيران 1925. زاول الأب هينكس مهنة التعليم لفترةٍ من الزمن قبل أن يتوقّف عنها بسبب مرض السلّ الذي أصابه. خلال مسيرته الكهنوتيّة، رفض الأب هنكيس الفكر النازي معتبرًا إيّاه تهديدًا للكرامة الإنسانيّة وللإيمان الكاثوليكي، الأمر الذي جعل منه هدفًا للـشرطة السريّة النازيّة المعروفة بالـGestapo التي اعتقلته سنة 1938 قبل أن تطلق سراحه. وفي العام 1943، تمّ اعتقاله مجدّدًا وإرساله هذه المرّة إلى مخيّم الإعتقال في داشاو.
سُجِنَ الأب هنكيس في الجناح 26 مع كهنة آخرين. عُرِفَ خلال هذه الفترة الأليمة بخدمته الدائمة للآخرين، حتّى أنّه تطوّع لخدمة المرضى المصابين في حمّى التيفوئيد سنة 1944 على الرغم من خطر انتقال العدوى إليه. هذا ما حصل بالفعل، ففي شباط 1945 أصيب بمرض التيفوئيد وتوفّي في 22 من الشهر عينه.
بعد مماته، تمّ حرق جثمانه على انفراد وتهريب الرماد سرًّا من المخيّم إلى رعيّة داشاو ومن ثمّ إلى المركز الإقليمي لجمعيّة الـ Pallotines في ليمبورغ.
وقّع البابا فرنسيس مرسوم الموافقة على تطويبه شهيدًا. وقد ذكره في التطويب الملائكي يوم أمس قائلاً: "ليساعدنا مثال تلاميذ المسيح الشجعان على المضيّ في طريق قداستنا الشخصيّة. لنصفّق للطوباوي الجديد!"