وقفة ذاتيّة...من أنا؟

وقفة ذاتيّة...من أنا؟

في زمن الآلام والقيامة، نحن لسنا مشاهدين، لسنا جمهور يذهب إلى الكنيسة كي يُشاهد الكاهن وهو يغسل الأرجل في خميس الأسرار. خلال قدّاس القيامة، عندما يخرج الكاهن من الكنيسة ليدخل من جديد وبيده شمعة مُضاءة يهلّل "المسيح قام" ليس كي يُسلّينا. هذه الأسرار وإعادة تمثيل أحداثها، هي فقط كي نعيشها مع يسوع من جديد. هي الّتي نقرؤها في الإنجيل مرارًا والّتي لا تنتهي صلاحيّتها مع مرور الزمن. 

اليوم، علينا أن نتذكّر أنّ يسوع المسيح أتى من أجل كلّ واحدٍ مّنا في الحاضر والمستقبل، وآلامه هي آلامنا، وإن لم نمت معه يوم الجمعة العظيمة ونقوم من جديد معه يوم القيامة، فقد يفوتنا الكثير. لذلك، فلنسأل نفسنا: من نحن اليوم أمام حدث الصلب والقيامة؟ 

- المُهلّلين ليسوع يوم الشعانين والّذين طالبوا بمحاكمته كمجرمٍ خاطئ. كما نُسبّب الآلام للآخرين خوفًا على مصالحنا وغير مبالين لمشاعرهم وجروحاتهم. 

- يهوذا الّذي سلّم يسوع بقبلة مقابل مبلغ ماديّ. وكم من مرّةٍ هَجَرنَا حبيب طَمعًا بالمال؟ هل نحب الآخر بأنانيتنا ونبيعه من أجل قطعتين من الذهب لاحقًا؟

- يسوع الّذي صُلِب من أجل العالم وقَبِل الآلام لأنّها مشيئة أبيه السماويّ. هل أنا اليوم، المتألّم الّذي توفّيت أمّه، أم تركه أحبّاؤه لأنّه فقير، أم أنا المجروح من حِقدِ الآخرين؟ هل أنا هو الموجوع لأنّ أولادي تخلوا عني وقَتَلَتني الوحدة؟ هل أنا يسوع الّذي سيحمل صليبه، ويتحمّل مرارة الآلام من أجل أخيه الإنسان ولإتمام مشيئة الرّب؟

من الصعب جدًّا أن أكون يسوع المسيح، أن أكون الإبن المُطيع لأبيه السماوّي الّذي يُحب بمجانيّة، من الصعب أنن أتحمّل أذيّة الآخرين تجاهي ولا أبادلهم بها. 

ربّما لم أجد نفسي في هذه الشخصيّات، وربّما جميعُها تمثّلني. لكنّ من المؤكّد أنّنا جميعُنا نعاني من آلامٍ كثيرة وحِملُها ثقيل. لذلك، إن حملنا هذه الآلام برجاءٍ، وكان إيماننا كالأرض الصالحة، عندها نستكشف هويّتنا:"... وفيما هو يزرع سقط بعضٌ على الطريق، فانداس وأكلته 

طيور السّماء. سقط آخر على الصخر، فلمّا نبت جفّ....وسقط آخر في الأرض الصّالحة، فلمّا نبت صنع مئة ضعفٍ" (لوقا 8: 4-8). 

في زمن الآلام نحن نواجه آلامنا، في الموت نعود إلى نواة قلبنا ومع القيامة نولد من جديد مع يسوع المسيح، هو القائل : 

"إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمُت، بقيت وحدها وإذا ماتت أخرجت حبًّا كثيرًا. من أحبّ حياته فقدها ومن أبغضها في هذا العالم حفظها للحياة الأبديّة". (يو 12/24)