كَسر الكلمة - العهد القديم -28- الأحد الخامس من زمن القيامة

كَسر الكلمة - العهد القديم -28- الأحد الخامس من زمن القيامة

الأحد الخَامس بعد القيامة
سفر حزقيال النّبي: 34 / 11 – 16 + 23 – 25أ
11 لأَنَّه هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها أَنا.
12 كما يَفتقِدُ الرَّاعي قَطيعَه يَومَ يَكونُ في وَسَطِ خِرافِه المُنتَشِرَة، كذلك أَفتَقِدُ أَنا خِرافي وأُنقِذُها مِن جَميعِ المَواضِعِ الَّتي شُتِّتَت فيها يَومَ الغَيمِ والغَمام المُظلِم،
13 وأُخرِجُها مِن بَينِ الشُّعوب، وأَجمَعُها مِنَ الأَراضي وآتي بِها إِلى أَرضِها وأَرْعاها على جِبالِ إِسْرائيلَ وفي الأَودِيَةِ وفي جَميع مساكنِ الأَرض.
14 في مَرعًى صالِحٍ أَرْعاها وفي جِبالِ إِسْرائيل العالِيَةِ يَكون مَرْعاها. هُناكَ تَربِضُ في حَظيرَةٍ صالِحَة، وتَرْعى في مَرعًى دَسِمٍ على جِبالِ إِسْرائيل،
15 أَنا أَرْعى خِرافي وأَنا أُربِضُها، يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ،
16 فأَبحَث عنِ الضالَّةِ وأَرُدُّ الشّارِدَةَ وأَجبُرُ المَكْسورَةَ وأُقَوِّي الضَّعيفَةَ وأُهلِكُ السَّمينَةَ والقَوِّية، وأَرْعاها بِعَدْل.
23 وأُقيمُ علَيها راعِيًا آخَرَ لِيَرْعاها، عَبْدي داوُد، فهو يَرْعاها وهو يَكونُ راعِيَها.
24 وأَنا الرَّبُّ أَكونُ لَهم إِلهًا، وعَبْدي داوُدُ يَكونُ في وَسْطِهم رَئيسًا. أَنا الرَّبُّ تَكَلَّمتُ.
25أ وأَقطعُ لَهم عَهدَ سَلام.

مقدّمة
قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُس: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّنِي هؤُلاء؟» "إِرعَ حِملانِي، إِرعَ نِعَاجي، إِرعَ خِرافي"! (يو 21 / 15 - 17). إِنَّ الرَّبَ بَعدَ قِيامَتِهِ منْ بَينِ الأَمواتِ، اخْتَارَ تِلميذَهُ بُطْرُسَ، لِيُكَمِّلَ ما كَانَ قَد بَدَأَهُ من رِسَالةٍ بينَ الشَّعب، أَي "الرِّعَايَة". وَهذِهِ قِوامُها الحُبُّ الحَقيقيُّ، لِهذا السَّبَبِ أَعَادَ الرَّبُ يَسوعُ سُؤالَهُ لِتلميذِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ مُتَتالِيَة "أَتُحبُّني؟". عَلى هَذا الأَسَاسِ، اختِيرَت قِراءَةُ العَهدِ القَديمِ لِهذا الأَحدِ، من سِفرِ حزقيّالَ النَّبيِّ الّذي يَتميَّزُ بِنصِّ "الرّاعي الحَقّ"، لِتُسَلِّطَ الضَّوءَ على مَسؤُولِيَّةِ رِعَايةِ شَعبِ الله وَعلى صُورَةِ الرَّب الذي يَرعَى خِرافَهُ بِالحقِّ وَالعَدل.
مَن هوَ النَّبيُ حزقيّال؟ هوَ كَاهِنٌ خَبيرٌ في العِبَادَةِ اللّيتورجيَّة (حز 40 - 48)، عَاصَرَ سُقوطَ أُورَشليمَ (587) وَمَارَسَ رِسالَتهُ بينَ الـمَجلُوِّينَ إِلى بَابِل. عَلى مِثَالِ سَلَفِهِ النَّبيّ أَشعيا، ظهَرَ لهُ مجدُ الرَّبِ عِدَّة مرّاتٍ (حز 1 / 28؛ 3 / 23؛ 8 / 4؛ 10 / 1؛ 43 / 2). يَتميَّزُ النّبي حزقيّال بِأَنَّهُ "رَقيبٌ في خِدمةِ شَعبِ إِسرائِيلَ"، أَي عَليهِ أَن يقولَ للشّريرِ "سَتَموت"، إِن لَم يُغيِّرُ مَسلَكهُ، وَعليهِ أَن يُنذِرَ البارَّ لِكي يَحيا بعيدًا عن الخَطيئَة. وَإِن لَم يُنذِر وَيُحَذِّر، سَيكونُ حزقيّالُ نَفسُهُ مسؤُولاً عن دمِ الشِّريرِ الذي يَهلِك وَالبارِّ الَّذي لَم يُنْذِرهُ (حز 3 / 16 - 21).
في النَّصِّ الّذي تَختارُهُ كَنيسَتُنا، يَستَعمِلُ فيهِ الكاتِبُ أُسلوبًا تَبشيرِيًّا يُعْلِنُ من خِلالِهِ الخَلاصَ الآتي. فَلَيسَ الآنَ وَقتُ الإِنذارِ، بَل وَقتُ الرَّجَاء. يَبْدَأُ الفَصل 34 بِقِسمٍ أَوَّل، يُؤَنِّبُ فيهِ الرَّبُ رُعاةَ الشَّعبِ الرُّوحيِّينَ وَالمدَنيِّينَ على إِهمالِهِم الشَّعبَ وَاتِّباعِهِم الأَوثَان وَمُمارَسَتهِم اللاَّعَدالَةَ. أَمَّا في هذا القِسمِ الثّاني، يَأتي الرَّبُ راعي الخِرافِ الحَقّ، الَّذي يَهتمُّ وَيَعتَني بِشَعبِهِ من دونِ تَمييز. صُورَةُ الرَّاعي الرَّئيسِ، مُستَعارَةٌ منَ التُّراثِ الأَدبيِّ الشَّرقيّ القَديم، وَقد اسْتَعملها إِرميا النّبيّ لِيَنسِبَها إلى مُلوكِ إِسرائيل (راجع إر 2 / 8؛ 10 / 21؛ 23 / 1 - 3). أَمَّا في نصِّ حزقيّال، فَالرّاعي هوَ الرَّب، هوَ الّذي سَيَستَرِدُّ قَطيعَهُ من أَيدِي الرُّعاةِ الأَشرارِ وَيَرعَاهُ بِنفسِهِ.

تفسير الآيات
11 لأَنَّه هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها أَنا.
معَ هذِهِ الآيَةِ يَبدَأُ القِسمُ الثَّاني منَ الفَصلِ 34 وَفيهِ الكَاتِبُ يُصَحِّحُ وَيُرَمِّمُ صُورَةَ "الرَّاعي" التي شَوَّهَها رُعاةُ إِسرائيلَ: "وَيلٌ لِرُعَاةِ إِسرائيلَ الَّذينَ يَرعَونَ أَنفُسَهم. أَلَيسَ على الرُّعاةِ أَن يَرعَوا الخِراف؟" (حز 34 / 1 - 2).
لِذا، يَبدَأُ النَّصُّ بِعِبَارةٍ سَبَبيَّةٍ "لأَنَّ"، فيها يَقْلِبُ الكَاتِبُ الصُّورةَ الـمُشوَّهةَ لِيَضَعَ مكَانها الصُّورَةَ الحَقيقيَّةَ لِلرّاعي الحَقِّ. فَإِذا كَانَ الرُّعاةُ قَد أَهمَلوا خِرافَهُم، سَيأتي الرَّبُ لِيَبحثَ عَنها وَيَفْتَقِدَها، هوَ بِنَفسِهِ "أَنا"، عَلامَةً عَلى فُقدَانِ الثِّقَةِ بِمَن أُوكِلَت إِلَيهِم هَذهِ الـمَسؤُولِيَّةُ وَخَانُوا الثِّقةَ وَالأَمَانَةَ. في هذهِ الآيةُ، كمَا في الباقِينَ، تَظهَرُ صُورَةُ الخَروفِ الضَّالِّ وَالرَّاعي الصَّالِح (متى 18 / 12 - 14).

12 كما يَفتقِدُ الرَّاعي قَطيعَه يَومَ يَكونُ في وَسَطِ خِرافِه المُنتَشِرَة، كذلك أَفتَقِدُ أَنا خِرافي وأُنقِذُها مِن جَميعِ المَواضِعِ الَّتي شُتِّتَت فيها يَومَ الغَيمِ والغَمام المُظلِم،
13 وأُخرِجُها مِن بَينِ الشُّعوب، وأَجمَعُها مِنَ الأَراضي وآتي بِها إِلى أَرضِها وأَرْعاها على جِبالِ إِسْرائيلَ وفي الأَودِيَةِ وفي جَميع مساكنِ الأَرض.

إِنَّ النَّبيَّ حزقيّال يَتنَبَّأُ من أَرضِ العُبوديَّةِ وَالسَّبي بَابِلَ، لِهذَا يَستَعمِلُ صورَةَ الرَّاعي الَّذي يَفتَقِدُ قَطيعَهُ الـمُنتَشِرَ أَو الـمُشَتَّت. نُلاحِظُ تَكْرارَ فِعلِ בקר "افْتقَدَ" في الآيات 11 – 12، الّذي يَعنِي التَّذكُّر وَالبَحث بِدِقَّة، وَهذا الفِعل مُرْتَبِطٌ في الكِتابِ الـمُقدَّسِ بِالرَّب، فَهوَ يَتذكَّرُ شَعبَهُ وَيَعودُ إِلَيهِ في الأَوقَات الصِّعبَة. إِنَّ مهمَّةَ رِعَايَةِ قَطيعٍ مُنتَشِرٍ على مَسَاحَاتٍ كَبيرَةٍ، لَأَمرٌ مُستَحيلٌ على رَاعٍ واحِدٍ، فَهكذا مَهمَّةٍ تَتطلَّبُ مَجموعَةَ رُعَاةٍ، إِلاَّ أَنَّ الآخَرينَ خَانُوا العَهدَ وَالوَصِيَّةَ، فَعلى الرَّبِ وَحدَهُ أَن يَقومَ بِرِعَايَةِ قَطيعِهِ، مَهما كَابَدَ من جَهدٍ وَتعبٍ وَسهرٍ: "لقَد تَاهَتْ خِرافي في جَميعِ الجِبَالِ وَعلى كُلِّ تلَّةٍ عَالِيَة، وَشُتِّتَتْ خِرافي على وَجهِ الأَرضِ كُلِّها، وَليسَ مَنْ يَنشُدُ وَلا مَن يَبحَث" (34 / 6).
إِنَّ رُعَاةَ الشَّعبِ كَانُوا قَد بَاعُوا الأَرضَ وَالشَّعبَ معًا إِلى أَيدِي الغُزَاةِ الأَشرارِ، فَشَرَّدوا البَعضَ وَقَتلوا آخَرينَ، وَبَاعُوا أَطفالاً وَنِسَاءً... "فَأَصبَحت خِرافي مُشَتَّتةً من غَيرِ راعٍ، وَصَارَت مَأكلاً لِجميعِ وُحوشِ الحُقولِ وَهيَ مُشَتَّتةً" (حز 34 / 5؛ وَراجع تث 29 / 21 – 28؛ إر 52؛ حز 24 / 1 – 14). إِنَّهم "بيتُ تمرُّد" هَكذا يُسَمّيهم الرَّبُ في هذا السِّفرِ، هُم قَسُّوا قُلوبَهُم وَجَعَلوا منَ الكِبرِياءِ شَريعَتهُم.

14 في مَرعًى صالِحٍ أَرْعاها وفي جِبالِ إِسْرائيل العالِيَةِ يَكون مَرْعاها. هُناكَ تَربِضُ في حَظيرَةٍ صالِحَة، وتَرْعى في مَرعًى دَسِمٍ على جِبالِ إِسْرائيل،
15 أَنا أَرْعى خِرافي وأَنا أُربِضُها، يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ،

إِنَّ شَعبَ إِسرائِيلَ قَد سُبِيَ من أَرضِهِ فَتَبِعَ عَادَاتِ الشُّعوبِ الغَريبَةِ وَعَبَدَ أَصنامَها، لِأَنَّ رُعاتَهُ قَد أَهمَلوهُ وَبَاعُوا الأَرضَ: "وَأَجعَلُ الأَرضَ خَرِبةً وَمُقفِرَةً، وَأُزيلُ كِبرياءَ عِزَّتِها، فَتصيرَ جِبالُ إِسرائيلَ مُقفِرةً لا عَابِرَ فيها، فَيَعْلَمونَ أَنّي أَنا الرَّبّ، حينَ أَجعَلُ الأَرضَ خَرِبةً وَمُقفِرَةً، بِسَببِ جَميعِ قَبائِحهِم الَّتي صَنعوهَا" (حز 33 / 28 - 29). هَذا كانَ قَبلاً، نَتيجَةَ آثَامِ الشَّعبِ وَضَلالِهِم عَنِ الصَّلاحِ بِاتِّباعِهِم الأُمَم. أَمَّا معَ مَجيءِ الرَّبِّ وَاسْتِلامِهِ مَسؤُولِيَّةَ الرِّعَايَةِ، سَيُحوِّلُ جِبَالَ إِسرائيلَ إِلى مَرعىً صَالحٍ بَعدَما دَمَّرها الغُرَباءُ وَصَيَّروها ميراثًا لِلأُمَمِ (راجع حز 36 / 1 - 7)، "أَمَّا أَنتِ يا جِبالَ إِسرائيلَ، فَتُنبِتينَ أَفنَانَكِ وَتُثمِرينَ ثَمرَكِ لِشَعبي إِسرائيل، لأَنَّ مَجيئَهُ قَد اقْتَرَب. فهاءَنذا إِليكِ فَأَلتَفِتُ إلَيكِ فَتُحرَثينَ وَتُزرَعين، وَأُكَثِّرُ عَليكِ البَشَر، كُلَّ بيتِ إِسرائيلَ بِأَجمَعِهم، فَتُسكَنُ الـمُدنُ وَتُبنَى الأَخرِبَة" (حز 36 / 8 - 10).
في الآيةِ 14، إِعلانٌ لِعَودَةِ الشَّعبِ إِلى أَرضِهِ بَعدَ سِني السَّبيِ إِلى بَابِل، بِقيادَةِ الرَّبّ. نَرَى كيفَ أَنَّ الرَّبَّ يُحضِّرُ لِعَودَةِ شَعبِهِ فَيُهيِّءُ لَهُم الـمَكانَ، وَيَنشُرُ في الأَرضِ الحَياةَ بعدَما كانَ قدْ دُمِّرَ كُلُّ شَيءٍ.
معَ الآية 15 يَنتَهي قِسمٌ منَ النُّبوءَةِ، بِأُسلوبٍ مُعاكَسٍ لِلَّذي ابتَدَأَ فيهِ، أَي :

هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها أَنا.
أَنا أَرْعى خِرافي وأَنا أُربِضُها، يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ،
كمَا أَنَّ الآيةَ 15 تُعتَبَرُ بِدَايَةً أَيضًا لِلقِسمِ الجَديد، الّذي يَتحدَّثُ عَن اهتِمامِ الرَّبّ الرَّاعي بِخرافِهِ "أَرعاهَا وَأَربِضُها".

16 فأَبحَث عنِ الضالَّةِ وأَرُدُّ الشّارِدَةَ وأَجبُرُ المَكْسورَةَ وأُقَوِّي الضَّعيفَةَ وأُهلِكُ السَّمينَةَ والقَوِّية، وأَرْعاها بِعَدْل.
يَأتي الرَّبُ راعِيًا لِخرافِهِ، لِيُصحِّحَ ما قَد أَخطَأَ بهِ الرُّعاةُ الأَشرار: "إِنَّكُم تَأكُلونَ الأَلبانَ وَتَلبَسونَ الصُّوفَ وَتَذبَحونَ السَّمينَ، لَكنَّكُم لا تَرعَونَ الخِراف. الضِّعافُ لَم تُقَوُّوها وَالـمَريضَةُ لَم تُداوُوها وَالـمَكسُورَةُ لَم تَجْبُروها وَالشَّارِدةُ لَم تَرُدُّوها وَالضَّالّةُ لَم تَبْحَثوا عَنها، وَإِنَّما تَسَلَّطتُم عَليها بِقَسوةٍ وَقَهرٍ" (حز 34 / 3 - 4)، فَالآيةُ 16 مُركَّبةٌ بِطريقةٍ مُتساوِيةٍ لِهذهِ الآياتِ. إِلاَّ أَنَّ الـمَعنَى مَقلوبًا، لِأَنَّ الرَّبَ هوَ الرَّاعي الحقُّ وَالعَادِلُ (راجِع مز 23)، أَمَّا الرُّعاةُ فهُم أَشرارٌ وَخَائِنونَ. 

23 وأُقيمُ علَيها راعِيًا آخَرَ لِيَرْعاها، عَبْدي داوُد، فهو يَرْعاها وهو يَكونُ راعِيَها.
24 وأَنا الرَّبُّ أَكونُ لَهم إِلهًا، وعَبْدي داوُدُ يَكونُ في وَسْطِهم رَئيسًا. أَنا الرَّبُّ تَكَلَّمتُ.
25أ وأَقطعُ لَهم عَهدَ سَلام.

وَيَعِدُ الرَّبُ بِراعٍ هوَ دَاوُدُ الـمَلِك، وَالـمَقصودُ هُنا، "من نَسلِ دَاوُد" أَي الـمَشيحُ الـمُنتَظَرُ. في هذهِ الآياتُ صُورَةٌ لِلآبِ الّذي يُسَلِّمُ مَسؤُولِيَّةَ رِعَايةِ الشَّعب لابْنِهِ، وَهوَ يُسَلِّمُها لِبُطرُسَ الرَّسول (يو 21/ 15 - 17). وَالرَّبُ يَختُمُ على وَعدِهِ هذا، فَيقول: " أَنا الرَّبُّ تَكَلَّمتُ ". وَهذا الوَعدُ هوَ عَهدُ سَلامٍ بينَ الرَّبّ وَشَعبَهُ.

خُلاصَةٌ روحِيَّةٌ
في هذا النَّصِّ، يُعلِنُ الرَّبُ بِوضوحٍ أَنَّهُ هوَ وَحدَهُ الرَّاعي الصَّالِحُ، وَيهتِفُ صَاحِبُ الـمَزمورِ "ألرَّبُ راعِيَّ فَلا يُعوِزُني شيءٌ" (مز 23). وَهوَ الّذي يَختَارُ الرُّعاةَ الصَّالِحينَ لِشَعبِهِ، عَلى مِثَالِ دَاوُدَ، أَي خَطَأةً وَتائِبينَ مُتواضِعينَ.
إِنَّ موضُوعَ "الرِّعَايَةِ" أَو "الرُّعَاة"، حَسَّاسٌ جِدًّا في أَيَّامِنا، وَالشُّعوبُ كافَّةً تَئِنُّ من إِهمالِ رُعَاتِها وَمن كِبريائِهِم. فَهُم بَاعُوا الشَّعبَ وَالأَرضَ وَخَانُوا عهدَ السَّلامِ، لِيَتَّبِعُوا الأَصنامَ كَالمالِ وَالشُّهرةِ وَالكِبرياء. إِنَّ صُراخَ الشُّعوبِ من ضِيقِهم لا يُمكِنُهُ خَرقَ جِدارِ قُلوبِ الـمَسؤولينَ الـمُتحَجِّرَةِ، "خَلِّصْ شَعبَكَ وَبَارِك ميرَاثَكَ وَارْعَهُم وَارْفَعهُم إِلى الأَبَد" (مز 28 / 9).
لِنُصلِّ لِرَبِّ الرُّعاةِ، لِيَهبَ رُعاةَ كَنيسَتهِ الحِكمَةَ وَالفِطنَةَ لِيَحكُموا بِالعَدلِ وَالرَّحمةِ، عَلى مِثالِ الرّاعي الصَّالِح يسوعَ المسيحِ.


تحميل المنشور