المشروع الكهنوتي للخوري جول يوسف

المشروع الكهنوتي للخوري جول يوسف

"صنع الكلّ حسنًا في وقته!" (جا 3 /10)
صاحب السيادة المطران أنطوان بو نجم السامي الاحترام،
يخبرنا سفر الجامعة في الفصل الثالث أن الله حدّد لكل شيء وقته، وأنّه في النهاية صنع الكل حسنًا في وقته. إنها دعوة لي كي أثق بتدبير الله الذي يوكل من يعطي الطعام في حينه (متى24 /45).
هذه الوكالة وإن كانت من أجل إعطاء الطعام في حينه، فهي تعني لي أنا الكاهن بشكل خاص، وكيل شعب الله وخادمه.
في هذا الإطار أقدّم لكم مشروعي الكهنوتي الذي فيه أضع الخطوط العريضة لخدمتي الكهنوتيّة في الأبرشية وفي الكنيسة.
تنطلق خدمتي الكهنوتيّة من اختباري الروحي الذي فيه اختبرت أن الله يدبّر كلّ شيء في وقته ويجعله حسنًا. هذا الاختبار جعلني أرغب أكثر وأكثر بالتعرّف على الرب وتكريس ذاتي من أجل خدمته وخدمة من يوكلني لخدمتهم.
لذلك، فإن نظرتي للكهنوت هي نظرة الخادم الأمين الذي عليه أن يكون حاضرًا لكي يعطي الطعام في حينه وأن يكون ساهرًا لكي يجعل الكل حسنًا.

1- أن يكون الكلّ حسنًا يشمل المهام الثلاث للكاهن: التقديس، التعليم، التدبير
أوّلًا: في التقديس 
من أسمى الخدم التي يؤدّيها الكاهن هي الاحتفال الأسراري مع ومن أجل المؤمنين. وبتقديم الأسرار أشعر أن الترتيب فيها وحسن الاحتفال واحترام الليتورجيّا هو واجب مقدّس أمام الله وأمام شعبه.
من هنا أرى ضرورة الانتباه دومًا لقدسيّة بيت الله وأواني الاحتفالات بالإضافة إلى قدسيّة وحاجة المشاركين في هذه الاحتفالات. فالاحتفال الليتورجي الأسراري هو استباق للاحتفال مع الرب في الملكوت، لذلك أرى من الواجب إعطاء هذا المجال اهتمامًا كبيرًا من أجل تقديم أسرار الكنيسة وكلمة الله وجسده بأبهى حلّة تليق بالرب. وهذا ما أسعى إلى التعمق فيه من خلال تخصصي في علم الليتورجيا الذي ارجو أن ينعكس على خدماتي الاحتفالية والأسرارية.

ثانيًا: في التدبير
يخبرنا سفر الجامعة أن رأس الحكمة مخافة الله. وللتدبير الصحيح على الكاهن أن يتمتع بالحكمة الكافية لكي يحسن تمييز وتدبير رعيّته وشعبه. هذه الحكمة ترافقها الخبرات التي ستتكون عبر المواقف والسنين التي يمضيها الكاهن في رعيّته. لكني أرى أن رأس كل هذه المعارف هو مخافة الله. فالتدبير بمخافة هو ما يجعل كل القرارات والمبادرات والتدابير التي يجب أن أتخذها تنطوي تحت إطار إرضاء الرب وطاعة الكنيسة وخير المؤمنين. كل ما هو غير ذلك هو من الشيطان وسأسعى جاهدا أن أعيش طيلة حياتي مع عائلتي بمخافة الرب فيصبح هو المدبّر دائمًا ويصبح تدبيري وسيلة أخرى للتعبير عن حبّى له، ولكنيسته. 

ثالثًا: في التعليم 
دأب المثلث الرحمات المطران كميل زيدان على القول إن من يتوقف عن التعلّم يموت. والتعلّم هو عمليّة مستمرّة غير مرتبطة فقط بالاختصاصات والشهادات. غير أني أرى أنه من واجب الكاهن الذي من مهامه تعليم المؤمنين الإيمان القويم أن يعمل على تنشئته الخاصة إن أكاديميًّا أو من خلال العمل على ثقافته الشخصيّة.
هذه الحاجة إلى التعلّم هي من أجل أن أكون أهلًا لكي أقوم بخدمة التعليم على أكمل وجه من أجل خير المؤمنين جسد المسيح السري. هنا أقصد الوعظ والسهرات الإنجيليّة والمرافقة للجماعات الرسولية في الرعيّة. فالتحضير الجيّد واتقان الوعظ حتى تصل كلمة الله بأفضل طريقة للمؤمنين، كما جهوزيّتي ككاهن للتعليم في وقته وفي غير وقته من همومي الأساسيّة التي أسعى لتحقيقها.

2- أن يكون الكلّ حسنًا يعني أن أكون بعلاقة حسنة مع الله
أوّلاً: الصلاة
إن العلاقة مع الله في رأيي هي الأساس في كل ما عشته بالتحضير للكهنوت وكل ما سأعيشه في خدمتي الكهنوتيّة. تتجسّد هذه العلاقة بشكل أساسي بالعلاقة مع القربان المقدس. هذه العلاقة هي أساس كل شيء إذ أنها الغذاء الحقيقي غير المنتهي لحياتي. فالقداسة هي غايتي ولقاء الرب في كل شيء هو رغبتي اليوميّة.
من هنا، أرى الأهميّة القصوى للصلاة في حياتي. إنْ الصلاة اليوميّة الشخصيّة أو الصلاة الجماعيّة، ففي الحالتين نحن نلتقي الله ونتحدّث معه ونصغي إليه. وكما يعلّمنا الآباء الروحيّون، فالصلاة هي مسيرة نمو مع الله، لذلك سأسعى لأن أتابع هذه المسيرة مع عائلتي ورعيّتي من خلال الصلوات الليتورجيّة والأسرار والاحتفالات كافّة فأكون بعلاقة نمو متواصل معه.

ثانيًا: الخدمة
"ماذا يَنفعُ، يا إِخوَتي، أَن يَقولَ أَحَدٌ إِنَّه يُؤمِن، إِن لم يَعمَل؟" (يع2 /14).
إن الخدمة هي من صلب الدعوة الكهنوتيّة. لا فقط خدمة الأسرار، بل خدمة شعب الله. هذه الخدمة تنطوي على عدة مجالات منها مساعدة المحتاجين، وزيارة المحزونين، والانتباه لحاجات المؤمنين الروحيّة والمادّيّة للمساعدة قدر الإمكان لأجل أن يشعر الجميع أنه عضو مهم في جسد المسيح السري، في الكنيسة وفي الرعية. ففي خدمة أخوة يسوع الصغار، أقوم بخدمته وأكون بعلاقة وحدة معه من أجلي ومن أجلهم.

ثالثًا: العلاقة مع السلطة الكنسية
إن تقدّمي من درجة الكهنوت المقدّسة ليس عن استحقاق، بل بالعكس عن عدم استحقاق أعلنه في رتبة الرسامة أمام الجميع. فأنا أضع دائمًا نصب عيني أن الفضل في وصولي إلى هذه الدرجة هو لكل الذين رافقوني في هذه المسيرة من البداية حتى الآن. لذلك أرى من الواجب العرفان بالجميل للجميع دون استثناء أحد، وعلى رأسهم السلطة الكنسيّة الممثّلة بكم يا راعي الأبرشيّة يا من أؤدّي له كل طاعة واحترام في كل حياتي الكهنوتيّة، فأنا أومن أن كلمة الكنيسة هي كلمة الله في حياتي وطلبات السلطة الكنسيّة هي امتداد لصوت الله في دعوتي وفي مسيرتي التي سأكملها ككاهن.
لذلك أضع كل وزنات الرب فيّ وكل ما اختبرته حتى الآن في خدمة كنسيتي بكل أقسامها على أن يؤدي ذلك دومًا لتمجيد الله وخدمة شعبه المقدّس وتقديس الذات. فأكون بعلاقة بنوّة وانفتاح لعمله في حياتي.

ختاماً، أرجو أن تقبلوا مني يا صاحب السيادة كل دعوات المحبة وصلواتي الدائمة لكم لترعوا هذه الأبرشيّة بإلهامات الروح القدس، وأطلب منكم أن تصلوا من أجلي لكي أكون أمينا على القليل حتى حين ألتقي رب المجد في اليوم الأخير أسمع كلامه يقول لي: أدخل فرح سيّدك!