عندما يتحدّى الرب شباب الكنيسة المارونية في قلب لبنان!

عندما يتحدّى الرب شباب الكنيسة المارونية في قلب لبنان!

تركني انتخاب الخوري أنطوان بو نجم مطرانًا على أبرشيّة أنطلياس المارونيّة متفكّرًا، أنا القريب البعيد من حياة هذه الأبرشيّة.
ما هو القصد الإلهي من هذا الانقياد المجمعي لانتخاب مطرانٍ شاب على أبرشيّة أنطلياس المباركة؟

أبرشيّة أنطلياس شجرةٌ ثمراء في المجال التربويّ، فقد كانت من أولى الأبرشيات التي أطلقت التربية في المدرسة الكاثوليكية باللغة الإنكليزية. وقد كان هذا على عهد المثلث الرحمة المطران الياس فرح الذي كان حريصًا على أن يذهب كهنة الأبرشيّة ليدرسوا الإدارة التربويّة باللغة الإنكليزية في أهمّ الجامعات في العالم، فلا تخلو الأبرشيّة حتّى تاريخه من حفنةٍ من الكهنة المراجع في مجال التربية في لبنان.
وقد كان لراعي الأبرشيّة السابق المثلث الرحمة المطران كميل زيدان، دورٌ رياديٌّ في المجال التربوي على مستوى الوطن لا سيّما عند تولّيه رئاسة الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكية في لبنان.
إذاً، على الصعيد التربويّ، هذه أبرشيّة معلِّمة !

أمّا على الصعيد الكنسيّ، فأبرشيّة أنطلياس المارونيّة كانت كريمة جوّادة إذ أعطت الكنيسة المارونيّة الكثير الكثير من الراهبات والرهبان والكهنة والمطارنة ومنهم غبطة البطريرك الحالي. والوجه الأبقى والأبرز في تاريخ هذه الأبرشيّة هو المطران الكبير الكبير يوسف بشاره الذي بات شفيع الأبرشيّة في الأخدار السماوية، والذي أحفظ له مكانةً كبيرةً في قلبي، أنا الأرثوذكسي المحبّ للبنان وللتراث الشرقيّ السريانيّ المارونّي.
لمن يدرس الكنائس الشرقيّة، يعرف أنّ التقليد الكنسي إنّما يحفظه خيطٌ ذهبيٌّ رفيع ينسجه الروح القدس عبر الزمان. ولعلّ المطران يوسف بشاره هو تلك الحلقة البهيّة لهذه السلسلة الأصيلة التي حفظت التراث المارونيّ في بعده المجمعيّ من المطران يوسف الخوري إلى العلّامة يواكيم مبارك، اللّذَين اختار الله بعدهما المطران يوسف بشاره لكي يُحيي المجمعيّة من بعد أن تأثّر بتعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني. وقد كانت أبرشيّة أنطلياس المارونيّة أولى الأبرشيّات التي أبرزت المجمعيّة إذ كان لها مجمعها الأبرشي وما نتج عنه من تنظيم رعائي وإداري.
إذاً ، على الصعيد الكنسيّ المجمعيّ، هذه أبرشيّة منتظمة ! 

وعلى الصعيد الوطنيّ، يعود " عنفوان " المطران يوسف بشاره ليطبع التاريخ بما قامت به هذه الأبرشيّة من خلال لقاء قرنة شهوان. غير أنّ أهل السياسة خذلوا المطران والكنيسة. من هنا، هذه الأبرشيّة أعطت الوطن الكثير ولو أنّ أولي السياسة فيه لم يحفظوا الجميل. هي أصلاً لم تنتظر أي مقابل، ففي آخر الأمر هي أبرشيّة مارونيّة وهذا لبنان... 
إذاً على الصعيد الوطني، هذه الأبرشيّة شاهدة وشهيدة ! 

بالتّالي على هذه الأصعدة الثلاثة، الأبرشيّة مكتفية بما لها من تاريخ وما فيها من طاقات كهنوتيّة وعلمانيّة، وبما لمطرانها الجديد من محبّة وتواضع ليطلب العضد حيث يحتاجه، وهو لَواجدُه.
ماذا يبقى ؟
يبقى أنّنا في زمنٍ يشهد فيه لبنان أكبر هجرةٍ لشبابه وللعائلات الحديثة الانطلاق في غمار هذا الشرق.
شباب وصبايا، عائلات متبرعمة، قلب الجماعة الكنسيّة، محور حياة الأبرشيّة ... يتركون خيمتهم الكنسيّة إلى أرضٍ غريبة.
الذي يعرف الخوري أنطوان بو نجم، يستطيع أن يقول أنّ الله تحدّى شباب الأبرشيّة بأن أقام عليهم راعيًا مَن هو قريبٌ من قلبهم وهم في قلبه وقد أعطاهم كلَّ شبابه، بل كلّ حياته.
أقول هذا وقد تصوّر أمام عينيّ أكثر من وجهٍ من وجوه الشباب الذين رافقهم الخوري بو نجم في حياتهم الشبابيّة أو الكشفيّة وقد باتوا على رأس شركاتٍ ومؤسساتٍ مشهودٍ لها وأرباب عائلاتٍ تقول المسيح.
فهل سيقرأ الشباب والصبايا قصد الله ؟
هل يهجرون الأبرشيّة التي تربّوا فيها، ليتّصلوا لاحقًا بالمطران بو نجم طالبين إليه أن يهتمّ بأهلهم من بعد أن عجَّزوا؟
أم أنّهم سيفهمون القصد الإلهي ويبقون ليسندوا مطرانهم الشاب بعِلمهم وطاقاتهم، هو الذي لن يضنّ، بما أوتي من مواهب وما وُلّيَ عليه في الأبرشيّة من مقدّرات ليُلهمهم ؟
هل يكوّنون معه علّيقةً مشتعلة من الإيمان والعلم والعمل يُلهبون بها هذا المتن من جبل لبنان - قلب لبنان، فيستقطبوا أنظار العالم؛
وعندها، يصطفّ الكبار قبل الصغار ليتبرّكوا من علّيقة أبرشيّة أنطلياس المارونيّة، من بعد ما يخلعون نعلَيهم لأنّ مطران أنطلياس وشبيبتها جعلوا من أرض المطرانيّة أرضًا مقدّسة، حتّى ولو كلّفهم ذلك الاستشهاد في ميدان هذا الشرق – بيضاء كانت الشهادة فيه أم حمراء ؟ 

ألله قال كلمته بالخوري - المطران أنطوان بو نجم. تحدّاكم الربّ يا شباب أبرشيّة انطلياس المارونيّة.
هل ستكون حياتكم جوابًا حسن القبول أمام سؤال الله الآب في مُحبِّ المسيح المطران أنطوان بو نجم؟ ! 

مع الدّعاء!