إلى سيّد التناقضات

إلى سيّد التناقضات

يا من جعلت من نفسك "الآخر" كيما توجد كلّ آخر

كيف أناديك؟

أأناديك الجديد وأنت أقدم من الزمن؟

أو أناديك القديم وأنت لا تزال تفاجئني بكلّ جديدٍ وتجدّدني؟

يا من يسكن التناقض ويتخطّاه،

كيف لي أن أتكلّم عنك؟

إنّي لعاجزٌ، فأَطلِق العنان لبصمتك الشافية فيّ كيما تباركَك.

أباركك على نعمة الكلام، يا من شقّ صمت العدم بكلمته الحبيبة الخلّاقة.

أباركك أمام كلّ حياةٍ يا مصدر الحياة،

وأقيم صلاتي في العراء كما الخباء.

أمّا إن آثرت الانعزال

فلا لأنّك لا تحضر إلّا هناك، يا أيّها الحضور الأسمى،

بل لأنّني لا أحضر بذاتي أمام ذاتي إلّا في سكينة العزلة.

واعذرني، يا من تسكن ذاتي وتُسكِنها فيك،

عن كلّ مرّةٍ صلّيتُ لانعكاسي لا لوجهك،

وعن كلّ مرّةٍ أقحمتُ كلماتي في صوتك.

أعذر طلباتي يا سيد،

ولكنّي، إن أطلب، فلأنّي عرفتك الصالح كثير النعم.

وإن امتنعت عن الطلب، فلأنّي آمنت بأنّك سبق وأعطيتني كلّ ما لك.

يا أيّها الفقير الأسمى الذي لا يملك شيئا وهو مغني الكلّ،

إن امتنعت عن الطلب، فلأنّي آمنت بأنّك سبق وأعطيتني كلّ ذاتك، يا من أنت الكلّ في الكلّ.

فيا أيّها العامل الذي لا يستريح وفيهِ راحة الجميع،

أيقظني لصنعك فيّ واجعلني حاضرًا لحضورك.

تعال إليّ واجذبني إليكَ.

ضمّ جراحي واخفني بين يديك،

فلا يقصدني أحدٌ إلّا ويجدك،

ولا يقصدني أحد إلّا ليجدك،

أيّها الأصل والمحور والغاية،

لك وحدك المجد إلى الأبد.