صرخةٌ مدويّةٌ... "أنا عطشان"

صرخةٌ مدويّةٌ... "أنا عطشان"

صرخةٌ غير كلِّ الصرخاتِ. صرخةٌ يصرخُها الله وكلُّ مخلوقاتِه: الإنسان، الحيوان والطبيعة. إنّها صرخةُ: "أنا عطشان".

أولًا: هي صرخةُ اللهِ للإنسانِ.

- صَرَختُ هذه الصرخةَ في السامرةِ (يو4، 7) وعلى الصليبِ ( يو 19، 28) لأقول لكَ أيّها الانسان: أنا عطشانٌ لحبِّكَ، عطشانٌ لأرويَ عطشكَ إلى الحياة والخلاص، عطشانٌ للشركةِ والإقامة معكَ في أعماقِ بِئرِك الفارغة والجافة .

-كيف أروي عطشَكَ يا رب وأنا فارغٌ وفي صحراءٍ قاحلةٍ؟

- أعطني فراغَك وصحراءَك، فأعطيكَ ماءَ الحياة الذي يملأ حياتكَ "ويصيرُ فيك نبعَ ماءٍ يتفجّرُ حياةً أبديّة"(يو4،14). 


ثانيًا: هي صرخة الإنسان لله.

- أنا عطشانٌ يا رب في أعماق كياني للسعادة والحب. لا أزواجي الخمسةُ ولا حبيبي الآن إستطاعوا أن يملؤوا فراغي.

- أنا عريسُكِ الحقيقيّ، أنا عريسُكِ السابع. أنا الذي أعطيكِ أيتها النفسُ ماءَ الحياة الذي تبحثين عنه: "كما يشتاق الأيّل إلى مجاري المياه، كذلك تشتاق نفسي إليك يا الله" (مز 42، 1). 


ثالثًا: هي صرخة الإنسان لأخيه الإنسان.

- كم هي حنونَةٌ نظرتُكَ! إستطعتَ وراءَ كلّ الحواجزِ والمعوّقاتِ التي وضعتُها على طريق الحوار معكَ أن تكتشف صرختي: "أنا عطشانة".

-اذهب إلى العمق أيّها الإنسان، فتسمعَ، وراءَ ردّة فعلِ الآخر القاسيةِ والعنيفةِ تجاهك، صرختَه المليئةَ باالألم: أنا المرفوض، المنبوذ والمتروك، عطشانٌ لحبِّكَ. 


"أنا عطشان" صرخة تتخطى الزمان والمكان، وتُخاطب كلُ إنسان، كما خاطبت الأمّ تيريزا قدّيسةَ الفقراء الّتي قالت: العالمُ جائعٌ وعطشانٌ للحبّ أكثر من جوعِه وعطشِه للأكلِ والشربِ. فلنصلّي اليوم قائلين:يا رب، ساعدني أن أسمع صرختَكَ: "أنا عطشان" فأعيَ عطشي العميق لكَ وأشربَ من نبعِكَ فانطلقَ لأرويَ عطشَ الآخر من مائِكَ المحيي وأقودهُ إليكَ، أنتَ نبع الحياة. لك المجد الآن وإلى الأبد. آمين.