إذا بحثت عنك، هل أجدك؟

إذا بحثت عنك، هل أجدك؟

أجمل عبارة نسمعها اليوم: "الله حيّ جاء ليخلّصنا"

عندما نسأل النّاس من هو الله، يجيبون بهذه الطّريقة. لكنّ جاء يخلّصنا، من ماذا؟ فيكون الجواب: "من خطيئتي"

هل أنت فرح اليوم؟ هل تشعر أنّك انتصرت و تخلّصت؟ فيسود صمت و خيبة أمل.


المشكلة اليوم، أنّ الإنسان اعتاد اطلاق الشّعارات و الأمثال عن القيم المسيحيّة او عن حقائق إيمانيّة دون أن يدرك معناها الفعلي، فيغرق بالأقوال و الكلام الجذّاب، وفي الحقيقة هو غير مقتنع أو على الأقلّ لم يختبرها، إنّما اعتاد على قولها. فكلّ ما نقوله اليوم بالأمور الرّوحيّة ينجح، و يتناسب في كلّ أحاديثنا اليوميّة.

الله جاء ليخلّصنا، فهمتها منذ صغري، من خطيئتي، تعلّمتها من صبائي.

لكن كيف؟

ما زلت حتّى اليوم انام على وسادتي باكيّا من شدّة الحزن.

ما زلت حتّى اليوم انظر الى خوف و قلق أهلي ليؤمنّوا الرّزق

ما زلت حتّى اليوم أرى الكذب و الحقد في النّاس.

ما زلت حتّى اليوم لا أستطيع أنّ أقبل من هو مختلف عنّي

ما زلت لليوم موجوع، ما زلت لليوم أعيش خوف و قلق، ما زلت حتّى اليوم أختنق من الحزن الذي يتملّكني، أعيش الكآبة، ما زلت أبكي على طفل صغير قد مات فجأة، أو على مرض شخصٍ عزيزٍ على قلبي. ما زلت لليوم أرى ظلمٌ كبير و عدالة إختفت في عقول البشر. أمام هذا، أين أنت يا الله؟


صرخة، أستيقظ كلّ يوم و أقولها: وينك؟

عن أيّ خلاص تتكلّم؟ عن أي فرح وعدتني؟ إذا كنت فعلًا موجود لتخلّصني، لماذا كلّ هذا؟

أتحبّني؟ كيف تحبّني و أنا أتعذّب؟ ما زلت مكروه و مرفوض من النّاس. خلّصتني؟ ما زلت غارقٌ بضعفي و خائف!

لا يا رب! انت كذبة! انت كذبة خسروا منّي بها ليعلّموني السّكوت و لا أثور على شيء، أنت حجّة لتخدّر العالم. أنت إسم إخترعوه كي نلحق به و نقنع أنفسنا أنّه يوجد شيء أقوى منّا.

لكنّ إذا كنت فعلّا موجود أنا أخاف منك!

أنت ظالم و قاسي! أنت حقود! انت لا ترحم! أنت مستبدّ! و انا لا أريدك بحياتي!

نعم يا ربّ، لا أريدك! هكذا أسمع من الجميع و ما سمعته أخافني، لقد خفت من العالم لأنّهم علّموني أن أخاف منك. لذلك قرّرت أنّ أبحث!

رحت أبحث في أيّ مكان، لأرى إنّ كان النّاس على حقّ، كي أنكرك للمرّة الأخيرة، رحتُ أبحث و أنا مصرّ أنني سأنتصر عليك وأؤكّد للعالم أنّك كذبة.

لكنّ خاب أملي يا ربّ! لأنّي وجدتك!

وجدتك بإصرار مريض، يصارع مرضه

وجدتك بإيمان و رجاء أمّ خسرت إبنها

وجدتك بعنفوان عجوز

وجدتك بتعب وإصرار أبّ على الحياة بوجه كلّ المصاعب

وجدّتك بإجابيّة شاب ما تعب أنّ يبحث عن معنى حياته

وجدتك بقلب طفلٍ صغير يحبّ بدون شروط و مجّانيّة

وجدتك بإيمان أناسٍ كثيرين، ما زالوا يصدّقون أنّهم قادرين أنّ يقدّموا للعالم شيء جديد.

نعم يا ربّ وجدتك في كلّ شيء!

لقد خاب أملي فعلّا، كنت أظنّ أنني سأغلبك، لكنّ عدت رابحّا صورتك الحقيقيّة، هذه الصّورة التي لم أفهمها يومّا!

تبيّن لي أنّك لم تأتي لتخلّصني من الألم، ولا لتوقف دموعي، ولا لتوقف المشاكل و الأمراض أو تقوم بعجائب!

وجدت أنّك جئت تقول لي: "جئت لأحبّك على طريقتي! جئت أزرع الأمل بقلب مريض، جئت أزرع الرّجاء بقلب أمٍّ، جئت أعطي قيمة للعجوز، جئت أزرع إصرار بقلوب النّاس المتعبة... أنا لم آتي لألغي شيء! جئت أعلّمك كيف تستطيع أنّ تعطي معنى لوجعك وتفهم مصاعب حياتك بصورة جديدة معي. فقط لأنّك تؤمن بي وتعرف حقّ المعرفة أنّني قادرٌ أنّ أعمل بك العجائب!"