أخبار اﻷﺑﺮﺷﻴّﺔ

السيامة الأسقفيّة للمطران أنطوان بو نجم

تحت قبّة الصّرح البطريركي في بكركي، وبوضع يد صاحب الغبطة والنّيافة البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي، سيم بعد ظهر الجمعة ٩ نيسان ٢٠٢١ الخوري أنطوان فارس بو نجم مطراناً على أبرشيّة أنطلياس المارونيّة.
القدّاس الاحتفالي حضره لفيف من الأساقفة والكهنة والفاعليات الرّوحية والاجتماعية والسّياسية، إضافةً إلى عائلة بو نجم وأهل قريته هرهريّا والقطّين وجمع من المؤمنين.


عظة الرّاعي

البطريرك الرّاعي قال في عظته: "نجتمع بفرح لنصلّي من أجل أخينا المطران المنتخب لأبرشيّة أنطلياس العزيزة، أنطوان فارس بونجم، فيما يعطي جوابه من القلب ليسوع الذي يسأله، كما سأل سمعان-بطرس: "يا إنطوان بن فارس أتحبّني حبًّا شديدًا مميّزًا؟ وهو يجيب من دون خوف ولكن مع إدراك لضعفه وسقطاته: "يا ربّ أنت تعلم كلّ شيء، وأنت تعلم أنّي أحبّك".
أضاف: "أيّها الأخ العزيز أنطوان المطران المنتخب، أنت تدرك حجم المغامرة التي تخوضها بأن تكون محبًّا للمسيح بشيء من البطولة. هذا تحدٍّ كبير أخذتَه على نفسكَ عندما قبلت إنتخابك من سينودس أساقفة كنيستنا المقدّس، بإلهام من الروح القدس، والشركة الكنسيّة الممنوحة لك من قداسة البابا فرنسيس.
كان يسوع يعرف تمامًا أنّ سمعانَ-بطرس يحبّه من كلّ قلبه، من خلال علامات ومبادرات ظهرت في ظروف مختلفة. فكان السؤال ثلاثًا: "أتحبّني حبًّا شديدًا؟" ليؤكّد هذه المعرفة، وليعلن أنّ كلّ سلطة في الكنيسة والمجتمع والدولة تستمدّ روحها ومعناها وديناميّتها من محبّة الله حبًّا شديدًا ومميّزًا. بفضل حبّ سمعان-بطرس هذا ليسوع حبًّا سابقًا وحاضرًا، إختاره يسوع رأسًا للكنيسة وراعيًا للنفوس التي إقتناها بدمه على الصليب.
هكذا أنت أيّها الأخ العزيز. فالمسيح العارف بجوهر نفسك، ومكنونات قلبك، وأفعالك، دعاك واختارك بنعمةٍ خاصّة لتكون أسقفًا لأبرشيّة أنطلياس العزيزة وأنت إبنها. هذا ما نعلنه في بداية الرسامة: "النعمة الإلهيّة وموهبة ربّنا يسوع المسيح السماويّة تدعو وتختار أنطوان لترفعه من الدرجة الكهنوتيّة إلى درجة الأسقفيّة على كرسيّ أبرشيّة أنطلياس".
هذه "النعمة التي تدعو وتختار" هي مجّانيّة ونابعة من قلب المسيح" الكاهن الأزلي وراعي الرعاة" (1 بطرس 5: 4). ما يعني أنّ الأسقفيّة ليست حقًّا مكتسبًا لأحد، ولا هي هدف في سبيله تنصبّ المساعي.
أجل، عرفك المسيح الربّ منذ دعاك لدخول إكليريكيّة غزير، وأثناء متابعة دروسك الفلسفيّة واللاهوتيّة في كليّة اللاهوت الحبريّة بجامعة الروح القدس الكسليك ثمّ خلال سنوات إختصاصاتك العليا في كلّ من لوبيانو بإيطاليا لمتابعة دورة حول روحانيّة الكاهن مع حركة الفوكولاري، والمعهد الكاثوليكيّ بباريس، حيث حزت على ماجستير في اللاهوت الرعائيّ مع إختصاص في الحوار المسيحيّ الإسلاميّ. وكنتَ في كلّ ذلك تتهيّأ من كلّ قلبك وفكرك وقوّتك، لتكون كاهنًا على صورة المسيح و"وفق قلبه" (إرميا 3: 15).
بهذه الروح إنطلقت في خدمتك الكهنوتيّة والرعويّة في كلّ مكان ومهمّة ومسؤوليّة أُسندت إليك تباعًا من راعيي الأبرشيّة المثلّثي الرحمة المطران يوسف بشارة والمطران كميل زيدان، وواصلتها مع سيادة أخينا المطران أنطوان عوكر الذي تولّى بكلّ تفانٍ رعاية الأبرشيّة مدّة سنةٍ ونصف كمدبّرٍ بطريركيّ.
لقد شملت خدمتك الكهنوتيّة أربعة قطاعات: الخدمة الرعويّة في كلّ من رعيّة مار الياس-ديك المحدي، ومار يوسف العطشانة، وسيّدة النجاة-عين علق، ومار جرجس-الشاوية، ومار روحانا-القنيطرة، فمار الياس-عين عار.
والتعليم المسيحيّ في كلّ من مدرسة مار يوسف قرنة شهوان، وثانويّة بكفيّا الرسميّة.
ومسؤوليّات إداريّة، على مستوى الأبرشيّة منها: رئاسة دير مار جرجس بحردق، ونائب أسقفيّ للتعليم والرسالة، ومسؤوليّة التعليم المسيحيّ في المدارس الرسميّة، ومشرف على راعويّة الشبيبة، ومنسّق للكهنة المتطوّعين في حركة الفوكولاري في لبنان.
ومرشديّات: للطلّاب الثانويّين في مدرسة مار يوسف-قرنة شهوان، ولكشّافة لبنان في المدرسة عينها، ولفريق السيدة في عين عار، وفرقة العائلات الجديدة في الرعيّة إيّاها، ولجماعة الإخوة المريميّين في مدرسة شانفيل-ديك المحديّ.
لقد أعطيتَ، أيّها الأخ العزيز، في كلّ هذه القطاعات، من كلّ قلبك فكسبت محبّة الناس كبارًا وشبيبةً وصغارًا. وهم اليوم يفرحون معك لدعوتك الجديدة، ويعتبرون أنّك مستحقّها ومستاهلها، وهم على الأخصّ يصلّون من أجلك، كما أنت ستحملهم وكلّ الأبرشيّة في صلواتك وقدّاسك اليوميّ الذي تستمدّ منه القوّة والهداية والتعزية.
في رتبة رسامتك عنصران مكوّنان لأسقفيّتك: وضع اليد، ومسحة الميرون.
بوضع اليد، يمتلكك الله ويقول لك: إنّك خاصّتي. أنت تحت حماية يديّ، تحت حماية قلبي. أنت محفوظ في عمق يديّ، وفي متّسع حبّي. فأمكث في مساحة يديّ، وأعطني يديك. ستمرّ في صعوبات متنوّعة في خدمتك الأسقفيّة، ربّما تحملك على شيء من اليأس والتراجع في الحماس. لكن لا تنسى أنّ المسيح يمدّ يده وينتشلك ويعيد إليك الثقة والشجاعة. تذكّر كيف مدّ يده إلى سمعان بطرس، عندما صدمه الصيد العجيب وخرّ على قدمي يسوع قائلًا: "تباعد عنّي أنا رجلٌ خاطئ" كيف أخذه بيده وقال: "لا تخف! سأجعلك صيّاد بشر" (لو 5: 8). بعد كلّ إعتراف بالخطأ والضعف، يضاعف الله مسؤوليّاتنا. تذكّر أيضًا كيف مدّ يسوع يده إلى بطرس وانتشله عندما مشى على مياه البحيرة وأحسّ أنّه يغرق، وصرخ "يا ربّ نجّني!" فأمسك يسوع بيده وانتشله وقال: يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" (متى 14: 39-41). سرّ ويد الرب معك وهي تنتشلك.
أمّا مسحة اليدين بالميرون فهي علامة الروح القدس وقوّته. تُمسحُ اليدان، لأنّ اليد هي أداة العمل، ورمز القدرة على مواجهة العالم؛ وتُمسحان لتكونا في خدمة محبّة الله ولتنقلا عمله الخلاصيّ بواسطة الأسرار المقدّسة. إنّهما بذلك علامة القدرة على العطاء والإبداع عبر المحبّة.
بهذين الفعلين يقيمك المسيح الربّ في مصاف خلفاء الرسل الإثني عشر. وبهذه الصفة أنت موضوعٌ في خدمة الجماعة مع معاونيك الكهنة والشمامسة راعيًا لقطيع المسيح، وباسمه وبشخصه، معلّمًا للعقيدة، وكاهنًا للعبادة المقدّسة، ومدبّرًا للكنيسة (الدستور العقائديّ في الكنيسة، 20). إنّك تسير أمام شعبك كقدوة، ووسط شعبك كواحد منه، ووراء شعبك لتحميه من الضياع والذئاب.
ونختم رتبة الرسامة بإعلانك أسقفًا لأبرشيّة أنطلياس، وبتسليمك شاراتها الحاملة رموز سلطتك وخدمتك".
وختم: "إنّا إذ نهنّئ أبرشيّة أنطلياس العزيزة براعيها الجديد، والسيدة الوالدة والشقيق والشقيقة وعائلتيهما، والمرحوم الوالد الذي يشاركنا من سمائه، وكل الأنسباء، وإخواننا السادة المطارنة أعضاء سينودس كنيستنا المقدّس، نصلّي إلى الله كي يعضد الأسقف الجديد في رسالته، فتكون لخلاصه الشخصيّ، وخير الأبرشيّة، وتمجيد الله الواحد والثالوث الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين"

كلمة بو نجم

وفي نهاية الاحتفال كانت للمطران الجديد أنطوان بو نجم كلمة جاء فيها:
"وَمَنْ أنا يا ربُّ لتختارَني عنْ غيرِ استحقاقٍ لأكونَ رسولَكَ في وطنٍ عالقٍ في عُنقِ الزُّجاجةِ في أصعبِ مرحلةٍ من تاريخِهِ؟؟...
من أنا؟ وما زلتُ أتَهَجَّأُ طريقَكَ وأَسْتَكْشِفُ ملامِحَ وجهِكَ في الوجودِ؟؟
إخوتي في الرَّبِّ...
لقد عِشْتُ خبُراتي مع اللهِ في أكثرِ من مجالٍ: خَدَمْتُ رعيَّةَ مار الياس عين عار منذ حوالي عشرينَ سنةً، كما علَّمْتُ التَّعليمَ المسيحيَّ في مدرسةِ مار يوسف قُرنةِ شهوان، وكنْتُ مُنَسِّقًا لدائرةِ التَّعليمِ المسيحيِّ فيها، فمُرشداً لفوجِ الكشّافةِ، ومُرشداً عامًّا في جمعيّةِ كشّافةِ لبنانَ ولكنَّني لم أُفكّرْ يومًا بأنّني سأصيرُ أُسقُفاً في كنيستي المارونيَّةِ الحبيبةِ.
لا بل كنْتُ أتوقُ الى الحياةِ الرَّهبانيّةِ وأحلُمُ بارتداءِ الإسكيمِ الرَّهبانيِّ الّذي لطالما شدَّني إليه القدِّيسُ شربل. ولم يَدُرْ في بالي أنَّ الرَّبَّ يدعوني لارتداءِ الإسكيمِ الأسقفيِّ لأكونَ أسقفًا راهبًا متجرّدًا لا يهمُّه سوى بِناءِ ملكوتِ اللهِ؛ لرُبَّما كانَ تفكيري بالدَّعوةِ الرَّهبانيّةِ هروبًا منَ الواقعِ المُشَوَّشِ الأليمِ وبحثًا عنِ الرَّاحةِ والسَّلامِ خلفَ أسوارِ ديرٍ، بعيدًا عن ضوضاءِ المجتمعِ وفسادِه.. وإذا بالرّبِّ يسألُني: Quo Vadis الى أين أنتَ ذاهبٌ؟ أُريدُكَ مع شعبي، أُريدُك راعياً لشعبي...
وها أنا اليومَ أقِفُ بينَكُم أُسقُفاً مستعِدًّا لخوضِ مغامرةِ الحبِّ حتّى بذْلِ الذَّاتِ... أليْسَ هذا ما علَّمَنا إيّاهُ سيِّدُنا يسوعُ المسيحِ عندَما قالَ: "ما مِنْ حبٍّ أعظمُ من أن يبذلَ الانسانُ نفسَه في سبيلِ أحبّائِه".
أُمّي الكنيسةُ المارونيّةُ، أنحني قدّامَكِ مُقَدِّمًا كلَّ طاعةٍ وطاقةٍ وحبٍّ، كما لقداسةِ البابا فرنسيس

représenté par Son Excellence, Mgr. Joseph Spiteri, le Nonce apostolique au Liban
الَّذي ثَبَّتَ ووافقَ على انتخابي أسقُفاً في الكنيسِة".
أضاف: "شُكْري العميقَ وطاعتي أرفَعُهُما أيضًا إليكُم يا صاحبَ الغبطةِ والنِّيافةِ أبانا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرسَ الرَّاعي الكُلِّيَّ الطّوبى مع كلِّ إخوتي الأساقفةِ في مجمعِ كنيستِنا المارونيّةِ الَّذي اختارَني لخدمةِ أبرشيَّتي، أبرشيّةِ أنطلياس وتدبيرِها. لَكُم مرّةً أخرى يا آباءَ كنيستِنا شُكريَ القلبيَّ العميقَ ومشاعرَ الاحترامِ والوقارِ".
وتوجّه إلى كهنة أبرشيّته قائلاً: "يا من تَنَشّأْتُ بينَكُم وتَفَيّأْتُ فَيءَ أرواحِكم الطَّيِّبةِ، ها أنا اليومَ بينَكُم أَقِفُ خادمًا وسأَسْعى على مِثالِ سيِّدِنا يسوعَ المسيحِ أنْ أغسِلَ أَقدامَكُم وأكونَ لكُمُ القُدوَةَ كما هو المسيحُ قُدوَتي. تَيقَّنوا أنَّكم ستكونون في قلبي وبالي وصلاتي وما استَطاعَتْ يداي. معًا سنشهَدُ لإنجيلِ يسوعَ المسيحِ، إنجيلِ الفرحِ والمحبّةِ والسَّلامِ. نعلمُ عِلمَ اليقينِ كما قالَ قداسةُ البابا فرنسيس في زيارَتِهِ للعراقِ، أنَّ هُناك فيروسًا أخْطَرَ مِنَ الكورونا يَفتِكُ بشَعبِنا وهوَ فيروسُ الإحباطِ. لكنّ الرَّبَّ أعطانا اللَّقاحَ المُناسِبَ والفعّالَ للقضاءِ عليه أَلا وهو الرَّجاءُ. الرَّجاءُ الَّذي يولَدُ مِنَ المُثابَرةِ على الصّلاةِ ومِنَ الأمانةِ اليوميّةِ لرسالتِنا المسيحيّةِ. معَ هذا اللُّقاحِ نستطيعُ أنْ نذهبَ بعيدًا، وبِطاقةٍ دائمةٍ متجدِّدةٍ، لنَشْهدَ لفرحِ الإنجيلِ. لنَسْمَعْ ما قالَه الرَّبُّ لشَعبِهِ على لسانِ النَّبيِّ آشعيا: لا تخفْ من ضُعفِكَ يا يعقوبُ ومِنْ عدَدِك القليلِ... أنا نَصيرُك... أنا قدّوسُ إسرائيلَ فاديك... لا تخفْ يا يعقوبُ، أنا جبَلْتُكَ، وسَمَّيتُكَ، وجَعَلتُكَ لي. إذا عَبَرْتَ في المياهِ فأنا معَكَ، أو في الأنهارِ فلا تغمُرُك. إذا سِرْتَ في النَّارِ فلا تكويكَ أو في اللَّهيبِ فلا يُحرقُك، فأنا الرّبُّ إلَهُك."
وتابع: "أشكُرُكُم من عميقِ القلبِ أحبَّائي جميعًا، الحاضرين هنا: أصحابَ المقاماتِ الروحيَّة والمَدَنِيَّة، الكهنة والرُّهبانَ والرَّاهباتِ وكلَّ المكرّسينَ، أبناءَ الأبرشيّةِ، وكلَّ الأصدقاءِ والأحبّاءِ، وبخاصّةٍ أبناءَ رعيتي مار الياس ــ عين عار حيثُ خدمْتُ وتعلَّمْتُ أنْ أكونَ كاهنًا للرَّبِّ، كما أشْكُرُ كلَّ الرَّعايا التي خدمْتُها: ديك المحدي، العطشانة، عين علق، الشَّاوية والقنيطرة.
الشُّكْرُ كلُّ الشُّكرِ لمدرسةِ مار يوسف قرنةِ شهوان وعلى رأسِها العزيزُ الخوري شادي بو حبيب وللمعلّمينَ وللأهلِ والإدارةِ والعمَّالِ وقطاعِ النَّقلِ ولتلاميذي الَّذينَ أفتخِرُ بهم كما لكورالِ الشَّبيبةِ في الأبرشيّةِ بقيادةِ إبن الرّعيّةِ الأستاذ مارك مرهج. الشُّكرُ للإكليريكيّةِ البطريركيّةِ المارونيّةِ - غزير حيثُ تَنَشَّأتُ التَّنشئةَ الكهنوتيّةَ ونَمَوْتُ في اختباري الرُّوحيّ وفي الأُخوّةِ الكهنوتيّة، والشُّكرُ أيضًا لحرَكةِ الفوكولاري الّتي كان لروحانيّتِها الفَضْلُ الكبيرُ في تَنشِئتي والّتي لا أزالُ إلى الآنَ أنهَلُ مِنْ يُنبوعِها. والشُّكْرُ لحركةِ التَّجدّدِ بالرُّوحِ القُدُسِ والَّتي عَمِلْنا معًا في أكثرِ مِنْ مُناسبةٍ ورسالةٍ ورياضاتٍ روحيّةٍ وحيْثُ نَسَجْتُ علاقاتٍ روحيَّةً مع الكثيرينَ من أعضائِها. وكيف أنسى الكشَّافَةَ، جمعيّةَ كشافةِ لبنانَ، وفوجَ مار يوسف قرنةِ شهوان وقد كنْتُ لهم الأبَ والمُرْشِدَ وسأكونُ دائماً في خدمتِهم. هذا ما وَعَدْتُهُم بِهِ ولنْ أَخْلِفَ بوعدي ما حَيَيْتُ. الشُّكرُ لرَّعويّةِ الشَّبيبةِ في الأبرشيّةِ وقد عَمِلْنا معًا فبنَيْنا جُسورًا تربُطُنا ببعضِنا البعضِ وبالكنيسةِ. الشُّكرُ للإخوةِ المريميِّين ولمدرسةِ الشّانفيل ـ ديك المحدي وقد عمِلْنا سوّيًا في موضوعِ التَّربيةِ المسيحيّةِ. والشُّكرُ لكلِّ العائلاتِ التي نَسَجْتُ معَها أواصرَ الصَّداقةِ والأخوّةِ في مرافقَتي الرُّوحيّةِ والرَّعويّةِ لها، أخُصُّ بالذِّكرِ فِرَقَ السَّيدةِ والعائلاتِ الجديدةِ واللِّجانِ العائليةِ، وقد كانَتْ ليَ الدَّعمَ المعنويَّ والرُّوحيَّ ولا تزالُ. أُقدِّمُ أَطيبَ الشُّكرِ وأعمَقَه للبطريركيّةِ المارونيّةِ ولكلِّ العاملينَ في دوائرِها من كهنةٍ وعلمانيّينَ وقد حضّروا مع فريقٍ من كهنةِ وأبناءِ الأبرشيّةِ هذا الاحتفالَ بكثيرٍ مِنَ العِنايةِ والاهتمامِ.
وكيفَ أنسى عائلتي وضيعتي هرهريّا والقطّين، مهدُ الدَّعواتِ الكهنوتيةِ والأسقفيّةِ حيث ترَعرعْتُ وكان جدّي الياس ووالِدِي فارس رحِمَهُما الله مثالاً لي بالتَّقوى والإيمانِ، وأمّي تريز أطالَ اللهُ بعمرِها التَّي تعِبَتْ كثيرًا على تربيتي تربيةً مسيحيَّةً صالحةً وهي مثالٌ في الحِكمةِ والتَّمييزِ. وأخي إيلي وعائلتَه في المهجرِ وأختي جوسلين وعائلتَها الَّلذين كانا ليَ الدَّعمَ الكاملَ. وكم أشكرُ الرَّبَّ على عائلتي أي أعمامي وعمّاتي وأخوالي وخالاتي. أفتخِرُ بهذه العائلةِ المسيحيَّةِ المُحِبَّةِ الطَّيِّبةِ.
وأشكُرُ الرَّبَّ على رَعيَّةِ الزَّلقا والحركةِ الرَّسوليّةِ المريميّةِ حيثُ نمَتْ دعوتي الكهنوتيَّةُ، وأخصُّ بالذِّكرِ خادمَ الرَّعيّةِ آنذاك المرحومَ الخوري الياس صليبا الَّذي قدّمَني كإكليريكيٍّ للمُثَلّثِ الرَّحماتِ المطرانِ الياس فرح.
أشكُرُ عَرّابَيَّ في الأسقفيّةِ. أولاً، صاحبَ السِّيادةِ المطران بولسَ نبيل الصَّيّاح. قد كنْتَ ولا تزالُ الأبَ والمرشِدَ لي يا صاحِبَ السِّيادةِ وصاحِبَ القَلْبِ الكبيرِ. والشُّكرُ لكم صاحبَ السِّيادةِ المطران سيمون فضّول وقد رافَقْتَني كعَرّابٍ منذُ الدَّرجاتِ الصُّغرى فالشمّاسيّةِ فالكهنوتِ حتَّى الأسقفيّةِ. شكرًا لك يا أيّها الأخُ الحبيبُ على كلِّ ما عملْتَه لأجلي من مدرسةِ مار يوسف قرنةِ شهوان إلى رعيّةِ مار الياس عين عار وإلى الآن وقد كُنْتَ دائمًا أمينًا واقفًا إلى جانبي.
 وأخيرًا أنظُرُ إلى السَّماءِ مُتَرَحِّمًا على مَنْ سبقونا إلى منزلِ الآبِ وكانوا ذخائرَ قداسةٍ ومِثالاً به نَقتَدي، أخصُّ بالذكرِ المثلَّثَ الرَّحمةِ المُطرانَ الياس فرح الذي ناولني المناولةَ الأولى في مدرستي السّان جورج الزلقا، والذي قَبِلَني إكليريكيّاً في أبرشيّةِ قُبرُصَ آنذاك، والَّذي كانَ لي مثالَ الأبِ الحنونِ؛ وكذلك المثلَّثَ الرَّحمةِ المطران يوسف بشارة الذي رسمَني كاهنًا وكان لي صورةَ الأسقفِ المُتَجَرِّدِ، المُصَلّي، الوطنيِّ والحَازمِ وقد تعلّمْتُ مِنْه الكثيرَ خلالَ إقامتي معَه في المطرانيَّةِ مُنذُ عامِ ١٩٩٢؛ والمثلَّثَ الرَّحمةِ المطران كميل زيدان الذي شرّفَني أنْ أكونَ معَه نائبًا أسقفيًّا للتَّعليمِ والرِّسالةِ وقد كنْتُ له اليدَ اليُمنى في راعويّةِ الشَّبيبةِ في الأبرشيّةِ وكانَ المثالَ الصَّالحَ في التَّنظيمِ والتَّخطيطِ.
في الختام، أتوجَّهُ إليكِ يا أميّ البتولَ مريم واضِعًا بينَ يديكِ أسقفيّتي ورعايةَ النفوسِ والسهرَ على الأبرشيّةِ. إفتحي آذانَنا لنسمَعَ كلمةَ ابنِك، وأَيقِظي فينا الرغبةَ لنقتفيَ خطاه. ساعدينا كي نَشعُرَ بحبِّه لنا فَنَرتميَ بينَ يديه وخاصَّةً في هذهِ الظروفِ الصعبة؛ إزرعي فينا الإيمانَ بقيامةِ ابنكِ، وذكّرِينا أنَّ الربَّ يكونُ دائماً معَ من يؤمنُ به. علّمينا أن ننظرَ الى العالمِ بعيونِ ابنِك يسوعَ فيكونَ هو نورَ حياتِنا حتى نصلَ إلى اليومِ الذي بدونِ ليلٍ.
ربِّ، يا سيّدَ السمواتِ والأرضِ يا عظيمًا بكلِّ ما ظهرَ وما استترَ أضعُ رسالتي بينَ يديك فتعهَّدْها بعينِ محبتِك الساهرةِ وسدِّدْ خُطايَ لأكونَ في حقولِ رضاك. ها أنذا كورقةٍ بيضاءَ بينَ يديك وحياتي سطورٌ فارغةٌ فاملأْها بكلمتِك. آمين".

2021-04-09